تقرير "الخلاف الجديد بين السعودية والامارات وتاثير ذلك في اوضاع المنطقة"



تقرير  يتضمن  آراء الكتاب والمحللين السياسيين لمجموعة معهد طهران للدراسات والأبحاث الدولية، في حلقة النقاش التي جرت يوم  الثلاثاء الموافق ٢٠٢١/٧/٦ والتي حملت العنوان  "الخلاف الجديد بين السعودية والامارات وتاثير ذلك في اوضاع المنطقة".. اذ شارك عدد من المراقبين للشان السياسي حول موضوع النقاش وكانت لهم اراء مختلفة، حول مستقبل العلاقات بين الرياض وأبوظبي.

حيث أكد الكاتب والمحلل السياسي يونس الكعبي ان "لم تكن العلاقات السعودية-الإماراتية يوما علاقات "أخوية" قائمة على التفاهم والتنسيق الكامل، فمنذ قيام دولة الامارات وهي تتطلع إلى اليوم الذي يمكّنها من استعادة أراضيها الغنية بالنفط والتي سُلبت منها بمساومة والتفاف سعودي تطبيقًا لمبدأ "الأرض مقابل قيام الدولة" -اتفاقية جدة ١٩٧٤- إضافة للكثير من الخلافات. إلا ان الدولتين اللتين نجحتا طيلة سنوات في إخفاء الصراع "كجمر الصبر تحت رماد المصلحة" لم يعد باستطاعتهما ستر التنافر بينهما، فقد وصلت الخلافات إلى القرارات الاستراتيجية وعلى أكثر من صعيد."

من جانبه يقول المحلل السياسي غسان الاستانبولي، إن "تلى ذلك اتفاقية جدّة بين الرياض وأبو ظبي عام ١٩٧٤م، والتي قضت بمقايضة الإعتراف السعودي بالإمارات كدولة، مقابل أخذ مساحة من الأراضي الإماراتية الغنية بالنفط في المنطقة الحدودية بين البلدين، وقد حاولت الإمارات لاحقاً تصحيح تلك المعاهدة لكنها لم تنجح، حيث تعرضت لضغوط سعودية مثل منع السعودية الإماراتيين من دخول أراضيها في العام ١٩٩٩م، وغير ذلك من ضغوط. استمر الصراع حتى هذا الوقت بشكل مكشوف حيناً، وبشكل خفي أحياناً لكنه ظهر جليّاً خلال العقدين الأخيرين، إذ أن السعودية تعتقد أنّ الإمارات لا يمكن أن تُقارن بها، سواء من حيث المساحة الجغرافية وعدد السكان، أو من حيث المركز الديني، وذلك بحكم تواجد أهمّ المراكز الإسلامية ضمن أراضيها، والمؤسف أن السعودية تستغل وجود تلك المقدسات كورقة تستخدمها مع أيّة دولة تختلف معها، كما حدث مع السوريين حين منعتهم من الحج أثناء الحرب على سوريا."

واشار الى ان " الخلاف الأخير فقد برز في القمّة الأخيرة للدول المصدرة للنفط " أوبك "، حيث ترغب السعودية، وبدعم روسي، في إبقاء تصدير النفط بنفس المستوى، بينما تُصر الإمارات، وبدعم غربي، على زيادة كمية التصدير. صحيح أن السعوديين يقلّلون من شأن هذه التوترات والخلافات، ويجيّرونها لأزمة كورونا، أو أنها مجرد خلافات سياسية، أو خلافات بوجهات النظر، ولكنها في الحقيقة أكبر من ذلك بكثير."

أيضاً يعتقد المحلل السياسي محمد فخري المولي ان "الإمارات بعد انتهاء حقبة الشيخ شخبوط بالسبعينات وتولي زايد الحكم كانت له رؤى جديدة للامارات المتحدة فتم له ذلك كانت السعودية متقدمة اداريا وتنظيميا على الإمارات لكن عودة هونك كونك للصين بعد شبه استقلال اقتصادي انتهى بالعودة فبيعت كل أصول الشركات الى الإمارات هذا الامر جعل الإمارات تتحول للخط الأول الاقتصادي والمالي بعد كانت الكويت والسعودية بالصدارة، هذه الصدارة ادت لتغيير قواعد إدارة الملفات الأمنية ومنها أمن المنطقة واليمن. طبعا ضمن المعادلة وهذا جوهر الإختلاف ، طبعا الإمارات عكست موازين القوى الاقليمية باتجاهها نحو الجمهورية الإسلامية لأنها درسة التوازن الإقليمي والعالمي الجديد."

