حقيقة مايجري في افغانستان
كثرت التأويلات والتحليلات حول تداعيات انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وآثاره المستقبلية على أمن المنطقة واستقرارها.
فقد ذهب البعض الى تحميل الجمهورية الأسلامية مسؤولية هذا الإنسحاب وهو من غرائب التحليلات السياسية متهماً أياها بتقديم مصلحتها القومية على أمن وسلامة الشيعة في أفغانستان.
ورغم أن هذا الادعاء الوهن مخالف للمنطق والعقل إلا أننا سنحاول أن ندرجه في سياق ايضاح الصورة كاملة لما يجري في أفغانستان.
فمن الضروري أن نعرف أولاً بأن حركة طالبان الحالية _أو قل التي فاوضت الأمريكان على الانسحاب في 2017 _هي ليست طالبان الأمس وإنما الخط الذي يختلف مع القاعدة وداعش .
فطالبان هذه لاتتبنى مفهوم الخلافة الأسلامية ، وأنما تعتقد بإقامة الدولة (الإقليمية) .
إي أن مشروعها محلياً وليس عالمياً مايعني أنها تسعى لإقامة الحكومة في أفغانستان فحسب.
كما أنها قد أوضحت موقفها من الشيعة سنة 2020 وعلى موقعها الرسمي ، مؤكدة أنهم مسلمون ولايجوز قتلهم أو التعرض لهم.
وأن ماينتشر الآن من مقاطع فيديو لقتل الشيعة في أفغانستان هي مشاهد قديمة
، بل حتى التفجير الإرهابي الذي تعرضت له (مدرسة سيد الشهداء )في كابل أعلنت طالبان أنها تشجبه . ولعل أجهزة مخابرات دولية دفعت عملائها في الداخل الافغاني لتنفيذ الجريمة وخلط الاوراق هنا.
وهذا مايفسر لنا الجهد الإعلامي الامريكي المكثف لتثبيت أن طالبان هي الوجه الآخر لداعش.
نعم لابد من التأكيد على أننا هنا لسنا في وارد الدفاع عن طالبان وتطهيرها من دنس الإرهاب أبدا . وإنما نحن بصدد قراءة موضوعية وتشخيص دقيق لما يجري الآن ،
وبيان التحولات الفكرية التي طرأت على طالبان وأثرت في أولوياتها حتى غدت مسألة الحكومة المحلية في أفغانستان هدفها الأوحد.
صحيح أننا لايمكننا التكهن بما جرى من اتفاق بين طالبان والأمريكان، لكننا نتلمس المساعي الأمريكية الخبيثة الرامية لتحقيق أهدافها من هذا الاتفاق .
فأمريكا تحاول تأليب الرأي العام الشيعي على الجمهورية الاسلامية بوصفها قد تخلت عن دعم الشيعة في أفغانستان .
وتحاول أن تصور الشيعة بأنهم يتعرضون الى عمليات إرهابية عنيفة هناك.
كما أنها تسعى لتقويض جهود الجمهورية الاسلامية الرامية لدفع الاطراف المتنازعة في إفغانستان للوصول الى صيغة حل ترضي جميع الاطراف وتجنب هذا البلاد المزيد من الويلات والكوارث.
ولذا فإنها تحاول التأكيد على أن طالبان إرهابية حالها حال داعش !!
فلماذا تقوم إيران بمقاتلة داعش في سوريا والعراق وهي تتخادم معهم في أفغانستان؟!.
والحقيقة أن الإيرانيين تمكنوا بحكمتهم المعهودة من فتح قنوات التواصل مع طالبان منذ مدة من الزمن ،استطاعوا من خلالها تغيير نظرة طالبان للشيعة وللمسلمين عموما، بل وثنيهم عن تبني العمليات الإرهابية.
وبالفعل وكشاهد على ذلك فان عصابات داعش في افغانستان حاولت التمركز على الحدود الايرانية لزعزعتها ولكن طالبان هاجمتهم وطرتهم منها .
نعم قد تسعى الولايات المتحدة لجعل افغانستان مكباً لنفايات داعش والإرهابيين محاولة بذلك زعزعة الحدود الصينية والروسية وصولاً لعرقلة افتتاح طريق الحرير،
الا ان التفاهمات التي جرت بين الجمهورية الاسلامية وطالبان تقضي بعدم السماح لداعش بالتواجد على الاراضي الافغانية
وبعدها لكل حادثة حديث.
والحقيقة أن هذه التفاهمات جرت بين اغلب دول المنطقة أي ليس بين ايران وطالبان لوحدهما . بل ان القطريين والاتراك والروس وعمان كلهم قد اتفقوا على تبني الرؤية التي تنتهجها إيران في حل المسألة الأفغانية
ولذا نحاول ان نطمئن الجميع أن الشيعة بخير في افغانستان ، والدليل على ذلك هو تلك المدن الشيعية التي دخلتها طالبان والوضع فيها الآن آمن ومستقر ، بعكس ما تتناوله بعض المواقع المعنية بتنفيذ الاجندات الاعلامية الامريكية.
التعليقات