حشدٌ من الله وفتحٌ قريب


     قد يبدو العنوان الذي استعرته من أحد الإخوة المجاهدين، عاطفياً ومتماهياً مع النسق القرآني دون تحريف والعياذ بالله، لكنه عنوان في منتهى الواقعية حتّمته الظروف المحيطة والأخطار المحيقة بوطننا وشعبنا، ومتغيرات جيوسياسية تعيد ترتيب التوازنات في المنطقة، ومتغيرات جيو إستراتيجية تجتاح العالم بأسره وتعيد ترتيب الأوراق والأولويات.

لماذا الحشد؟

سؤال برسم الإجابة، وللإجابة عليه لا بد أن نعرّج على كثيرٍ من النقاط، ولعل أبرزها هو التعرضات الإرهابية المتزايدة منذ عام ونصف العام على قطعاتنا الباسلة من الجيش والشرطة والحشد الشعبي  في المناطق المحرّرة، وآخرها -وليس الأخير بالتأكيد- هو التعرض الإرهابي على الشرطة الاتحادية في الحويجة واستشهاد إثنى عشر منتسباً على يد ثلاث مفارز داعشية تقدر بإثنى عشر إرهابياً، وما حدث شمال جرف النصر من انفجار عبوّة ناسفة في منطقة العويسات  أدّى الى استشهاد القائد (آصف) حسن كريم حسن مساعد قائد عمليات الجزيرة في الحشد الشعبي.

تكرار هذه الخسائر الفادحة يعود الى تكرار جملة من الأخطاء التي تقوم بها حكومة السيد الكاظمي، مما يعرض قواتنا العسكرية والأمنية البطلة الى حرب استنزاف. إن تسمية أخطاء هي التسمية الأخف وقعاً من كلمات أخرى قد تشمل الغباء، والتواطؤ! فالحكومة التي تكرّم قائداً عسكرياً متهماً بالتخابر مع جهة أمنية أجنبية –قوى الاحتلال- ويسلمها إحداثيات تواجد قطعات الحشد الشعبي، وتنقله الى قيادة قوات في محافظة أخرى، لا نستغرب إذا ما قامت -الحكومة ذاتها- بتكريم قائد عسكري آخر متهم بالتخاذل في مجزرة سبايكر، وتنقله ليكون على رأس قيادة عمليات كركوك. لست هنا بمعرض الحكم بالإدانة، لكن الرجل تحوم حوله التهمة والشبهات ونُقل الى الإمرة، وهذا النقل في العرف العسكري يعد عقوبةً، وهو ليس المتهم الوحيد في مجزرة سبايكر، وباعتباره قائداً للعمليات في كركوك فهو المسؤول المباشر الأول عن أي تقصير، أو خلل أمني يحصل في المحافظة باعتباره قائداً للقوى الماسكة للأرض، ومن ثم القائد العام للقوات المسلحة؛ هذا القائد الذي منذ مجيئه الى سدّة الحكم وحتى الآن قام بعدة تغييرات في القيادات العسكرية والأمنية، وعلى سبيل المثال ما حصل باستبدال قيادة خلية الصقور الاستخبارية ، ولست هنا بمعرض الدفاع عن القيادة السابقة للخلية، لكن فقدان عناصر المباغتة والمبادرة والاستباق جعل التفجيرات الإرهابية تعود الى قلب بغداد لتستهدف المدنيين كما حدث في تفجير ساحة الطيران في كانون الثاني 2021؛ خلية الصقور الاستخباراتية أميتت سريرياً.

أن تتموضع نقطة للشرطة الاتحادية على مسافة أربعة كيلومتر عن أقرب نقطة إليها في منطقة خطرة وبيئة خصبة للإرهاب كالحويجة هو عملية تقديم قرابين مجانية، فإذا ما أضفنا الى ذلك استنجاد الشهداء لمدة ساعة ونصف الى ساعتين عبر أجهزة الاتصال اللاسلكية دون أي إمداد وإغاثة من آمرية الفوج فهذا تقصير مخجل مرده الى أحد أمرين: أما انعدام الكفاءة والإهمال، أو الخيانة المتعمدة وبيع أبنائنا كما حدث سابقاً.