من جانب آخر المحلل السياسي و الأستاذ الجامعي دكتور علي حكمت شعيب يقول أن "قد يتفهم المرء الخلاف السعودي التركي تنافساً على زعامة العالم الإسلامي لدولتين لديهما قوة ناعمة متمثلة بالمذهب الوهابي المشرف على الحرمين الشريفين وذي الامتداد في العالم الإسلامي كما هي حال السعودية أو بالتيار الإخواني الممتد أيضاً على مساحة العالم الإسلامي كما هي حال تركيا. ومن الطبيعي حصول هذا النزاع بينهما لأن حركتهما تجاه الإمساك بزمام قيادة العالم الإسلامي هو من صلب سلوكهما الاستراتيجي. اما بالنسبة للإمارات والسعودية فلا تكافؤ بينهما أي لا إمكانية لأن تربح الإمارات هذا التنافس. ولا عقلانية بالأصل لوجود هذا التنافس بين صديقين متعاونين في مجلس التعاون الخليجي ومؤتمرين بقرارات الرئاسة الأمريكية وأحدهما أعني السعودية لها من نقاط القوة المعنوية والمادية والبشرية ما يفوق الإمارات بأضعاف مضاعفة. لقد ركبت الإمارات مركب السعودية فلم تختلف معها زمن ترامب وساعدتها في حصارها لقطر وفي حربها مع اليمن. واليوم أثناء رئاسة بايدن تحاول الإمارات التمايز. لا يرى المرء في الأمر إلا رغبة أمريكية في إضعاف محمد بن سلمان المتحالف الدائم مع ترامب القوي الذي يستثمر بشكل جيد الانقسامات الأمريكية ليظهر في اللحظة المناسبة قبل الانتخابات الرئاسية القادمة مشكلاً تهديداً عظيماً للديمقراطيين. من هنا قد تتشكل قناعة أن فريق بايدن يريد إضعاف صديق عدوه بإثارة خلافات بينه وبين الإمارات التي تدخل هذا النزاع مرغمة على ما يبدو. وهذا النزاع قد يكون له نهاية واحدة وهو انتقال العرش السعودي من محمد بن سلمان الى محمد بن نايف المنسجم مع بايدن وفريقه."

قال المحلل السياسي سعد الزبيدي أن" قرار المصالحة السعودية القطرية التي ترى فيها الإمارات انها تمت باتفاق مباشر ما بين السعودية وقطر مع تهميش واضح للإمارات وبحرين ومصر ايضا في الجهة المقابلة هناك فتور كبير مابين السعودية والإمارات وتنامي عودة العلاقات مابين قطر والسعودية مما عدته الإمارات صفعة من الحليف الاستراتيجي التقليدي. ومازاد الطين بلة القرار الذي اتخذته الرياض بضرورة نقل جميع الشركات العاملة على أراضيها من الإمارات إلى السعودية واي شركة تخالف هذا الأمر سيتم الحظر على جميع أعمالها وهذا ما اعتبرته الإمارات ضربة قاضية لاقتصادها وامارة دبي على وجه الخصوص لأن معظم الشركات السعودية موجودة في إمارة دبي."

وختم بقوله أن "من يعتقد أن عودة العلاقات السعودية الإماراتية إلى سابق عهدها وأهم جدا فالمصالح هي من تحدد من العدو ومن الصديق والحروب الاقتصادية هي من تبني العلاقات ما بين الحكومات ونتيجة لتدهور العلاقات فمن البديهي أن يكون مجلس التعاون الخليجي وصل إلى موته سرسريا وربما سنشهد تغيرات كبيرة في المنطقة وولادة تحالفات جديدة تغير من شكل المنطقة وربما لن يكون لأمريكا وإسرائيل موقع قدم فيها."

