التحالفات والاتفاقات العربية والدور الاميركي
اذا أختزلنا مفهوم الاستقلال والسيادة بقدرة الدولة على اتخاذ قرار سياسي او اقتصادي او عسكري استراتيجي ، و وفقاً لمصالحها الوطنية ، فدولنا العربية لا هي مُستقلة ولا هي ذات سيادة مطلقة .ولبنان ، وكما بيّنا في مقال سابق ( في ٢٠٢١/٦/٢٢) ، افضل شاهد .
لا ينافس الدور و التأثير الامريكي في التحالفات و الاتفاقات العربية – العربية السياسية والعسكرية و الاقتصادية ، ايّة قوة او دولة عظمى ،لا روسيا و لا الصين .
على سبيل المثال ، لم ينشأْ و يؤسسْ مجلس التعاون الخليجي ، في مايس عام ١٩٨١، دون مباركة ودعم الولايات المتحدة الامريكية ، ولم يكتب له الاستمرار والبقاء دون ان يكون له دورا في حماية و دعم المصالح السياسية و المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة الامريكية . و مصالح امريكا في الشرق الاوسط يعني مصالح اسرائيل اولاً ، والنفط والغاز و محاربة الدور الروسي و الصيني و الايراني ،ثانياً .
ساهمت و دعمت امريكا التحالف العسكري الذي نشأَ وتأسّسَ عام ٢٠١٥ ، لمحاربة” الارهاب ” ، والذي ضّمَ ٣٤ دولة عربية و اسلامية ، ومهمته ” محاربة الارهاب في المنطقة “، وكان بقيادة المملكة العربية السعودية . حينها كُنّا نتساءل عن دوره في محاربة الارهاب في العراق وفي سوريا ، وكُنّا نُشككّ في دوره في دعم ، وليس في محاربة الجماعات الارهابية المسلحة في سوريا !
تحالفات عربية -عربية سبقّت ومهّدت لكل الحروب التي خاضتها و لاتزال امريكا في المنطقة لتحرير الكويت ولاحتلال العراق . كذلك ، تحالفات بشأن العقوبات التي تفرضها امريكا على هذه او تلك الدولة في المنطقة .
حاولت دول عربية اعادة سوريا الى كرسيها في الجامعة العربية ، ولكن ، امريكا حالت دون ذلك ، عودة سوريا الى الجامعة العربية لا تزال مرهونة بموافقة و رضا امريكا .
أمر ومصير منطقتنا ودولنا وشعوبنا مرهون سياسياً بأمريكا ، و تحتكرُ منطقتنا موقع اكبر و اهم منطقة للتدخل الامريكي الغليظ و الناعم ، وهذا ما يفسّر وجود اسرائيل و اعتبار أمنها جزءاً من الامن القومي الامريكي ، وهيمنتها على المنطقة هدفاً استراتيجيا صهيونياً و أمريكياً .
تستخدم امريكا العقوبات الاقتصادية و النقدية وسيلة ليس فقط لحصار و محاولةلتركيع البلد ألمُعاقبْ ، و انما وسيلة فاعله ايضاً لحصار الدول الاخرى سياسياً وتجريدها من قرارها بعقد اتفاق تجارة وتعاون وتكامل مع البلد المُحاصر ،كما هو الحال مع سوريا ولبنان .يتردّد العراق مثلاً بأسعاف سوريا بالنفط، حتى بدوافع انسانية او اخلاقية ، بذريعة الحصار و العقوبات المفروضة على سوريا ،من قبل الولايات المتحدة الامريكية . و تمتنع الدول الاخرى القادرة على اعانة لبنان تماشياً مع الرغبة الامريكية .
تُبرم الاتفاقات والتحالفات العربية -العربية، و التي تستثني سوريا ولبنان واليمن ، وفقاً للأهواء و الرغبات الامريكية ، وليس وفقاً لاولويات المصالح الوطنية و القومية .
لم يبقْ للدور الامريكي مستقبلاً لا في سوريا و لا في لبنان ، تتقدم روسيا سياسياً و اقتصادياً في سوريا ولبنان ، وتبتعد امريكا عنهما رويداً رويدا ، و من المؤشرات على ما نقول هو انحسار الدور الاقليمي ( السعودي و الاماراتي و القطري ) في سوريا ولبنان ، وهو دور كان و لايزال مساعداً و داعماً للدور الامريكي.
تتحدث مصادر مطلعة عن جهود و وفود دبلوماسية واقتصادية روسيّة لاعادة اعمار مرفأ لبنان .
و تكافح امريكا اليوم من اجل الاحتفاظ بدور فاعل لها في العراق ، من اجل الحفاظ على مصالح اسرائيل و مصالح الخليج ، وكلاهما جزءاً من المصالح الاستراتيجية الامريكية ، وأَمنهما يتكامل مع الامن القومي الامريكي .
تدرك امريكا جيداً عجزها عن ازاحة دور و نفوذ ايران في المنطقة ، و تحاول و ترضى بحالة توازن بين دورها و دور ايران ، وخاصة في العراق ، ولكن معضلة امريكا هو تراكم أخطائها وتكرار فشلها سياسياً و عسكرياً ، وفقدان ثقة الشعوب بمصداقيتها ، واهتمامها بمصالح اسرائيل اكثر من اهتمامها بالمصالح الامريكية . بيان وزارة الخارجية الايرانية ، بخصوص القصف الامريكي الجوي على فصائل الحشد الشعبي المرابطة على الحدود العراقية -السورية ،قبل يوميّن ، تحّدث لأول مرّة ،عن مصلحة امريكا ،قائلاً بان هذا القصف لا يصّبُ في مصلحة امريكا .
تحرصُ امريكا ان يتفاعل العراق سياسياً و اقتصادياً مع الدول العربية التي لها علاقة مع اسرائيل ، أملاً منها ( من امريكا ) ، ان يكون التفاعل و العلاقات و الاتفاقات يصّبُ او تصّبُ ، بطريقة او باخرى في مصلحة اسرائيل ، و أنْ يساهم في ابعاد العراق عن ايران وعن محور المقاومة.
المصدر: الحوار نيوز
التعليقات