عندما تسلّمُ مؤسسات الدولة الى (الخصوم )فماذا تنتظر ؟
على الرغم من علم الاحزاب (الاسلامية )بان هناك تظاهرات سوف تنطلق بالعراق في الاول من شهر تشرين الاول من عام 2019 وتبقى لمدة عام حتى تسقط حكومة السيد عادل عبد المهدي ثم تواصل مشروعها بالاحتجاج لمجيء حكومة الكاظمي او من يقاربه في التوجه (الاميركي)
ثم الدعوة الى انتخابات مبكرة تقارب ايام موعد خروج القوات الاجنبية من العراق وكذلك المجيء بقانون انتخابات (مفصل) لاخراج الكتل المناصرة للمقاومة والحشد من المعادلة السياسية والمشاركة الحكومية ،
لم تستطع الكتل الاسلامية فعل شيء بل كانت "تتفرج" على المشهد وتداعيات المخطط فقرةً فقرةً وكيف تحرق مكاتبها وتقتل قياداتها وتعلق الناس على اعمدة الكهرباء وتغلق المدارس ودوائر الدولة فيما هم يعلمون من وراء ذلك تحريضا وتمويلا .
بالموافقة على (حكومة الكاظمي) تكون مؤسسات الدولة قد اصبحت بيد (الخصوم ) فهم من يدعمون وينقلون ويقيلون ويسرقون
وبتهمون كيفما شاؤوا وباتت جميع مقاليد الامور بايديهم .
الذين وافقوا المصادقة على (حكومة الكاظمي)
لم يصدقوا ان هذا الرجل (البسيط )و(اللين) في كلامه يصل به الامر ان يعتقل احد كبار قادة الحشد الشعبي الحاج (قاسم مصلح )بتهمة كيدية وتحت غطاء اعلامي معاد شوه الصورة
حتى تجلت الحقائق قبل ثلاثة ايام بان القاتل محسوب على كتلة سياسية موالية ل(الكاظمي).
ردة الفعل من قبل قيادة الحشد الشعبي اتجاه اعتقال القيادي الحاج قاسم مصلح ودخول المنطقة الخضراء ،كانت علامة على ان حكومة الكاظمي جريئة حتى على الثوابت ،فخلال عام واحد اقال الكاظمي العشرات من القادة الامنيين والمدراء العاميين والمسؤولين المقربين من الكتل الشيعية القريبة والمناصرة للحشد والمقاومة فيما اكتفت الكتل الشيعية بالاحتجاج عبر التغريدات والاعلام ومنصات التواصل لكن ذلك لم يغير بالامر من شيء.
التحضيرات الى "الانتخابات المبكرة " كانت معدة من قبل الجهة القريبة من المخطط الاميركي القاضي بانسحاب القوات الاجنبية من البلاد مقابل المحيء بحكومات موالية لاميركا .
كل الاعداد للانتخابات جاء وفق المخطط الى درجة ان النتائج كانت (مصنوعة )مسبقا شاركت بها حهات داخلية وخارجية فيما تقف الكتل المناهضة للتواجد الاميركي موقف المتفرج لاتقوى على تحريك حندي واحد من رقعة الشطرنج .
قانون الانتخابات وكما هو معد له ،ان يمتليء مجلس النواب ب(المستقلين ) كي يفقد تأثيره على الحكومة التي سوف تتشكل وفق المقاس الاميركي الخليجي .
هذه الانتخابات انتجت لنا (40) مستقلا وفي الدورة الاخرى سيكون عددهم (80) مستقلا وهكذا في تصاعد الى ان يفقد مجلس النواب فاعليته ويصبح مجرد سوق للمزايدة في الحصول على هذا الصوت او ذاك لاصدار القوانين ،وبذا لا فائدة من وجوده فلا هو مجلس تشريع ولا رقابة ،ووفقا للمشروع الاميركي فان العراق وسوريا ولبنان عام 2030 بلا دولة ،لان النظام البرلماني يعتمد على الاحزاب وليس مكانا للمستقلين !
قامت الحكومة ومفوضية الانتخابات وممثلة الامم المتحدة "بواجبها "في انتاج هذه (الارقام من المقاعد )دون الاكتراث الى حجم الطعون المقدمة ،ورزم مدراء مجلس المفوضية حقائبهم وغادروا ،فيما بقي (الساتر الاخير ) برفع الطعون الى (المحكمة الاتحادية ) وخلف ذلك يرابط المتظاهرون والمحتجون عند بوابات الخضراء يهزجون ويهتفون دون ادنى اكتراث من القضاء او الحكومة ،في هذا الوقت عمد القائد العام للقوات المسلحة الى تغييرات في قيادات الجيش طبقا لرغباته وخشية اي ردود فعل من الكتل المعترضة .
