تأثير فوز السيّد إبراهيم رئيسيّ
على العلاقة الإيرانيّة – العراقيّة (بناء الدولة العراقية )
بلا اشكال ان فوز السيّد إبراهيم رئيسي جاء بعد قناعة شعبية من الجمهور الإيرانيّ، وقناعة المؤسسات الصانعة للسياسة في الجمهورية الإسلاميّة في إيران بهذا الرجل وما يتبنّاه من رؤية داخلية وخارجية، ومن هنا يمكن القول: إنّ صعود الرجل يعني صعود الرؤية الحاكمة، أو التي يراد لها أنْ تحكم في المرحلة السابقة في إيران بكلّ تفاصيلها واستراتيجيتها الخاصّة والعامّة، بخصوص الداخل والمحيط الإقليميّ والدوليّ، وبهذا يمكن وضع التصوّرات العامّة للعلاقات الإيرانية العراقية في المرحلة القادمة وهي تصورات تحكم العقل الايراني والمرجعيات وكل المخلصين لبناء العراق وسوف تكون مرحلة السيد رئيسي متجه الى هذا الغرض كهدف اعلى ، وهي كالآتي:
أوّلاً: سوف تتجه الجمهورية الإسلاميّة في إيران إلى ترسيخ مفهوم «الدولة» في العراق، وهو هدفها الأساس منذ عام 2003 ، إلّا أنّ التحديات التي تتحرّك في عقلية صانع القرار الخليجيّ والدوليّ كانت تحثّ السير، وتسارع الخُطا لمنع العراق من أنْ يبني مؤسسة الدولة بخلق الإرباك والحروب، وإنهاك الجمهور، واستنزاف الاقتصاد ممّا جعل إيران منشغلةً إلى حدّ كبير في سياسة دعم الاستقرار، واطفاء الحرائق المفروضة بدلا من أنْ تنشغل بالبناء في العراق, والآن بعد أنْ بلغ العراق مستوى من الاستقرار الأمني لأسبابٍ كثيرةٍ، وفّرتها الانتصارات على التحديات، وترصين القوّة الأمنية الداخلية، فضلا عن الانتصارات في سورية ولبنان، وهزيمة الإرهاب ودخول المنطقة في تفاهمات علنية وسرّية بنحو واضح لم يبق أمام العراق إلّا إعادة إنتاج الدولة وترسيخ مفهومها ووجودها وفاعليتها .
وبطبيعة الحال هذه الرغبة والتوجّه الإيرانيّ يحتاج إلى تظافر الجهود في العراق، وتقوية التفاهمات بين الأحزاب والمكوّنات، وخلق الأسس المشتركة، ووضع الثوابت والقواسم التي يتجه الكُلّ نحوها، ومن خلالها إلى عهد جديد.
كما أنّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران تتجه في ظلّ السيّد رئيسي إلى عهد جديد يمكن أنْ يقال عنه « عهد الجمهورية الثالثة »؛ لأنّ السيّد رئيسي سوف يبقى لفترة أطول في القرار المؤسساتيّ الإيرانيّ كما يبدو, وعليه فلا بدّ للعراقيين من تأسيس خطٍّ راسخٍ وثابتٍ، ومشتركات لا تتضرر بفعل تعدد الأحزاب، واختلاف توجهاتها وأيدولوجياتها ومصالحها.
قد يقال: وهل أنّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران عازمة على مساعدة العراقيين في بناء دولتهم؟
الجواب: إنّ الكلام المنصف والفهم الأعمق يشير إلى أنّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران لا تستقرّ إلّا باستقرار الجوار، فالعراق دولةً مستقرّةً أفضل من عراقٍ فوضوى؛ لأنّ الفوضى تمكن الأغيار من اللعب على الأرواق السياسية والاقتصادية، وتجعل إيران بموقف أضعف لضياع جهدها في التقريب، بينما هي تريد من جهدها أنْ يتّجه إلى البناء .
نعم، إنّ أيّ فوضى في العراق، وأيّ ارتباك أمنيّ، أو خلل اقتصاديّ أو اجتماعيّ أو صراع سياسي سيطيل من عمر الاحتلال، ويعقّد العلاقات الإيرانية مع العراق؛ لأنّ أمريكا تكون نافذةً في ضعف العراق، وضعيفةً في قوّته, وتلك معادلة ثابتة في استراتيجيات إيران منذ 2003 ، وتتحيّن الفرص لها، والفرصة الآن مؤاتية أكثر من أيّ وقت مضى، وسيكون عهد رئيسي سائراً بهذا الاتجاه، من هنا تمّت دعوة رئيس الوزراء العراقي السيّد الكاظميّ .
