أسباب أساسيّة تحول دون تشكيل حكومة جديدة في العراق.. فما هي؟ 


يبدوا أنَّ استمرار حكومة تصريف الاعمال، برئاسة السيد الكاظمي، ولأجل طويل، هو الحل المفروض والمطلوب: مفروض بحكم الظرف السياسي، ومطلوب بحكم مصالح الجميع داخليا (مصالح الاحزاب، مصالح المكونات، مصالح القيادات السياسيّة)، وخارجياً (دول عربية واقليمية وعظمى).و لولا تأخرّ موازنة العراق (ونحن في النصف الثاني من العام)، والتداعيات السلبيّة لهذا التأخير على مصالح الدولة والشعب، ولولا أرتفاع سعر صرف الدولار، وغياب التعيينات، لأصبح استمرار حكومة تصريف الاعمال متماشياً مع مصلحة ورغبة الشعب ايضاً.لنْ تُشكّلْ الحكومة قريبا، وكلمّا تمّرُ الايام ،يزداد الامر تعقيداً اليوم، لم يعُدْ المشهد السياسي حكراً على الاحزاب السياسيّة التقليدية، حضرَ في المشهد السياسي لاعبان اساسيّان: المستقلون بعددهم والمحكمة الاتحاديّة بقراراتها الدستورية السياسية الجريئة، وهي أهّلاً لذلك ولها كل الحق في حضورها، لانها وببساطة، تمارس ما عُهِدَ اليها بموجب الدستور، ولا تقرّر لارضاء السياسيين، والمشاركة معهم في توافقاتهم التي بعضها،على حساب مبادئ الدستور ومصالح الشعب (مبدأ التوزيع العادل للثروة، ومبدأ السيادة).كُنّا في الامس نتحدث عن مسألة توافق بين الاحزاب او المكّونات، واليوم نفقدُ التوافق والتفاهم بين فصائل او احزاب المكّون الواحد .كُناّ في الامس نسترشد بخطابات يوم الجمعة لممثل المرجعية الرشيدة ،والتي فيها اشارات وملاحظات عن انسدادات المشهد السياسي، واحياناً توجيهات غير مباشرة، واليوم نفتقدها.اليوم نشهدُ ونعيش عملياً الطعن في قرارات المحكمة الدستورية، والطعن بدستورية المحكمة، حين تكون قراراتها ليست في صالح الاحزاب الكردية.
اذاً مسافة التباعد اليوم، بين الاحزاب وقيادات المكونات، اطول، والخلاف بينهما أعمّق اصبح التوافق بينهم على تأليف الحكومة شبّه معدوم لا يمكن لأيّ حزب، او ايّ مكّون (شيعي او سني) تجاوز قرار المحكمة الاتحادية بخصوص نفط وسيادة العراق، من اجل اقناع المكوّن الكردي للتحالف معه في تشكيل الحكومة.لا أظّنُ، للاسف الشديد، بجدوى المبادرات السياسيّة ، وتشكيل حكومة مؤقته، وتنظيم انتخابات الخ … ، الحكومية الآن هي اصلاً مؤقتة، وقد اتممت الانتخابات، وتمّ المصادقة على نتائجها، رغم الاعتراضات الخلاف بين الاحزاب وبين القيادات اعمّق واستراتيجي، لاسيما بين ماتريده بعض القيادات الكردية سياسياً و اقتصادياً وبين ما ينّصُ عليه الدستور وما تتخذه المحكمة الاتحادية من قرارات، وما يطمح له الشعب العراقي بكافة مكوناته ، بضمنهم المكّون الكردي.لم يعُدْ للاطراف الخارجية الاقليمية والدولية الرغبة الوقت والمصلحة، من اجل التدخل في تأليف الحكومة، ولكل طرف همومه واهتماماته وظروفه الداخلية و الخارجية . فاذا كان لامريكا و لاسرائيل مصلحة في النفط القادم اليهما من اقليم كردستان، اصبحت هذه المصلحة، بعد تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية والاجراءات المتخذة من قبل وزارة النفط العراقية ، في دائرة المساءلة والمحاسبة القانونية و القضائية الدولية. كما انَّ انحسار الارهاب وداعش في العراق، والتظاهرات التي خرجت في العراق وبشعارات “ايران بره بره”، والفساد المستشري في العراق تدفع ايران على التفكير الف مرّة قبل ابداء ايّة مبادرة. ما يهّمْ ايران اليوم تجاه العراق هو أمنها القومي وعائداتها من تصدير الغاز الى العراق، والموقوفة الدفع بسبب العقوبات الامريكية وكلاهما (الامن القومي الايراني، وعائدات تصدير الغاز) في مسار الحل و التسويّة، فالارهاب في العراق لم يعّدْ يشكل خطراً على ايران، كما تبنّت ايران، على ما يبدوا، اسلوب تركيا في معالجة ما تواجهه من خطر امني اسرائيلي يردها من اقليم كردستان.