لبنان بين التدويل والتهويل واشنطن وباريس لَم ينسوا بعد تاريخ 23 أكتوبر 1983
مَن كان ليتَصَوَّر أن لبنان وديع الصافي وفيروز والرحابنة والشحرورة صباح سيكون رأس حَربَة الصراع مع الكيان الصهيوني الغاصب؟
مَن كان يَتَصَوَّر أن لبنان السان جورج والكازينو وثلج فاريا وشارع الحمراء أنه سيكون الأسَد الغاضب الذي سيُرعب تل أبيب؟
مَن كان يتوَقَّع أن لبنان السياحة الصغير بالمساحة والعدد القليل من السكان أنه سيكون الخنجَر المسموم في خاصرة أميركا وإسرائيل؟
بكل تأكيد لَم يَكُن هناك مَن يتوقَع كل ما ذكَرت لأن اللذين حكموا لبنان وصاغوا سياسته قرروا أن يطلوه بالألوان الغربية الصهيونية، وأن يجعلوه كباريه الشرق في أبشع صورة لوطن الأرز المقاوم الذي حَفَل طيلة قرون مَضَت بمحطاتٍ مضيئة ومُشِعَّة صَدَّرَ خلالها الحرف وحَكَمَ أبناؤه من ساحل فلسطين جنوباََ إلى أقصى الساحل السوري شمالاََ، حتى جاء الإحتلال الصهيوني لأجزاء واسعه من لبنان عام 1982 ليكشف للعالم أجمع عن وجههُ الحقيقي والصحيح.
[ أن لبنان بيار وبشير الجمَيِّل وكميل شمعون الذي كانوا يعرفونه او سَوَّقوا له ليسَ هوَ وجه لبنان الصحيح والحقيقي،
بَل كان واجهة أميركية فرنسية صهيونية بإمتياز لا تُمثِل الوجه المقاوم الصادم لهذا البلد الصغير.
أولَ مَن أزاح الستار عن جزء مهم من وجه لبنان الحقيقي كانت القِوَىَ اليسارية الوطنية اللبنانية والإسلامية وخاصَةََ أبناء الإمام السيد موسى الصدر من خلال تصديهم لآلة الحرب الصهيونية الضخمة والفتاكة في مثلث خلدة على مدخل بيروت الجنوبي وداخل أحياء العاصمة،
وأفتتَحَ الشهيد القائد خالد عثمان عليوان باب العمليات العسكرية على جنود وضباط العدو من كافيه الويمبي في شارع الحمرا في بيروت وتابع رفاق دربهِ المسيرة من بعده الناصريون والبعثييون وقوميون سوريون والحزب الشيوعي وحركة أمل،
بإستثناء الحزب التقدمي الإشتراكي الذي يتزعمه وليد جنبلاط رئيس الحركة الوطنية اللبنانية آنذاك، نأى بنفسه عن مواجهة الجيش الصهيوني وأستقبل آرييل شارون في قصره في المختارة وكلفَ الوزير أكرم شهَيِّب كضابط إرتباط مع الجيش المحتَل وكل ما ذكرت مُوَثَق بالصوت والصورة.
**أنزَلَ الأميركيين والفرنسيين قواتهم في بيروت ضمن عديد القوات الدولية التي وصلت الى العاصمة بقرار أممي رقم (521) وتمركزوا في مطار العاصمة جنوبي بيروت بينما تمركزَ المظليين الفرنسيين في منطقة السان السيمون مبنى(دراكار) فظَنَّ اللذين خططوا للإجتياح وساندوه ودعموه أنهم فازوا بإحتلالهم الجنوب وبيروت وأجزاء من البقاع الغربي وبإخراج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية منهم،
ولكنهم فوجئوا بما كانوا لا يتوقعون حيث فاجئهم الإستشهادي إسماعيل صباح يوم الأحد 23/أكتوبر 1983 في تمام الساعة السادسة وإثنين وعشرين دقيقة وفَجَّرَ شاحنته المليئة بالمتفجرات داخل مقر المارينز بعدما أجتاز كل الحواجز والعوائق ووصل الى الداخل،
وبعد الإنفجار الأول بدقائق معدودة دَوَى إنفجار ثاني في مقر المظليين الفرنسيين على مقربة من التفجير الأول وسقط خلالهما 251 قتيلاََ أميركياََ من جنود المارينز بينما سقط الباقون جرحى بينهم 128 حالة حرجة توفيَ منهم فيما بعد 13 جندي ليصبح العدد 264 قتيل أميركي.
بينما سقط 58 مظلي فرنسي وعدد كبير من الجَرحَى فأعلنت منظمة تطلق على نفسها الجهاد الإسلامي في لبنان مسؤوليتها عن الهجومين،
[في نفس الوقت الذي كانت عناصر من حركة أمل تخوض مواجهات شرسة مع جنود المارينز في محيط مطار بيروت وكلية العلوم الجامعه اللبنانية في منطقة الحدث شرق جنوب الضاحية.
إنسَحَبَت قوات المارينز من بيروت على عَجَل وتركت معداتها في مواقعها من دون أن تفككها حيث سيطرَ عناصر من حركة أمل عليها جميعاََ،
كما غادرت القوات الفرنسية على عَجَل لبنان تحمل معها جثث قتلاها في النعوش.
اليوم يُتحِفنا قليل الإنتباه قصير النظر مانويل ماكرون بخبر تدويل القضية اللبنانية ويطالب بإدخال قوات وصاية دولية عليه إلى الأراضي اللبنانية والتمركز على طول الحدود اللبنانية السورية الممتدة من شبعا حنوباََ إلى أقاصي جبال عكار شمالاََ مروراََ بسلسلة لبنان الشرقية في البقاع التي تفصل الأراضي السورية عن اللبنانية بهدف محاصرة حزب الله ومنعه من التواصل مع عمقه الإستراتيجي الذي يوصله بطهران!
ماكرون لَم ينتبه أو أنهم لَم يلفتوا نظره إلى تاريخ ٢٣ تشرين اول المجيد عام ١٩٨٣، وكأنه لَم ينتبه إلى تاريخ ٢٥ أيار عام ٢٠٠٠!
أو أنه لَم تصله أخبار حرب تموز عام ٢٠٠٦ وتجليَّاتها.
ماكرون المفتون لَم يصحىَ من صفعة باريس؟ فربما أنه يحتاج إلى صفعه أخرىَ من بيروت قد تَرُد له عقله وذاكرته وتخبره مَن هي بيروت اليوم.
وفي حال لَم يتبرع أحد ليشرح للماكر ماكرون مَا هي هوية بيروت اليوم فنحن سنخبره بأن بيروت اليوم ليست بيروت بشير الجمَيِّل ولا أخوه أمين ولا أبوه بيار،
بيروت اليوم هي بيروت خالد عليوان، وبلال فحص، وسناء محيدلي، وأحمد قصير، والشيخ أسعد برو،وعلى حسين صفي الدين، وعامر كلاكش، وهيثم دبوق،
هي بيروت المقاومَة، بيروت عماد مغنية والحاج ذو الفقار، وهادي نصرالله، وأبو علاء البوسنة، وعلي صالح، وحسان اللقيس،
بيروت اليوم فيها السيد حسن نصرالله الذي إن رفَع إصبَعَه وأعطى إشارة البدء بالحرب، سترتفع عنكم الرحمة وتختفي البسمة وتغادرون أفقياََ وليسَ كما تأتون.
[ فكروا ملياََ وتفكروا جيداََ فإن وجه العالم يتغيَر وجنون العظمة لن ينفعكم]
التعليقات