حقوق الإنسان وحرية الضمير في البلدان العربية (3/3)


إن العقل السائد ينصب عند بعض الفقهاء أو غيرهم ممن يعتبرون أنفسهم محتكرين للحقيقة الدينية ووصايا على الناس وأحياناً حكّاماً باسم الدين، الأمر الذي يخولهم لمعاقبة كل من يخالفهم في الرأي والفكر مستندين إلى فتاوى قديمة أو حديثة تلائم أهوائهم ومفاهيمهم ما يجعل حقوق الإنسان مهدورة في هذا السياق.

وبطبيعة الحال الإسلام أول من نادى بـ حقوق الإنسان، والإسلام براء من كل هذه الحركات والقرآن الكريم يحوي العديد من النصوص التي تدل على ذلك، كما في قوله تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وقوله تعالى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).

وبما يتعلق بحماية حرية المعتقد أو الضمير من الناحية الإيجابية، يمكن القول إن سلبية الدولة يمكن أن تكون مناقضة لهذه الحرية في الحالة التي يغامر فيها عمل الدولة بإفراغ الحرية من مضمونها، وفي هذه الحالة ولكي تعيد الدولة التوازن، تكون ملزمة بموجب مبدأ الحياد نفسه لمنح مساعدات مادية (لتعليم الدين مثلاً) أو أن تُملي بعض القواعد الخاصة في شأن بعض خيارات الفرد كتأمين حق من حقوق الإنسان خاصته كعدم الرضوخ للخدمة العسكرية في بعض البلدان خاصة في زمن السلم.

وقد بذل التشريع الفرنسي الجهد لحصر ميدان تطبيق القانون، الأمر الذي أوجد وضعاً يصعب الأخذ به لأن شطراً كبيراً من المناهضين للخدمة فوضويون يرفضون الجيش بصفة مؤسسة، خاصة لأن هناك أشخاص يطالبون بمناهضة ذلك (غريزياً).

بالتالي إن حقوق الإنسان مقتصرة على ما تسمح به الدولة من عدمه، فقد تتدخل الدولة في آراء بعض الموظفين الذين تستخدمهم، كما انها في ميادين أخرى قد تفرض على السكان قواعد معينة، كأن توظف في مؤسسة ما أصحاب ديانة معينة، ما يعني أنها قمعت حرية المعتقد الذي تدعي مناداتها به، ففي البلدان العربية يتم اتباع هذا النهج لا سيما تلك البلاد التي يسود فيها حزب معين يعتبر نفسه الحزب الحاكم أو القائد أو الموجه، وحتى اليوم لم يتلاشَ أو يختفي هذا النظام المتبع رغم أن الشعوب لم تعد تنخدع بذلك في ضوء ارتفاع الأصوات التي تريد تفعيل الحريات في وجه النظم الحاكمة.