من جهته يؤكد المحلل السياسي محمد الياسري أن: "الامارات اندفعت بالضغط على السعودية بعد اعادة العلاقات بين الاخيرة وقطر بعيدا عن الامارات ومحاولات الرياض في تاسيس شركة طيران جديدة تنافس ابوظبي والدوحة وهو ما اعتبرته الامارات تهديدا لها فضلا عن اصرار الرياض على نقل مقرات الشركات المتعدة الجنسيات الى السعودية وما تلاها من ايقاف الرحلات بين البلدين وتعديل السعودية لقواعد الاستيراد من الخليج ، مع اصرار الكيان الصهيوني على نقل العلاقات السرية بين الرياض و"تل ابيب" الى العلن ، كل هذه الاسباب كانت كافية لدى ابوظبي لاظهار الوجه الاخر للرياض. 
الكيان الصهيوني يواصل ضغوطه على السعودية للالتحاق بالمطبعين وخصوصا بعد غرقها في المستنقع اليمني وهذا يشبه الى حد ما الضغوط الخليجية على النظام البعثي المقبور مطلع التسعينيات وغزو الكويت بعد ان خرج مثقلا بالديون من الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية في ايران."

اوضح المحلل السياسي محمود الهاشمي أن "واحدة من مشاكل دول الخليج ومنذ عام ١٩٦٨ -اي منذ تبادل ادوار الاستعمار بين اميركا وبريطانيا -وتعاظم الدور الاميركي انها تعتقد ان جميع الحلول بيد الولايات المتحدة، الآن و بعد تراجع النفوذ الاميركي خلال العقد الاخير على مستوى الاقتصاد والسياسة وصعود التنين الصيني وثبات روسيا وحفاظها على ارث الاتحاد السوفيتي  وصمود الجمهورية الاسلامية وتنامي روح المقاومة وخسائر اميركا العسكرية بالعراق وسوريا واليمن وفلسطين وافغانستان 
واعلان الرئيس السابق ترامب (لم يعد الشرق الاوسط من اولوياتنا ولا نفط الخليج ذو اهمية)
ادركت دول الخليج انها ذاهبة الى المجهول 
فيما عجزت ان تجد الحلول لنفسها بنفسها او مع دول المنطقة فدفعتها اميركا الى (التطبيع) للبحث عن بدائل للحماية الاميركية وارتبكت العلاقات فيما بينها فماعاد لمجلس التعاون من تأثير وضعف التأثير السعودي على دول الخليج ،فمرة تزور السعودية روسيا للبحث عن بديل للاسلحة الاميركية ومرة تدعو للعلاقة مع ايران واخرى تهدد بعض دول الخليج وعجزت من ايجاد حل لحربها مع اليمن." 

اشار الباحث والمحلّل السّيّاسيّ نبيل أحمد صافية ان " الخلاف برأيي سياسيّ أكثر منه اقتصاديّ ، فهناك خلاف بينهما في السّياسة الاقتصاديّة والسّياحيّة والسّياسة العامة التي بدأت المملكة السّعوديّة تعتمدها في حالة الانفتاح السّعوديّ ، ورأينا أيضاً انسحاب الإمارات من الحرب على اليمن _ وكما ذكرت قبل قليل _ لن يصل الصّراع أو الخلاف لحالة قطع العلاقات الدّبلوماسيّة بين الحكومتين أو الدّولتين."

وأكد الى أن" الخلاف لن يستمرّ طويلاً بين الدّولتين ، وسرعان ما يعود الطّرفان للاتّفاق رغم استمرار الحرب الباردة بينهما ، ولننتظر قادم الأيّام وما ستحمله للمنطقة في ضوء المتغيّرات السّياسيّة والاقتصاديّة القادمة ، وتكوّن عالم جديد ضمن مرحلة ما بعد كورونا ، وربّما تشهد الأيّام القادمة صراعاتٍ جديدةً بينهما في طرق أبواب دمشق ، فلنتظر ونترقّب ما ستأتي به الأيّام."


من جانب آخر بيّن المحلل السياسي قاسم الغراوي أن"في الوقت الذي تجلس فيه الامارات والسعودية على طاولة متقابلة في كثير من القضايا الأخرى كالملف الفلسطيني والتركي والسوري وغيره..
الا ان الخلاف بدأ يتعمق حيث بدأت خطوات الرد والرد المضاد بين الجانبين: واستمرت الخلافات حول السفر وبقاء الشركات السعودية العاملة في الامارات ، والابرز هو السماح للكيان الصهيوني لبناء قاعدة عسكرية على الحدود مع السعودية وقد قطعت الامارات العربية اشواطا كبيرة في التطبيع مع الكيان الصهيوني في الوقت الذي توقفت فيه السعودية للاعلان عن هذا التطبيع رسميآ. حرب تصريحات مفتوحة بين الطرفين وتوترات في المواقف واذا كانت الامارات رمت بثقلها على الكيان الصهيوني فهل ترمي السعودية بثقلها على امريكا وبالتالي يتم ابتزاز الطرفين."