وهذا الأمر – بناء الدولة العراقية – هو نقطة الشروع بهذا الاتجاه، حتى تكون مستعدّةً لهذا البناء؛ فانه لا يعتمد في الانتخابات القادمة على العدد الفائز، بل يعتمد على العدد القادر على صناعة التفاهمات والتوافقات على مفهوم الدولة، وترسيم خطط وبرامج الخدمات، وتحريك عجلة الاقتصاد، والنهوض في كلّ المجالات , وبالتأكيد فأنّ توجّها كهذا لدى إيران يتعارض مع رغبة أمريكا التي تريد عراقاً مفككاً يستمرّ فيه وجودها، وتلعب فيه بأوراقها، لتحرق من تشاء، وتهمّش من تريد وتستعمل من تأتمنه .
ومن هنا فإنّ الأحزاب العراقية كلّها ودون استثناء – الشيعي منها بالخصوص - عليها أن تتفاهم وترسّخ هذه الثقافة في سلوكها وبرامجها وتفاهماتها من خلال الإخلاص العالي والبرامج البنّاءة التي تعيد ثقة الجمهور بالعملية السياسية، وأنّ القوّي والمخلص والصادق والثائر والوطنيّ ورافع شعار الدولة عليه العمل الجادّ عملاً، لا شعاراً فارغاً، وأنْ يغادر الجميع عقلية الفرض والقوّة والمحاصصات والمغالبات باسم الأغلبية . وهذا الامر ناتج عن مراجعات مهمة ومعمقة من قبل المسولين القائمين على الملف العراقي العراقي منهم والايراني السياسي والديني وخصوصا الشيعي بعد اخفاقات عدة وتراجعات كبيرة تكاد ان تنهي اي امل في العراق وتنتهي به الى الخسارة الكبرى ويصل الجميع الى طريق اللاعودة فليس امام الجميع الا السير بذه الاتجاه ولا سبيل سواه , فان الازمة الحقيقة في العراق هو غياب الدولة وتقاسمها وتوزيع عناصر قوتها مما ادى الى تفشي الفساد وقلة الخدمات وكان الناتج واضحا في اتساع مساحة القطيعة بين الجمهور والاحزاب الا الجمهور الحزبي .
ثانياً: مدركات إيران في بناء الدولة العراقية:
إنّ توجّه إيران لبناء الدولة العراقية والمساهمة في هذا الشأن والصدد، وحثّ القوى والأحزاب في هذا الاتجاه هو من هموم الجمهورية الإسلاميّة في إيران منذ تأسيس الحكومة العراقية المعاصرة وتضاعف اكثر من اي وقت مضى ؛ لأسبابٍ عديدةٍ، منها:
1. ايران تدرك إنّ العراق هو الدولة العربية الوحيدة على وجه الأرض، وضمن المنظومة العربية والخليجية وحتى الشيعية في العالم العربي تعتبر الأكثرية فيه هم المكوّن الشيعيّ، ولم يتمكّنوا من نيل حقوقهم السياسيّة دستورياً إلّا في ظلّ الحكم الحالي؛ فإنّ أيّ تراجعٍ هو تراجع لفرصة ذهبية لشيعة العراق، والشيعة في العالم وإيران بنحو أكيد، وليس خفّياً أنّ إيران كأيّ دولة ضمن المنظومة السياسية نجدها لأجل قوّتها داخليا أنْ تبحث عن عمقٍ مستقرٍّ، لا عمقٍ متزلزلٍ، ومن هنا نفهم أنّ كُلّ مواقف إيران السابقة في الدفاع عن العراق إنّما هي لأجل قطع الطريق على من يريد اختطاف فرصة حكم الشيعة في العراق, لذا فان ايران تريد تحصين سواترها .