تتدخل الأجندات السياسية في منع عمليات تطهير الحويجة، كما تتدخل في الطارمية، وتتدخل في صلب إدارة عمل الأجهزة العسكرية والأمنية  لتبقى هذه الخواصر الرخوة عوامل إنهاك للدولة والقوات المسلحة تحديداً. ولا نأتي بجديد إذا ما علمنا أن محافظة كركوك هي محل صراع بين عدة أطراف متنازعة: صراع بين الدولة المركزية وإقليم كردستان، صراع بين العرب والكرد والتركمان وبقية الأقليات فيها، صراع بين حواضن الإرهاب والدولة، وعلينا أن نعترف بأن استمكان إحداثيات النقطة دلالة على وجود جهد استخباري فاعل لدى جيوب داعش يتمثل بالكاميرات الحرارية خصوصاُ أن 85% من قدرات داعش الجوية تعتمد على الطائرات المسيَّرة، وإن معرفة عديد النقطة وعدتها عبروجود المخبر السري بهيئة راعٍ يتنقل بأريحية في المنطقة ويتردد على هذه النقطة ويزود منتسبيها بالحليب والأغذية هو دلالة سذاجة وانعدام الحس الأمني الذي كان على القيادات الأمنية أن تعززه لدى منتسبيها، وأن تمنع مسببات هذا التعاطي عبر تحقيق الاكتفاء في المؤن الغذائية للمنتسبين، ودلالة على وجود حواضن طائفية إرهابية لا تنظر الى المواطن الشيعي فقط على أنه كافر-عسكرياً كان أم مدنياً- بل تنظر الى المواطن السنّي المنخرط في سلكَي الجيش والشرطة على أنه مرتد، ومُهدَر الدم، هذا الفكر الداعشي لم نتخلص منه حتى الآن!

مكنّ وجود الحاضنة الإرهابية، وتضاريس المنطقة من تنفيذ مثل هكذا عملية؛ إن معرفة التضاريس تحتاج الى غطاء جوي، لكن للأسف فإن طيران الجيش –الهليكوبتر- يحتاج الى إذن قوات التحالف الدولي وعلى رأسه أميركا!

ومثل هكذا عملية لا يمكن أن تتم دون إسناد جوي، إسناد توفّر للدواعش الإرهابيين فيما حُرِمَت منه قطعاتنا الباسلة التي قاتلت حتى آخر رصاصة في ذخيرتها بعد أن تعرضت الى القنص بدايةً؛ وهنا ألقي بالاتهام –وليس اللائمة- على قوات التحالف الدولي التي لم توفر أي إسناد جوي لقواتنا البطلة، فيما يبدو أنها وقفت متفرجة امام هذا الاستهداف، أو إنها وفرت الدعم الجوي لهذا الهجوم على الأقل بسماحها بتحليق الطيران المسير للدواعش، والأمثلة كثيرة على مواقف مشابهة للتحالف الدولي حين يقوم طيرانه بتجاهل –إن لم نقل تغطية-  رتل الخالدية الضخم للدواعش الذي كان يتحرك بكل أريحية خلال معارك التحرير ضد داعش، ولم يستهدفه بالقصف الجوي، في حين تُستهدَف قواتنا المسلحة من جيش وحشد وشرطة اتحادية أكثر من أربعين مرة بحجة الأخطاء العسكرية، بما في ذلك استهداف المدنيين في الساحل الأيمن من الموصل.

لا يزال المفلسون سياسياً يراهنون على زيادة زخم العمليات الإرهابية قبيل كل عملية انتخابية، منذ انتخابات الجمعية الوطنية 2005 وحتى الآن، غايتهم زيادة الضغوط على المواطن العراقي، ونحن مقبلون على الانتخابات النيابية الخامسة فإننا أمام سلوك ومنهج وآيديولوجيا لم تتغير: أما أن يسيطر مكوّن بعينه على الحكم بمفرده، أو أن لا يسمح للمكوّن الأكبر بأن يكون شريكاً له في الحكم إلا بأضعف الإيمان، وهذا هو هدف الإنهاك.

