سد النهضة قنبلة مائية بوجه مصر والسودان
بين الثابت والمتغير الكثير لما يحمله من آفاق جديدة ورياح آتية. فالعناوين والمصالح متشابكة إقليمياً وعالمياً وإن الضرورات تحتاجها بعض الدول لما لهذه الدول من مصالح تتغير سياساتها حسب مصالحها.
وقد ألقت قضية سد النهضة بظلالها فى الأروقة العالمية لجمعية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وغيرها من المنظمات والدول وسط تشابك العلاقات والمصالح التي تتغير.
إثيوبيا دولة فقيرة اقتصادياً وليس لها وجود سياسياً واتخاذها قرار التحدي في موضوع سد النهضة أمام مصر والسودان معاً يضع علامات استفهام خطيرة في هذا الموقف والمضي قدماً وحجب المياه عن مصر والسودان له دلالات كبيرة والتعنت الإثيوبي في سد النهضة ورفض كل الاقتراحات المقدّمة للحلول من دول إقليميّة أو دوليّة عدة يعطينا مؤشرات أن هناك دولاً لها مكانتها العالمية تدعم إثيوبيا وتحرّض على مصر بشكل كامل.
أما المؤشر الآخر أن مصر مستهدفة جغرافيا وسياسة كقوة إقليمية ويجب النظر للموضوع بعين فاحصة. فمصر استخدمت الدبلوماسية الهادئة وتعرف ما يترتب عليها فى موضوع سد النهضة وبعض الدول العالمية تنتظر من مصر في أي لحظة حماقة وكذلك من السودان لتدويل هذا الخطأ وليس لتدويل سد النهضة. وهناك حرب كونية في المنطقة يمكن تسميتها بحرب المياه وبدايتها من مصر والسودان وإثيوبيا.
إن تحويل قضية سد النهضة الى الاتحاد الأفريقي كان قراراً سيئاً من حيث العمق وقد عرض موضوع سد النهضة على الاتحاد الأفريقي من ٩ سنوات أي منذ بداية الأزمة، لوضع مصر والسودان أمام قنبلة مائية خطيرة وصعبة الحلول. إذ هناك فرز حقيقي على المستويين الإقليمي والدولي وهناك اصطفافات سياسيّة تجاه المصالح الكونيّة وفي قضايا سياسية عدة. وتعتبر مصر مستهدفة على كل الأصعدة بما فيها القنبلة المائية التي هي الأخطر بالصراعات الدولية وهي مستهدفة من قبل المساهمين ببناء سد النهضة. ومن ضمن هذه الدول الاحتلال الاسرائيلي بالقنبلة المائية التي أعدّت لضرب مصر باسم سد النهضة الأثيوبي تحت مسميات مختلفة لما لها من دلالات جيوسياسية وتأثيراتها غير العادية في وجه السياسة المصرية وإن إسرائيل هي في قلب المشهد السياسي الإثيوبي ومحاولات إضعاف مصر او حتى التحكم بكل سياساتها عبر القنبلة المائية الموجهة لمصر والسودان معاً.
الاستثمارات العالمية في سد النهضة من قبل أطراف إقليميّة وعالميّة ذات مصالح اقتصادية وجيوسياسية. وهذا إنكار لمصر والسودان لحقوقهم المائيّة. وهذا يعني انتهاكاً وتشجيعاً على الانتهاك من قبل الأطراف المستثمرة والتي تدعم الجيش الإثيوبي بالأسلحة والتدريب. وغير وهذا إعلان حرب حقيقية على مصر والسودان والمتمثلة في روسيا وإسرائيل معًا ذات الطابع العنيف.
إن عجز الحلول والذهول الى متغيرات سياسية وتقديم مساهمة حادة بالحلول الراهنة إزاء سد النهضة والمصالح المتشابكة للدول المساهمة لسد على شكل هبات أو مساعدات او غيرها من الأساليب هو إنكار وتشجيع للتعنت الإثيوبي التي تنظر لمصالحها الخاصة على حساب الشعب السوداني والمصري. وتتجلى في:
1- الحوارات العالمية والأفريقية على مدار سنوات منذ عام ٢٠١١ م حتى عام ٢٠٢١م لم تفض الى أية نتيجة لحل قضية سد النهضة فلا توجد مرونة او أية بادرة لخطوات تنفيذية تفضي لحل الازمة المستعصية.
2- عدم وجود جدول زمني للحل يضع كل الاطراف على مفترق طرق.
3- يجب أن يكون هناك توافق بين مصر والسودان _اثيوبيا ملزم لكل الأطراف متفق عليه على ملفات الرزمة الشاملة.
4- مراعاة التباين في الظروف وبخاصة من حيث بنية ومهمات احتياجات مصر والسودان.
مصر والسودان حاولتا وبعدة طرق حل موضوع سد النهضة بالحوار المباشر أو عبر عدة دول أفريقية للحفاظ على حسن الجوار وعدة دول افريقية تدخلت لحل الأزمة وتقديم اقتراحات متنوعة إلا أن التعنت الإثيوبي ما زال يراوح مكانه.
إن الأطراف الداعمة لسد النهضة تسعى بكل ثقلها الى مكاسب اقتصادية خاصة على حساب حق مصر والسودان بالمياه ومصر والسودان تكونان أسيرتي الموقف السياسي للمستثمر الأجنبي وما خلفهما ومن يسعى لحماية السد بقوته العسكرية وهناك أطراف عالمية تستثمر بسد النهضة وتسعى للحفاظ على علاقات سياسية مع مصروالسودان.
إن اتباع سياسة الحصار والخنق المائي لمصر والسودان تحدّ كبير لمصر بصفتها محورية في الشرق الاوسط وأفريقيا ولها دور سياسي، وكان الرد من وزير الخارجية سامح شكري الذي اعتبر أن السد يشكل تهديداً وجودياً بالنسبة الى مصر ومطالباً باتفاق ملزم قانونياً بالنسبة الى اثيوبيا فيما يتعلق بالسد. وقال الوزير المصري إن المسار التفاوض الذي يقوده الاتحاد الافريقي وصل الى طريق مسدود.
الصمت الدولي واللعب على الحبال هو تلاعب سياسي ومؤامرة كونية تستهدف مصر بحضورها السياسي والحيوسياسي وإن الحرب جاثمة بين الدول العلاقة, وإن المصالح هي اللاعب الأساسي بالعلاقات الدولية دون النظرالى اية اعتبارات قانونية او انسانية وان مشروع سد النهضة هي حياة او موت لمصر وعمل معادٍ لها.
*محلل سياسي من فلسطين.
التعليقات