2. ومن المدركات الايرانية ايضا إنّ النصر الذي تحقق على داعش يدخل في حسابات الشيعة عموماً وإيران خصوصاً؛ لترسيخ وجود الدولة ؛ فهزيمة الإرهاب هزيمةٌ لكلّ الداعمين له من المحور الدوليّ والإقليميّ، وترتّب عليه أثراً مهمّاً، وهو أنّ المحور المنتصر تمكّن من أنْ يعيد بناء ذاته، ويتمحور ويثبت وجوده في الصراع والنظام الدولي الجديد, ففي سورية نجد أنّها تتجه إلى تثبيت أركان الدولة من خلال اعادة انتخاب « بشار الأسد », وفي إيران يتجه خطّ البناء الثوري المؤسس والمعمّق للدولة وما مجيء السيد رئيسي الا ناتج عن مقدمات تلك الاحداث ، هذا بالإضافة إلى باقي المحاور التي تقاوم لإثبات وجودها في اليمن وغيره، كلّ تلك المعطيات تملي على إيران أنْ تخرج هي من دائرة الصراع، وبؤر النزاع، وتُخرج معها الحلفاءَ، لحصد الثمار، وجني الأرباح ببناء نظم سياسية مستقرّة قادرة أنْ تكوّن محوراً إقليميّاً مهمّاً .
3. ممّا تدركه إيران في هذه المرحلة وفي كل مرحلة أنّ العالم القادم هو عالم الصراع حول الاقتصاد، والعراق يشكّل محوراً مهمّاً وجوهريّاً في اقتصاده، وفي مرور خطّ الاقتصاد العالمي من خلاله، كما أنّ الجغرافية العراقية الاقتصادية تجعله حلقة الوصل الصينيّ والإيرانيّ نحو البحر المتوسّط وأُوربا، فمن هنا لا يمكن الحضور العالميّ، وتحقيق الوجود المستقبليّ، إلّا من خلال عراقٍ قوّيٍّ.
4. إنّ إيران تدرك أنّ هزيمة أمريكا في العراق لا تتحقق في أيّةِ آلية إلّا آلية بناء الدولة القادرة على أنْ تتخذ القرار الاقتصاديّ والسياسيّ والأمنيّ، ومن هنا نجد أنّ الأمريكان يحاولون جادّين أنْ يهمشوا دور الشيعة، أو يفرغوا قبضتهم من الحكم، ويجعل نقطة القوّة في القرار السياسي في اللاعب الكرديّ والسنّيّ والعلمانيّ المرتبط بها, ومن الموكد
5. ولاجل اضعاف العراق وصولا الى المشروع الامريكي بان يستعيد البعثيون الحكم يحاول الأمريكان أنْ يجعلوا بعض الأطراف الشيعية تتبنى أيديولوجيات متناقضة، فبعضها يسير نحو التعامل مع اللاعب الأمريكيّ وبعضها يقف على الحياد واخر يشترط التعامل وفق القانون والدبلوماسية واخرى يتجه الى حمل السلاح وبالمقابل فان إيران تدرك حال عدم ترصين الوضع العراقي داخليا وعدم مساعدته لبناء الدولة فإنّ المشرط الأمريكي يجزّأ القوى الشيعية، بما يمنعها من بناء دولتها، وربما يجعلها بوضع متضادّ متصارع سياسيا .
6. إنّ مخرجات الحرب على الإرهاب في العراق فرضت واقعاً شيعيّاً جديداً يتمثّل بفرض الشيعة وجودهم السياسيّ، مع ما يعتريه من مشاكل جسيمة، وتمكن الشيعة من فرض قوّة قادرة على حماية النظام السياسيّ وهي الحشد الشعبي ، إلّا أنّها الأخرى تحتاج إلى أنْ تؤهّل نفسها لممارسة السلوك الذي يُسهم في بناء الدولة، وهذا يجعل الأمر يسيراً على المرجعية والأحزاب الشيعية، وبمساعدة إيران من استثمار المخرجات للعبور من مرحلة الحفاظ على المكتسبات إلى جعلها دولة قديرة بإذن الله تعالى .
ثالثا: الأسباب الموجبة للتوجّه إلى ترسيخ مفهوم وبناء الدولة
يرى الباحثون والخبراء في مرحلة الرئيس السيّد إبراهيم رئيسي سوف تكون جهود ايران متّجهة أكثر من قبلُ لبناء الدولة في العراق لأسبابٍ عديدةٍ، وهي:
1. إنّ هذا التوجّه هو الهدف الإيرانيّ منذ اليوم الأوّل، إلّا أنّ الإشكالات والتحديات والخلافات هي التي حالت دون تنضيج هذا الأمر، والآن في ظلّ حكومة السيّد إبراهيم رئيسي توفّرت الظروف أكثر لهذا الأمر، فهناك مؤهّلات كبيرة لدى هذا السيد لهذا التوجّه .
