أي الخيارين أحب الجنة أم النار


رجلان وضعا نفسيهما موضع الحيرة في الاختيار مابين الجنة والنار يوم عاشوراء ، الأول عمر بن سعد (لع) قبل الواقعة بايام كان في بيته ليلا يفكر في الاختيار ، قلبه يعرف الحق ولكنه لا يريده ، بل يريد خنقه في داخله بيد ملوثة ، كان رأسه كدوّامة ما لها من قرار ، احتسى الخمر ! وهو حائر بأمره ، تمتم بابيات قال فيها :
فواللّه ما أدري وإني لحائرٌ
      أفكّرُ في أمري على خطرينِ
أ أتركُ ملكَ الرّيِّ والرّيُّ منيتي
    أم أرجعُ مأثوماً بقتلِ حسينِ
حسينُ ابن عمي والحوادثُ جمّةٌ
    لعمري ولي في الرّيِّ قرةُ عينِ

كما ينعب الغراب على شجرة يابسة في أرض جرداء ، كانت هذه الكلمة تدوّي في رأسه ، نزعة الجريمة تطفح في عينيه ، أجهده الأرق !!
كانت لا تزال النجوم في السماء عندما خرج من داره لكي لا يسبقه أحد إلى تنفيذ هذه الجريمة ويفوّت عليه فرصة ملك الري وبعد ساعات من الإنتظار وقف فيها كالكلب عندما ينتظر صاحبه لكي يطعمه , كان يقف أمام ابن زياد (لع) ليقول له:
ــ أنا طوع أمرك !!

ولاننسى الثاني عندما خير نفسه بين الجنة والنار .. وهو الحر بن يزيد الرياحي (رح) حين وقف بين العسكرين يفكر اي الخيارين أحب الى نفسه !
وقف والى جانبه المهاجر بنُ أوس فقال للحر :
أتريدُ أن تحمِلَ؟ 
فسكتَ الحر وأخذَتْه الرَّعْدة !
فقالَ له المهاجرُ : إنّ أمرَك لَمُريبٌ ، واللهِ ما رأيتُ منكَ في موقفٍ قَطُّ مثلَ هذا ، وَلَو قيلَ لي مَن أشجعُ أهلِ الكوفةِ لَمَا عَدَوْتُكَ ، فمَا هذا الذي أرَى مِنك ؟
فقالَ الحرُّ: إنّي وَاللهِ أُخيّرُ نفسي بينَ الجنّةِ والنّارِ ، ولا أختارُ على الجنَّة شيئاً ، وَلَو قُطِّعتُ وحُرِّقت.
ثمَّ ضربَ فَرَسَهُ، قاصِداً إلى الحسينِ (ع) ويدُه على رأسهِ ، وهو يقول: 
اللهُمَّ إليك أُنيبُ ، فتُبْ عليَّ ، فقد أرعبْتُ قلوبَ أوليائكَ وأولادِ بنتِ نبيِّك.

الخيار صعب ان تضع نفسك بين ملذات الدنيا ، وبين الدار الآخرة وفيها ترك الملذات والالتزام بالعبادات ومحاربة النفس الأمارة بالسوء .

الجنة تريد ام تريد النار ؟
لو خيرونا بين الجنة والنار الآن‏ فماذا سنختار ، شي طبيعي إننا سوف نختار الجنة قولا باللسان وكفكرة …
يوم الحساب ستشهد علينا أعضاؤنا وكل حواسنا ، جوارحنا ، جلودنا كلها سوف تتكلم !!
وعملنا نجده أمامنا ، وسيعذبنا الله يوم القيامة عما كنا نعمل من سوء بالدنيا

سبحان الله كل شي يتكلم في الآخرة إلا اللسان …
ولنتذكر إننا يومها لا نحشر مع الأهل بل مع الذي كنا نحب في الدنيا !
نحب الصلاة وعمل الخير ام نحب المحرمات والفتنة والنيل من أعراض الناس والنظر الى الفواحش والزنا ؟

فلنعمل صالحا ونغض ابصارنا عن الأعراض ونبتعد عن الفواحش والغيبة والحسد .
ولنحرص على الرفقة الخيرة .. لتنفعنا وإذا أحببنا فلنتحاب في الله ونحب الناس المؤمنة بدين الله .. والتي لا تعصيه لماذا ؟
لكي نحشر معها يوم القيامة !

قال تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) آل عمران 31
وقال :(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) المائدة 54

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَقَالَ : يَارَسُولَ اللَّهِ ، كَيْفَ تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمًا وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ ؟
فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ (ص): المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ .

قال الإمام الصادق (ع) :
إن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور قد أضاء نور وجوههم ونور أجسادهم ونور منابرهم كل شئ حتى يعرفوا به فيقال هؤلاء المتحابون في الله

قال الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري لرفيقه عطية :
[سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول :
من أحب قوما حشر معهم ، ومن أحب عمل القوم أشرك في عملهم ]

و روي عن أنس انه قال :
قال رسول الله : عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب . - المصدر .. الخطيب البغدادي  في كتابه تاريخ بغداد .

وأخرج الطبراني بسنده عن أم سلمة عن النبي (ص) :
من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ، ومن أبغض عليا فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله ... - المصدر .. كتاب (حق اليقين) ج1 ص 295

وقال (ص) وكان بقربه سبطاه الحسن والحسين :
من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة … - المصدر .. الترمذي في كتاب المناقب ح 3666

روى ابن بريدة عن أبيه قال :
كان أحب النساء إلى رسول الله (ص) فاطمة ومن الرجال علي ... - المصدر .. الترمذي كتاب المناقب ح3803
وروى جميع بن عمير التيمي قال دخلت مع عمتي على عائشة فسألت أي الناس كان أحب إلى رسول الله (ص) قالت :
فاطمة
فقيل من الرجال .. قالت :
زوجها إن كان ما علمت صواما قواما … - المصدر .. الترمذي كتاب المناقب ح3809

و روى أنس بن مالك قائلا :
أهدي لرسول الله (ص) طائر مشوي ، فوضع بين يديه فقال :
اللهم ائتني بأحب الخلق إليك يأكل معي
قال أنس فجاء علي بن أبي طالب فدق الباب ، فقلت : من ذا؟
قال : أنا علي.
فقلت : النبي في حاجة .
حتى فعل ذلك ثلاثا ، فجاء الرابعة فضرب الباب برجله فدخل ، فقال النبي (ص) :
ما حبسك ؟
قال : قد جئت ثلاث مرات ومنعني أنس.
فقال النبي (ص) :
ما حملك على ذلك يا أنس؟
قال : قلت كنت أحب أن يكون رجلا من قومي … - المصادر (رقم 1 بالمنشور اللاحق)

وعن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله  يقول في بيتي لعلي (ع) :
لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق .
وقول علي (ع) :
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة انه لعهد النبي الأمي إلي : انه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق … - المصادر .. (رقم 2 بالمنشور اللاحق) 

ونقل عن الصحابة [ابن عمر ، أبو ذر الغفاري ، جابر بن عبد الله ، أبو الدرداء ، أبو سعيد الخدري] انهم قالوا :
ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله إلا ببغضهم عليا … - المصادر .. (رقم 3 بالمنشور اللاحق)

قال تعالى في سورة الحشر الاية 10 :
(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)

اللهم لا تجعل في قلوبنا غيرك وغير نبيك وأهل بيته الاطهار صلواتك وسلامك عليهم أجمعين ..
اللهم آميين