لقاء مع الدكتورة حسناء نصر الحسين؛ العلاقات الإيرانية-السورية من الأهداف الى النتائج



1.  برأيك العلاقات الإيرانية - السورية أقيمت على أي مقومات وضرورات وكيف ستستمر؟
لا نستطيع الحديث عن العلاقات الإيرانية – السورية دون الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الاقليمية والدولية والتي ساهمت بشكل كبير في بناء هذه العلاقات واهمها المشاريع الأمريكية  وهيمنتها على  منطقة الشرق الأوسط وتواجد الكيان الصهيوني الذي يعمل على تحقيق هذه المشاريع في المنطقة ، على حساب دولها ومصالح شعوبها ، لتأتي الثورة الإسلامية الإيرانية بما تحمله من فكر مناهض للهيمنة الأمريكية وداعم للقضية الفلسطينية ولحركات التحرر من الاستعمار الامريكي – الإسرائيلي في مرحلة مفصلية من تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي ذهبت فيه دول اقليمية كبرى مثل مصر الى اتفاقيات سلام مع هذا الكيان مما أثر بشكل كبير على دول وشعوب المنطقة التي لديها أراضي محتلة من قبل الكيان الاسرائيلي مثل سورية وداعمة للقضية الفلسطينية وجماعات المقاومة الفلسطينية في طرد هذا الكيان ، وهذا ما دفع بالدولتين الإيرانية – والسورية الى اقامة علاقات أساسها النظرة الاستراتيجية الموحدة الرافضة  للهيمنة الأمريكية وذراعها الكيان الصهيوني المحتل.
مرت العلاقات الايرانية – السورية بعدة امتحانات منها الحرب الإيرانية – العراقية التي كان الأمريكي هو المهندس الأول فيها  في ثمانينيات  القرن الماضي ودعم سورية للجمهورية الاسلامية الإيرانية  وما ترتب على هذا الدعم من مواقف لدول عربية معادية للثورة الاسلامية من موقف سورية الا ان هذه العلاقات صمدت وانتصرت على كل المحاولات الامريكية الغربية الاسرائيلية والعربية أيضا وفشلت في النيل منها  وطالما ان هناك أساسات متينة مبنية على الاحترام المتبادل لسيادة كل من الدولتين ووحدة النهج المقاوم حيال القضايا المصيرية التي تهم شعبي البلدين اعتقد ان هذه العلاقات ستستمر بل ستتحول الى تحالف استراتيجي يصعب كسره. 

2.  هل يقتصر التعاون بين طهران ودمشق على فترة الأزمة والحرب ، أم حضرتك تعتقدين أن أساس هذه العلاقات أعمق؟
التعاون بين الدولتين الإيرانية والسورية لم يكن وليد العدوان الدولي على سورية فهناك مواقف وتطلعات مشتركة سبقت بسنوات مرحلة الحرب على سورية وأذكر منها فترة الاحتلال الأمريكي للعراق ومواقف الدولتين من هذا الاحتلال والتنسيق والتعاون الكبير بينهما لدعم حركات المقاومة العراقية وطرد الاحتلال الأمريكي منه ، الا ان كل مرحلة لها تحدياتها وظروفها التي ترسم شكل التعاون ونوعه لتأتي  الحرب الكونية على سورية  واشتراك عدد كبير من دول اقليمية ودولية بالعدوان عليها  ساهم بشكل كبير في التعبير عن هذه العلاقات وترجمتها  بشكل ملموس على أرض الواقع لتصل بشكلها الحقيقي الى شعبي البلدين بالاضافة الى كل الدول التي تراهن على مدى عمق هذه العلاقات ،  موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية من هذه الحرب وما نتج عن هذا الموقف الإيراني من دعم للدولة السورية والشعب السوري انعكس بشكل إيجابي على تعميق العلاقات بين البلدين وتطورها لترسم الخطوط العريضة لمراحل مستقبلية ساهمت في ترجمة هذه العلاقات السياسية والدبلوماسية على أرض الواقع من خلال دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للدولة السورية والشعب السوري في الحرب على الإرهاب الدولي وامتزاج الدم السوري بالدم الإيراني على التراب السوري وتوقيع عدة اتفاقيات منها عسكرية واقتصادية جعل من هذه العلاقات علاقات استراتيجية . 

3.  ماهي نتائج وأحداث نقل المنتجات البترولية من إيران إلى الموانئ السورية ، و برأيك ما هي أثرات هذه الخطوات على الوضع الاقتصادي للبلدين؟
سورية تعاني من نقص في المنتجات البترولية نتيجة العدوان الأمريكي عليها وخروج المناطق الغنية بالبترول عن سيطرة الدولة السورية في منطقة الجزيرة السورية وسرقة الاحتلال الأمريكي والتركي وعملائهم لهذه الثروة الاستراتيجية للشعب السوري وذهاب واشنطن لتضييق الخناق على هذا الشعب عبر العقوبات الاقتصادية المتمثلة بقانون قيصر الذي يحرم الدولة والشعب السوري من استيراد هذه المنتجات النفطية التي تعتبر حاجة أساسية لاستمرار دوران عجلة الحياة في سورية ، وتعاقب الدول التي تساعد الدولة السورية ، يسجل للدولة الإيرانية مساهمتها في كسر الحصار الامريكي على سورية عبر ارسال المنتجات النفطية الى الموانئ السورية والتي تعرضت لأكثر من مرة الى استهداف من قبل أمريكا واسرائيل لمنع وصولها للشعب السوري ،  الا ان إيران نجحت أكثر من مرة في ايصال هذه المنتجات التي ساهمت بشكل ملموس في تخفيف معاناة الشعب السوري واستمرار المصانع والمعامل في عملية الانتاج بما يساهم بدعم استمرار عجلة الاقتصاد السوري ويسهم بشكل كبير في كسر العقوبات الامريكية على ايران المتمثل بمنع الدولة الايرانية من تصدير النفط واستفادة الشعب الايراني من اراداته  التي ستسهم في تخفيف معاناته الاقتصادية التي فرضتها العقوبات الامريكية عليه . 

