امنيات وليست نصائح (١٠)
حماية شبكة الاعلام
بدات بنشر هذه المقالات يوم الاربعاء ١٣ تشرين الاول من هذا العام. وحين جعلت شبكة الاعلام موضوع الامنية العاشرة لم يكن يدور بخلدي ان الشبكة سوف تشهد تطورات دراماتيكية قبيل كتابة هذه الحلقة. ولكن هذا ما حصل. فقد قرر مجلس الامناء انهاء تكليف نبيل جاسم لرئاسة الشبكة، الذي هرول بدوره الى محكمة القضاء الاداري ليأخذ منها في نفس اليوم امرا ولائيا بايقاف تنفيذ قرار مجلس الامناء، فيما رد رئيس الوزراء على مجلس الامناء بتكليف الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء بإعداد مشروع قانون لتعديل قانون شبكة الإعلام العراقي النافذ، وبما يتضمن إلغاء مجلس الأمناء في الشبكة، وإعادة تنظيم بنيتها الإدارية. وهكذا تحول ما بدأ كاشكال بين مجلس الامناء ورئيس الشبكة الى نزاع وتحدي بين مجلس الامناء ورئيس الوزراء. وقد كشفت خطوة رئيس الوزراء عن نزعة عدوانية وهجومية وتدخل سافر في شؤون شبكة الاعلام العراقي بهدف السيطرة عليها، وتسخيرها لمآرب واهداف رئيس الوزراء.
اثرت هذه التطورات على مخطط كتابة هذا المقال. فاذا تولى الكاظمي رئاسة الحكومة الجديدة فليس عندي امنية اقدمها له، لاني يائس منه بعد ان تم انكشاف نواياه ليس فقط ازاء الشبكة، وانما ازاء العراق كله. فالرجل، رغم امكانياته الثقافية والعلمية والسياسية والقيادية المتواضعة جدا، يبدو انه عازم على السير في الطريق الذي سار فيه صدام حسين وانتهى الى اقامة دكتاتورية فردية مطلقة وعبادة للشخصية تنافس الله. هذا مع يقيني انه لن يستطيع تحقيق ذلك.
انما انا اتوجه بالامنية-النصيحة الى حكومة لا يرأسها الكاظمي او من هو على شاكلته بخصوص شبكة الاعلام، وعلى النحو التالي:
اولا، ان تدرك الحكومة الجديدة الفرق بين اعلام دولة واعلام الحكومة، وان تعرف ان شبكة الاعلام تندرج ضمن عنوان اعلام الدولة، او ما يعرف باسم البث العام، وليست ضمن اعلام الحكومة، ولا الناطقة باسم الحكومة، ولا خاضعة لسلطة الحكومة، وان علاقة رئيس الوزراء بالشبكة لا تمر من خلال المادة ٧٨ من الدستور، التي تقول:"رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بادارة مجلس الوزراء، ويترأس اجتماعاته، وله الحق باقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب"، وانما من خلال القانون رقم ٢٦ لسنة ٢٠١٥ الذي ينص على استقلالية الشبكة.
ثانيا، ان تحرص الحكومة على ابعاد الشبكة عن المحاصصة الحزبية او العرقية او المذهبية، خاصة على مستوى اختيار رئيسها او تعيين اعضاء مجلس الامناء او تغطياتها الخبرية.
ثالثا، ان تدرك الحكومة ان الشبكة تتمتع بالاستقلالية بمعنى "القدرة المالية والتحريرية والادارية على ممارسة العمل، بما ينسجم ويتناسب مع خصوصية العمل الاعلامي، وبدون الخضوع للمؤثرات الخارجية أو النوازع الذاتية أو الانحيازات الشخصية، وبشكل محايد.". وبناء على هذا يجب على الحكومة ان تتوقف عن التدخل بشؤون الشبكة.
رابعا، ولما كانت الشبكة احدى مؤسسات الدولة، ولما كانت الحكومة مسؤولة عن الدولة، فان عليها ان تقدم الدعم المالي والتقني والقانوني اللازم للشبكة، بدون ان تتخذ من هذا المال وسيلة للضغط على الشبكة.
خامسا، ولما كانت الشبكة احدى مؤسسات الدولة، ولما كانت الحكومة احدى مؤسسات الدولة الاكثر اهمية ودورا في الدولة والمجتمع، فان على الشبكة ان تغطي اخبار الحكومة بشكل منصف وعادل، وتوصل صوتها الى الجمهور بشكل امين، استنادا الى نص قانون الشبكة الذي يقول: "اعلام الجمهور بالتطورات السياسية والاجتماعية والثقافية والصحية والرياضية والدينية وغيرها بمهنية ومصداقية وحياد وموضوعية." الشبكة ليست معارضة للحكومة ولا مناوئة لها.
سادسا، ان تدرك الحكومة ان "مجلس الامناء" هو المؤسسة الاهم داخل الشبكة والمسؤول عن حماية الشبكة من كل اشكال التدخلات وفي مقدمتها تدخلات الحكومة، بموجب قانون الشبكة الذي ينص على ان "مجلس الامناء: هو المجلس المسؤول عن رسم السياسات العامة في الشبكة ومراقبة عملها والحفاظ على استقلاليتها بما يضمن تحقيق الاهداف المحددة بهذا القانون ويعبر عن مصالح الشعب ويعمل حاجزا يفصل ما بين الشبكة ومصادر الضغط الخارجية." وان حله يمثل خطوة كبيرة الى الوراء.
التعليقات