منها: أنّ (جون كيري ) بـ 2015 حينما كان وزيراً للخارجية قال: إنّ الاصلاحيين الإيرانيين « ذئاب »، وتجدهم يرتدون لباس « الذئب »،ويستفاد من هذا التوصيف ان الشعور العام عن الاصلاحيين هو عدم قدرتهم على اتخاذ القرارات الحاسمة ربما لطبيعة توجه السياسة الايرانية داخليا وخارجيا مما ولد رايا عاما عنهم بانهم غير مناسبين لرسم سياسات مصيرية لايران والمنطقة بمعنى أنّ المحافظين واضحون في مواقفهم، وهذه الشخصية القوّية لإبراهيم رئيسي سوف تلعب دوراً بحسم كثير من الملفّات خصوصاً في دول محور المقاومة.
ومنها: إنّ فوز السيّد رئيسيّ سوف يحمل بشائر الخير، أوّلها توحيد جهود المقاومة في المحور، وتوحيد البندقية التي تشتتت بعد شهادة الشهيد سليمانيّ؛ لأنّ السيّد قاآني كان متخصصا بملفّ أفغانستان، وملفّات العراق ملفّات جديدة عليه، لكنّه نجح في فلسطين، ووجّه ضربات كارثية للكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة , وان توحيد روية المجاهدين نحو بناء الدولة ومنع الاجتهادات والتعددية امر مهم وهو قادر عليه اكثر من غيره بنحو ما .
ومنها: ليس عبثاً أنْ يسحب ( بايدن ) جنوده، والباتريوت، من السعودية والعراق والأردن وستّ دول أخرى مقترنا مع فوز السيّد إبراهيم رئيسيّ؛ لأنّه رجل حازم، وصديق سابق للشهداء، وقوّة هذا الرجل تكمنُ في حسم الملفّات.
ومنها: إنّ الشهيد قاسم سليمانيّ كان مسؤولاً عن ملفّ العراق ولبنان، ولا علاقة لروحانيّ به، لكنْ الآن صار المسؤول الأوّل - من دون وسيط وحلقات زائدة، - هو السيّد رئيسيّ؛ لأنه يمتلك علاقاتٍ مع كُلّ الجهات العراقية الفاعلة بالعملية السياسية.
ومنها: الحدّ من نفوذ الكاظميّ، والانتقال بالعراق إلى عهدٍ أكثر قوّةً، وتقليص مساحات أمريكا من خلال الكاظميّ .
ومنها : ان ايران امام ازمة حادة جدا وهو احتمالية نشوب حرب اهلية طائفية في افغانستان .
2. العراق يعاني الآن من الاضطراب في العلاقات بين الحشد والدولة، والحشد والمقاومة، وهناك لغط كبيرة بين الأحزاب الشيعية وبين النجف وقم في هذا الصدد، وهذه الأمور تؤثّر على بناء الدولة، وتجعل الصراع السياسيّ سائداً، والخلافات الشيعية تضعف الدولة؛ لذا لابدّ من خلق قواسم مشتركة يتّفق عليها الكُلّ، ويلتزم الكُلّ على هذه الأهداف، أعني التوجّه لبناء الدولة، وهذا بدوره يقلّص المسافات والخلافات، ويفرض على الجميع أنْ يسيروا برؤيةٍ موحّدةٍ، وإلّا فإنّ بقاء الوضع الشيعي في العراق على ما هو عليه سيؤدّي إلى تشققٍ كبيرٍ في وضع الشيعة يؤدّي إلى عودة الاضطرابات ثانيةً، وعودة الخطّ العلمانيّ الأمريكيّ بقوّةٍ، وهذا يوجب على إيران من الآن وضع استراتيجية الدولة كهدف موحّد، وبموجبه تأخذ في التنسيق بين الأطراف الشيعية حول التفاصيل .
3. إنّ عدم السعي لطرح مفهوم ( توحيد البيت الشيعي لأجل بناء الدولة ) سوف يؤدّي إلى أنْ يبرز التيار ( الصدري ) كقوّة تختطف الدولة، وترمي العراق في أحضان السعودية والامارات وأمريكا، ولا سبيل لمنعهم إلّا من خلال توحيد الهدف، وهو بناء الدولة، ووضع مشتركات عامّة يوقّع عليها الكُلّ .