فيما يخص الأجندا الخارجية فمن الواضح أن أميركا تريد أن تقول أن في حال انسحاب قواتها من العراق، فسيكون العراق معرّضاً الى استيلاء المجموعات الإرهابية على محافظاته كما حدث في سيطرة تنظيم طالبان على أفغانستان مؤخراً، وإن كان هذا ملفاً يستوجب اهتماماً خاصاً لوحده، إضافة الى هدف استنزاف القوات المسلحة العراقية وإنهاكها الى الحد الأقصى لضمان الحد الأقصى من الأمن للكيان الصهيوني.

من الغريب أننا في العراق نتحدث عن استباق ومباغتة وجهد استخباري، ونحن نرى النداءات الاستخبارية السرية متداولةً في مجاميع الواتساب: السيارة المفخخة ذات الرقم الكذائي خرجت من السيطرة كذا باتجاه المنطقة كذا، شخص يرتدي حزاماً ناسفاً في المنطقة الفلانية، قبل أن يحدث التفجير الإرهابي؛ عن أي مهنية نتحدث؟! لا توجد أي استجابة إيجابية تجاه هذه التهديدات بمعنى أن تكون فاعلاً لا منفعلاً، للقيادات الدور الرئيسي والفضل في تسيير العمليات، فالجندي الذي لا يجد  القائد كفوءاً أمامه، ممن سيتعلم؟ كيف سيكتسب الخبرة والكفاءة؟ بكل اعتزازنا بالجندي  العراقي وشجاعته وبطولته، فهو بالتالي ينفذ أوامر القادة، وهنا يحق لنا أن نتساءل عن جدوى التغييرات الكثيرة في السلكين العسكري والأمني؟ مئات الضباط غُيّروا على أسس طائفية، كيف استطاع رئيس مجلس النواب الحلبوسي لوحده أن يأتي بأسماء 1600 إسم من طائفته تحديداً الى جهاز المخابرات المعني بأمن البلد الخارجي، ونحن نعلم أن معظم أذانا ومعاناتنا هو من دول الجوار الشقيق، ومن يتسلل من الدواعش إلينا عبر حدودها الى أراضينا.

حين يحاول البعض عقد مقارنة باطلة، أو يحاول التعتيم على دور الحشد الشعبي في حفظ الأمن والأمان وتحقيق النصر، فإن الحشد قدّم التضحيات بآلاف الشهداء والجرحى والمفقودين، لكن في غالبية التعرضات من هكذا نوع كالذي حصل في الحويجة فإن الحشد يقدم أقل التضحيات عدداً مقابل تحقيق الانتصار والثبات وعدم تمكين العدو من تحقيق مكسب على الأرض.

نعم، في مثل تعرض الحويجة يقدم الحشد شهيداً أو شهيدين، لا إثنى عشر شهيداً ينادون طلباً للنجدو لساعتين دون أن يغيثهم أحد، الحشد لا يترك رجاله، وبعبارة مختصرة فإن الحشد الشعبي هو من يمتلك اليد الطولى في حرب العصابات لأنه الأكثر خبرة. الحشد الشعبي في مثل هكذا تعرضات يقدم العدد الأقل من التضحيات، لكنه يقدم التضحيات الأعلى نوعاً، يقدم القرابين الأغلى لأنه يقدم القادة شهداءً،لأن القادة في الحشد هم من يتقدمون الجنود، لذلك دائماً هم من يستشهدون، وليس العكس بأن يضحوا بجنودهم ويتركونهم لقمةً سائغةً للأعداء كما حدث للإثنى عشر منتسباً في الشرطة الاتحادية، وعلى سبيل المثال القائد الشهيد آصف الذي استشهد مؤخراً في انفجار جرف النصرهو ليس آصف اللواء 47 فقط، إنما هو آصف الحشد كله؛ ومن هنا ننطلق الى نقطة مهمة جداً بل وفي غاية الخطورة وتمثل قنبلة موقوتةً تتمثل بعودة أسر الدواعش والأهالي الى جرف النصر، وهي النقطة التي يركز عليها كثيراً دعاة الدفاع عن المغيبين وملف عودة النازحين، ولا بد أن نلتفت الى أن هناك نقاطاُ مفصليةً فيما يخص حزام بغداد لا بد من عدم التفريط بها، ولا أستبعد أن يكون ما حدث رسالةً تسبق الاستحقاق الانتخابي، وعلاوةً على ذلك تمثل مخيمات اللاجئين خارج الحدود العراقية قنبلة موقوتة أكثر خطورة كمخيم الهول في سوريا، إذا ما حاولت الممثلة الأممية جينين بلاسخرت في لقائها يوم الإثنين 6/9/2021 بالسيد قاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي أن تلتمس إعادتهم الى العراق بحجة مراعاة الظروف الانسانية، رغم أن البيان الرسمي لم يذكر إعادتهم صراحةً، لذا يجب أن نتساءل ما هو حجم التغيير المتوقع في خارطة التحولات الجيوسياسية العراقية بإعادة ما يربو على ثلاثين ألف نازح مشبع بالفكر الداعشي حتى النخاع، والولاء لخليفة الدولة الداعشية!