4.  ما هي برأيك أهداف زيارة حسين أمير عبد اللهيان الأخيرة إلى دمشق وما هي التطورات الإقليمية التي ستترتب على هذه الرحلة؟
لقراءة أهداف زيارة وزير الخارجية الإيراني الى دمشق لابد ان نشير الى زيارة قام بها معاليه الى تركيا التي تهدد بالقيام  بعملية احتلال جديدة للأراضي السورية بحجة محاربة الإرهاب المتمثل بالقوات الكردية الذي قوبل برفض سوري ايراني لتأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني الى دمشق للتشاور مع القيادة السورية حول سبل تعزيز الأمن والسلام في المناطق الواقعة بين سوريةوتركيا وهذا ما كان قد صرح به عبد اللهيان قبل مغادرته طهران الى دمشق ،  وهذه الزيارة تحمل أهمية خاصة بينما المنطقة تعيش حراك اقليمي ودولي يسعى الى تشكيل تحالفات عبرت عنها اصطفافات اقليمية تعمل تحت الراية الأمريكية لناحية هندسة هذه التحالفات بما يخدم المصالح الأمريكية والاسرائيلية الا أن هذا الحراك لن يستطع حرمان ايران وسورية ومحور المقاومة من موقعه كقوة اقليمية استطاعت فرض نفسها على المجتمع الدولي وحرمان  دولة الكيان الاسرائيلي من تفوقها في المنطقة وهذه التطورات في ملف الاقليم تسعى الى انشاء جبهة رافعة لاسرائيل تساهم في تشكيل توازن قوى جديد في المنطقة بعد فشل مشروع أمريكا المتمثل بالشرق الاوسط الجديد ، مشكل من محورين اساسين احدها محور المقاومة والآخر محور اسرائيل . 

5.  كيف تحللين إمكانية توسط إيران بين دمشق وأنقرة؟  هل يمكن أن تكون هذه الوساطة ناجحة؟ كيف تقرأ دمشق هذة الوساطة؟
تجمع طهران علاقات جيدة مع تركيا واستراتيجية مع سورية وهذه العلاقات تمكنها من لعب دور الوسيط بين أنقرة ودمشق ، ومن الواضح ان طهران تقف على مسافة واحدة بين الدولتين لناحية تفهم مخاوف الطرفين مع التأكيد على رفضها لأي عملية عسكرية تركية في الاراضي السورية لأنها تساهم في انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة  ، الا ان نجاح هذه الوساطة معتمد بشكل كبير على مدى مصداقية الجانب التركي ومدى جديته في الوصول الى حلول سياسية  ودبلوماسية مع دمشق خصوصا أن تركيا لم تكن صادقة وتنصلت من كل التزاماتها التي تمخضت عن اجتماعات أستانا كلها ، أما عن دمشق فهي طالما صرحت وابدت انفتاحها على أي مبادرة تحترم سيادتها الوطنية وتجنب شعبها الحرب فكيف إذا كانت هذه الوساطة ايرانية  الحليف الاستراتيجي لدمشق ؟ اعتقد ان دمشق ترحب بهذه الوساطة الايرانية على ان يكون التركي صادقا فيها فنجاح هذه الوساطة وفشلها معتمد على السلوك التركي وليس على السلوك الإيراني أو السوري لأن سورية هي من تتعرض للاحتلال وليس العكس وبالتالي على تركيا ان تقدم شيئا يبدي حسن النية ورغبتها فعلا في الوصول الى حلول سياسية ودبلوماسية بدلا عن الاحتلال والتهديد والوعيد بالمزيد منه . 

6.  هل تعتقدين أن المحادثات والتنسيق الجديد بين طهران ودمشق له علاقة بوضع القوات الروسية؟  هل سيؤدي هذا التنسيق إلى انسحاب القوات الروسية من سوريا؟
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هذا الموضوع خصوصا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وما نتج عنها من سحب بعض القوات الروسية من بعض المواقع في الجغرافية السورية ، اعتقد بأن هناك تنسيق على مستوى الدول الثلاث سورية وروسيا وإيران ، وهذا التنسيق المتعلق بالحرب على الإرهاب وحماية الجغرافية المحررة كان وما يزال موضع اهتمام لدى سورية وحلفائها ، الا انني استبعد أن يكون هناك انسحاب كامل للقوات الروسية الموجودة في سورية لان بعض هذه القوات موجود قبل الحرب على سورية وهناك اتفاقيات سورية – روسية تحكم هذا التواجد الروسي وطبيعته اما عن القوات التي أتت بعد فترة الحرب يعتمد وجودها او انسحابها بتحقيق الهدف التي أتت من اجله وبطلب من الحكومة السورية المتمثل بمحاربة الارهاب والقضاء عليه وحتى الآن الإرهاب موجود على شكل جيوب في بعض المحافظات السورية.