4. إنّ بقاء الخلافات يعمّق الخلاف بين المرجعية في النجف مع إيران، ويؤدّي إلى تصدّعاتٍ كبيرة تنعكس على الموقف السياسي و حتّى في الحشد الشعبيّ.
5. الدراسات انتهت الى ايران ليس امامها الا توحيد الموقف الشيعي تمهيدا لخطوة اكبر وان تعويلها على الفتح لايخلو من ضعف لاسباب عديدة فإنّ الفتح الآن ممكن أنْ تحصل على عددٍ جيّدٍ من المقاعد ، ولكن مشكلة الفتح ليس تحصيل العدد، بل مشكلتها هي أنّها تعاني منوجود حيث لا تشعر بمشروعيتحرك لمحاصرتها من خلال الأحزاب الشيعيّة، وهم ( محور العباديّ، عمّار الحكيم، الكاظميّ، مقتدى )، ولا سبيل لتذويب ومنع وإنهاء هذا الحصار، إلّا في إعادة التفاهمات الشيعية حول هدف واحد وهو الدولة، ومن خلال آلية البيت الشيعيّ، حتّى يتمكّن الفتح والقانون والخطّ الولائيّ أنْ يجد مكانته في القرار الشيعيّ، ويتحقق بنفس الوقت كسب الاطراف الاخرى واو تحتويها او تقترب منها او لاتظهر ايران بموقف يفقدها الابوية وهذا السبيل الذي به يتمّ منع الصراع السياسي بين الشيعة . و العراق الآن يعاني من توسّع مساحة أمريكا والسعودية وغيرهم من العلمانيين في القرار الشيعيّ، ويساعدهم الكُرد والسُنّة، فلابدّ من تحصين البيت الشيعيّ من خلال ايجاد الهدف المشترك .
6. العراق يعاني من أزماتٍ: كالطاقة، والاقتصاد، والخدمات، وغيرها، ويراد إغراقه بالديون حتّى يتمّ إيقاعه تحت تأثيرات الصندوق الدوليّ، ثمّ تقسيمه على طريقة تقسيم يوغسلافيا، التي انتهت بسبب الديون الخارجية والأزمات الاقتصادية أنْ أعلنت كُلّ ولايةٍ في يوغسلافيا انفصالها عن الأصل، واستيلاءها على ثرواتها، وهذا ما يحصل في العراق الآن من خلال الاهتمام بالمدن السنّية والكُردية وإهمال الشيعة في الوسط والجنوب، فلا بدّ من توحيد الشيعة لمعالجة هذه الأمور، ومنع مؤامرة التقسيم الاقتصاديّ، ونهب ثروات الشيعة لصالح السُنّة والكُرد والأمريكان والمحور العربيّ :( الأردن ومصر والسعودية) ممّا يوسّع نقمة الشيعة على الأحزاب الشيعية ثانيةً، ويفقدهم القدرة على القيادة .
رابعا : اليات التعامل بين ايران والعراق
لأجل تحقيق هدف بناء الدولة في زمن السيّد رئيسيّ نجد ضرورة التزام الخطوات التالية بالنسبة إلى المؤسسات الإيرانية العاملة في العراق:
1. إعادة البيت الشيعيّ مهما كانت الصعاب، وهو ممكن في ظلّ الهدف المشترك، ويمكن تحقيق الهدف في الحدّ الأدنى منه، وهناك إمكانية للتفاهم مع الحكمة والنصر وحتى الكاظميّ، نعم قد توجد صعوبة في التفاهم مع مقتدى، فلا بدّ من العمل على عزله حال عدم استجابته، أو إيجاد خطّ تنسيق وقاسم مشترك معه، ولابدّ من إضعاف دوره بنحو استراتيجيّ، خصوصا أنّ المرجعية وعموم النجف يرغبون بوضع حدّ لهذا التيّار المنفلت.
2.لا بدّ من وضع آلية اختيار رئيس الوزراء من الآن، والاتفاق على منهج عملٍ أمنيّ اقتصاديّ سياسيّ خدميّ، ومنع الاجتهاد فيه، أو المساس بمصالح الشيعة، وأهمّها الحشد الشعبيّ، والاتفاق على عدم جدوى وجود القوّات الأجنبية .