وما دمنا نتحدث عن الولاء فلا بد من التأكيد على مسألة مهمة هي وجود الولاء للدولة العراقية، للوطن، لدى كل مقاتلينا في الجيش والحشد الشعبي والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب، لكن (ورداً على دعاة حل الحشد الشعبي، أو دمجه بوزارتي الدفاع والداخلية) لا يمكن تسليم أكثر من مئة ألف أسد ليقودهم...شخص تخلى عن العراق يوماً ما، وسلّم إحدى أهم محافظاته بيد الدواعش في مواجهة بضعة عشر سيارة حمل –بيك أب- تعلوها (أحادية)! من الصعب حتى تخيل ذلك، لا يمكن جعل هؤلاء الأسود تحت إمرة ضباط يتخلون عن الجنود وهم يستنجدون لساعتين عبر أجهزة اللاسلكي دون استجابة، كما تُرِك الشهيد في الجيش العراقي مصطفى العذاري مصاباً في أرض المعركة، أو كما تُرِكَ أخي مصاباً في أرض المعركة لساعة ونصف بسبب دليل مناطقي أرشد سريتهم في الجيش العراقي الى منزل مفخخ، ثم هرب، ورفض الآمر الطائفي إخلاء أخي الجريح مع القطعات المنسحبة، وبقي وحيداً مع صديقه الوفي الذي رفض التخلي عنه، وظل ينادي القطعات القريبة لنجدتهما عبر اللاسلكي، دون جدوى، ولم يستجب له سوى قوة تابعة لعصائب أهل الحق –قبل أن يطلق على الألوية تسميات الأرقام 41، 42، 43..) لم تكن الأقرب إليهما مسافةً، ونقلوه الى المستشفى لتفيض روحه الطاهرة  شهيداً هناك، ولولاهم لما تمكّنا من العثور على جثمانه، ولأُحرق كما أحرق مصطفى العذاري.

لا تعوز الجندي العراقي الشجاعة، بدلالة أنه مع انهيار القوات المسلحة العراقية قبل الفتوى، وحين كانت فصائل المقاومة قد انبرت للدفاع عن حزام بغداد ودفع الخطر عنها وعن محافظات الوسط والجنوب لا سيما كربلاء المقدسة والنجف الأشرف، التحق بها عدد من الجنود المنسحبين الذين تخلى عنهم الضباط والقادة، حتى تعافى الجيش والشرطة، واستطاعا أن يلملما شتات ما تبعثر منهما ويستعيدا عافيتهما للتصدي لشر داعش كتفاً الى كتف مع إخوتهم.

وبعودة سريعة الى التأريخ القريب فإن قيام الحاكم المدني للاحتلال سيّء الذكر بول بريمر بحلّ الجيش السابق، أراد بناء جيش جديد على أسس احترافية غير عقائدية، وهذا يحوّل أي جيش الى مجموعة من المرتزقة؛ فيما مضى كانت العقيدة العسكرية للجيش العراقي هي عقيدة روسية لمرحلة ما قبل انهيار الاتحاد السوفييتي، فما هي عقيدته اليوم؟؟