تحاول المحكمة الاتحادية ان تدفع بالوقت عل الكتل السياسية تشكل ائتلافا للكتلة الاكبر ثم السعي لتشكيل الحكومة وفق المحاصصة .
هذا (التأخير )ليس لصالح التجربة الديمقراطية بالعراق ،فلا الفائز يقبل بان يتنازل عن فوزه ،ولا الخاسر يقبل بخسارته وبين يديه طعون (عدل بعير )!
وسوف بستفيد الكاظمي وانصاره من غياب مجلس النواب ليفعل مايشاء .
كان من الممكن ان تكون هناك معارضة ولكن المشكلة بالعراق ان الجهة التي تمسك بزمام السلطة ، تستخدم كامل صلاحياتها للنيل من الكتلة المعارضة ،فتهم الفساد جاهزة وتهم اخرى جاهزة ،لنشهد معركة ثأر دون ان يفكر احد بتبليط شارع واحد .
المشكلة اذا تأخر اعلان المحكمة الاتحادية التي تملك من الطعون مايكفي لالغاء نتائج الانتخابات او الذهاب الى العد اليدوي لجميع الصناديق ،فهذا التأخر يدفع للتصديق ان جهات سياسية تضغط وتهدد المحكمة وشخصياتها مثلما ضغطت وهددت اعضاء مجلس القضاء لمفوضية الانتخابات .
ماذا لوصادقت المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات ؟
هذه (مشكلة ) وفقا لهذه النتائج التي اعدها "محترف "بحيث كيفما تقلبها فهي (فتنة)!
هناك ضغوط على كتلة الحلبوسي ومسعود للائتلاف مع التيار ! هذه (الضغوط ) القصد منها ابعاد انصار المقاومة والحشد عن المعادلة السياسية والحكومية ،وهؤلاء ليسوا رقما سهلا وادواتهم فاعلة وما تخشاه المرجعية والمجتمع عموما هو (الحرب الاهلية )!
الحرب هذه جغرافيتها محصورة في مناطق الوسط والجنوب ،خاصة وان منازل هذه المناطق بمدنها وريفها ملأى بالاسلحة واذا ماتوفرت(شرارة )من جهة (مجهولة ) تكفي لتأخير سكان هذه المناطق ثلاثة قرون .
لا احد يستطيع ان بخفي هذا "القلق" فمثلما كنا نعيش معا سنة وشيعة في مناطق عديدة استطاعت الولايات المتحدة ومعها دول الخليج ان تفرقنا وبات لكل منا ثقافة وعلاقات اجتماعية خاصة ،فيما يبدو (الان) الظرف جاهزا لو ارادوا اشعاله !
المرجعية الرشيدة اوصدت بابها بوجه السياسيين ،ولكن هذا لايعني انها ستتوقف عن العمل بواجباتها الدينية والوطنية ،فسابقا تدخلت في تنحية (نوري المالكي ) رغم حصوله على (720) الف صوت وذهبت السلطة الى حيدر العبادي الذي حصل على ثلاثة الاف صوت ،كما تدخلت في تنحية عادل عبد المهدي وذهاب السلطة الى (الكاظمي )!
(
تركيا دخلت على الخط بقوة لان لها سبعة الاف عسكري على ارض شمال العراق ولابد من الاتيان بحكومة عراقية تدعم بقاءها .
الايرانيون يرون ان (الامن القومي الشيعي )واجب شرعي لايفرطون فيه مهما كان الثمن ،وواحدة من خلافاتهم وتحملهم العقوبات الاميركية تمسكهم ب(العمق الاستراتيجي )للمقاومة بتنوع طوائفه !
ثم ان لهم مع العراق حدودا بطول 1450كم وهي اطول حدود للبلدين مع الدول الاخرى ،ولاتقبل لتواجد نفوذ اميركي على حدودها الطويلة هذه ،ومجرد نظرة الى كامل حدودها مع الدول الاخرى ستجد انها في منأى مباشر عن التهديد الاميركي ..
لذا فان من يفكر بصناعة عملية سياسية لابد ان يأخذ بنظر الاعتبار هذه المعادلات.
العراقيون هم الوحيدون القادرون على حل مشاكلهم ،وهم الخاسرون اذا ارادوا غير ذلك ،
فتعالوا الى (كلمة سواء)فيما بينكم ،واجتازوا ساترا من النار بما تملكون من عقول وحكماء.
واظن من جعل اصابعه في اذانه واستغشى ثيابه واصابه الغرور سيندم (ولات ساعة مندم )
التعليقات