3. وضع آلية تنظيم العلاقات بين الحشد والدولة داخل البيت الشيعيّ، ومنع الاجتهادات والمناقشة في مسألة الحشد والمقاومة، وعدم استخدام السلاح، وأي مظهر لفرض القوّة، واحترام قرار الدولة، وإنهاء الفساد، وإيقاف نزيف الأموال.
4. وضع آلية التنسيق بين الحشد والمقاومة، ومنع الاجتهادات والمزايدات في ذلك.
5. آلية التنسيق بين المرجعية في النجف وإيران، وهذه مشكلة كبيرة، وهي المشكلة الأهمّ الأبرز، ولا بدّ من الاهتمام بها.
6. من الضروريّ أنْ يتمّ وضع أسس ونظام داخليّ للبيت الشيعيّ، بموجبه يتمّ اختيار المؤسسات والنظام الداخليّ، بل هو موجود أصلاً، وهناك جهود مبذولة، ولجان مُشكّلة، لكنّها عُطّلتْ، ولا بدّ من الأخذ بها، وتفعيلها مجدداً؛ لمنع الاجتهادات والتفرّد في القرار خصوصاً إنّ التيّار الصدريّ يريد مصادرة القرار الشيعيّ لوحدة، ويريد أنْ يختطف الدولة كلّها، فلا سبيل لمنعه ومنع غيره إلّا بتوحيد الجهود وإعادة الحوار والتنسيق وفق نظام وآليةٍ جديدةٍ وهدفٍ واحدٍ.
7. أنْ تمارس إيران دور الراعي لكُلّ الأحزاب الشيعية سواء الموجودة أم التي ستظهر في الساحة، والتي تحسب نفسها على مرجعية النجف، حتّى تكون رعاية إيران رعايةً أبويّة شاملةً للجميع، وتنتهي الحساسية التي يستغلّها الأمريكان، والتي هي مقولة: ( أنّ إيران تهتمّ فقط بمن يواليها، وهم ( الفتح والقانون )، وتُهمل الآخرين من ( الحكمة، والتيّار، والعباديّ، والخطّ المرجعيّ ) حتّى تتمكّن من التأثير في الكُلّ، لا بدّ من أنْ تتواصل مع الكُلّ، وحال تواصلت مع الكُلّ فسوف تتمكّن من إقناع الكُلّ بأنْ يتوحّدوا، وأنْ تطرح عليهم مشروع بناء الدولة كهدف أسمي .
8. لأجل ترسيخ بناء الدولة فمن الضروري كتابة برنامج يلتزم به الجميع، مكوّنٍ من شقّين:
الأوّل: آلية اتخاذ القرارات السياسية، وآلية توزيع الأدوار والحصص.
ثانياً: برنامج الخدمات وإدارة الدولة، وانعاش الجنوب: بالإعمار، والتوظيف، ومعالجة البطالة، والسكن، والطاقة، وكُلّ ما يتصل بخدمة المواطن، وإنهاء الفساد.
9. التاكيد على ان يتم وزراء ومسولين في مختلف طبقات الدولة يمتازون بالنزاهة والكفائة والقدرة والمهنية العالية .
الخلاصة
إنّ أمريكا تمكّنت من إنهاء مفهوم بناء الدولة في العراق، وتمّ هذا من خلال تمزيق الشيعة، ومنع أنْ يكون لهم هدف مشترك، حتّى يغرق الشيعة في الصراع الشيعيّ الشيعيّ، وتمنع عليهم بناء الدولة، وتشغلهم بالخلافات الداخليّة ، بينما الكُرد والسُنّة يقومون بنهب الثروات، وبناء مدنهم، وتأسيس دول سُنّية وكردية غير معلنة، وقد تمكّنوا من إرضاء مواطنيهم، بينما يبقى الشيعة غارقين في الخلافات، ممّا جعل وضعهم ضعيفاً، وقد أفقدهم الجمهورَ، ونشط في ضوء ذلك دور الجوكر، وهم الآن يسيطرون على الشارع والقرار السياسيّ من خلال الكاظميّ وعمّار والتيّار والعباديّ. ولكي تُنهي إيران دور الأمريكان فليس أمامها إلّا إعادة هيبة القرار الشيعيّ وتوحيده. والتوحيد يتمّ من خلال إعادة البيت الشيعيّ على أسس يشترك فيها الجميعُ، وأنْ يكون هدفهم بناء الدولة .
في 25 / 6 / 2021م ، الموافق: 14 / ذو القعدة / 1442 هـ.
التعليقات