بعد عام 2003، وحين بدأ استقطاب الشباب العراقي للالتحاق بالحرس الوطني عبر الراتب الشهري، وبغلق أبواب التوظيف والحرمان من فرص العمل إلا عبر الالتحاق بالحرس الوطني، أو بالشرطة، أو بعمال النظافة لهم منا كل التقدير، التصريحات بهذا الصدد كانت تصدر حتى على لسان رئيس الوزراء وقتها، فلا بد من عقيدة عسكرية واضحة للقوات المسلحة  العراقية تبنى على أسس جديدة تنبثق من واقع العراق وأصالته والتحديات التي يواجهها داخلياً وخارجياً، يرافق ذلك وجود الحشد الشعبي رديفاً للجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية، يمثل صمام أمان للعراق والعراقيين، مع محافظة الأجهزة المذكورة –ومنها الحشد الشعبي- على استقلاليتها وتبعيتها القانونية للدولة دون دمج أو حلّ، ووجود قيادة عمليات مشتركة تحت قيادة رئيس أركان الجيش في المناطق الساخنة كما في أيام معارك التحرير هو ضرورة وليس ترفاً.

وللمرة الألف أقولها لن يحل أزمة الاستهدافات المتكررة والخسائر التي لا تعوَّض إلا اشتراك الحشد الشعبي وتواجده مع إخوته في بقية الأجهزة في مناطق التعرضات الداعشية، وتكثيف التواجد بمسافات أقرب بين نقطة وأخرى، والتعزيز بالغطاء الجوي الذي يستلزم التخلص من ربقة هيمنة أميركا والتحالف الدولي على الأجواء العراقية، ومحاسبة المقصرين.

وهذا يقودنا الى التساؤل: الى أين يمضي الحوار الإستراتيجي بين العراق وأميركا؟ ما جدوى الاتفاقية الإستراتيجية بين العراق وأميركا؟ حين تدفع مئات الملايين من الدولارات الى الجانب الأميركي مقابل التسليح والتجهيز والتدريب لسنوات طوال ثم تنهار القوات أمام المجموعات الإرهابية في غضون ساعات سواءً في العراق، أو أفغانستان!

لا تعوز جنودنا الشجاعة، إنما يعوزنا حسن الإدارة، وحسن التوزيع والانتشارللقوات، نعاني غياب الجهد الفني لا سيما التقني، وتعطيل الغطاء الجوي. لسنا بحاجة الى تجنيد المزيد من شبابنا عبر تشريع قانون الخدمة الإلزامية الذي يحتاج كأي قانون الى ثلاثة أشهر من التداول مما يعني ترحيله الى البرلمان القادم.

وهنا يحق لنا أن نتساءل: في بلد يمتلك مليون وربع المليون مقاتل هل نحن بحاجة الى مزيد من الترهل في ملاكات الدولة؟

أليس تجنيد حوالى 500 ألف شاب تنطبق عليه شروط القانون، أو حتى أقل، تأسيساً لجيش جديد؟ أين هم دعاة حلّ الحشد الشعبي بحجة كونه جيشاً بإزاء الجيش العراقي؟!

حكومة تتباكى على توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين في كل شهر وتؤخرها، من أين ستدفع رواتب الجيش الجديد؟!

هل يعقل أن ينخرط مئات الآلاف من الشباب العراقي في الخدمة الإلزامية، فيما نستورد العمالة المصرية والفلسطينية وحتى الأفغانية –وهذا لوحده  ملف في منتهى الخطورة – ونوفر لهم فرص العمل خدمةً لمشروع الشام الجديد المشبوه، فيما نحرم شبابنا منها؟!

هذه المخاطر كلها لا يواجهها أمنياً سوى الحشد الشعبي والتفاف جماهيره حوله: ألا بحشد الله تطمئن القلوب، وتصدّي المقاومة العراقية لمحاولات التضليل والتسويف لبقاء المحتل تحت مسميات أخرى، وهما الأمران الباعثان على الطمأنينة،. ويبقى الغطاء السياسي لإنجاح مشروع حماية العراق وبنائه هو الضرورة القصوى التي لا بد من توفير كل الوسائل الكفيلة لتحقيقها، وأرجو أن يكون حملة لواء المقاومة السياسية من الفتح وإخوته على قدر المسؤولية، قريباً من هموم الشعب وآماله، وأن يكون الشعب على قدر من الوعي بمآلات خياراته.

والحشد لله رب العالمين.