لن تحصل الحرب على لبنان، طالما المقاومة قوية.


هناك مقولة شهيرة تنسب لعالم الفيزياء ألبرت أينشتاين، أنه قال: «أنا لا أعرف ما السلاح الذي سيستخدمه الإنسان في الحرب العالمية الثالثة، لكنني أعلم أنه سيستخدم العصا والحجر في الحرب العالمية الرابعة.

هذه المقولة لا تحتاج إلى نابغة كي يقولها، يكفي لأي عقل بسيط قادر على قراءة ومقارنة التوازن العسكري بالعالم، وما وصلت إليه دول المواجهة من ترسانة عسكرية، حتى يستنتج أنه في حال اشتعال المواجهة فإن المدن ستحترق بمن فيها، مما ينهي معالم التطور والتكنولوجيا.

وما يجري اليوم من مقدمات لحرب كبرى هي الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي يمكن وصفها بالحرب الباردة رغم حماوتها، وما نشاهده من حجم للدمار المرعب يخبرنا عن التطور التدميري بالأسلحة الحديثة.

وهذا المشهد من الدمار بعيدا عن الفائز والخاسر في الحرب، هو سيد الموقف عند أي فريق يقرر الدخول في الحرب، وهذا الأمر ينطبق على الكيان الإسرائيلي نفسه، فإن قام بالحرب، سيتعرض لقصف كبير مما سيلحق أضرارا فادحة في المدن المحتلة وبين المستوطنين، إضافة إلى خسائر مالية، ستكون مرهقة بظل الأزمة العالمية.

وحتى لو شارك الحلف الأطلسي إضافة إلى الأمريكيين في هذه الحرب، فإن التجارب أثبتت بأنه لا يمكن وقف المقاومة وحرب الاستنزاف، مما يعني بان هذه الحرب لن تحقق أية نتائج عسكرية أو سياسية، وخاصة أن كانت هذه الحرب من أجل النفط والغاز، فاستخراج النفط والغاز يحتاج إلى توافق واتفاق دولي، لأنه وبكل بساطة يمكن لأي جهة مهما كان حجمها صغيرا أن تعطل ببضعة دولارات أضخم وأحدث منصة نفطية، أو أن تفجر أنبوب غاز كلفته عشرات مليارات الدولارات.

يروى أن ياسر عرفات عندما كان يحتاج إلى المال، كان يكفيه أن يقول مبارك أنابيب النفط، حتى تسارع الدول النفطية لإرضائه، خوفا من استهدافه أنابيب النفط.

لذلك العدو الإسرائيلي لن يقدم على مغامرة الحرب، ولكن العدو الإسرائيلي يدرك حاجة أوروبا إلى الغاز البديل للغاز الروسي وان الحلف الأطلسي لن يسمح لأي قوة في الشرق الأوسط أن تمنع غاز البحر الأبيض المتوسط من التدفق إلى أوروبا.

انطلاقا من هذا المتغير الدولي الذي احدثته الازمة الروسية الاوكرانية يحاول العدو الإسرائيلي رفع سقف شروطه مستغلا انشغال العالم بالأزمة الأوكرانية، وما تعانيه أوروبا، وقد سمح لنفسه بالتمادي حتى وصل فيه الأمر إلى قصف مطار دمشق الدولي، ولكن رغم كل ما يظهره العدو الاسرائيلي إلا أن العارفين ببواطن الأمور يسمعون همس العدو الإسرائيلي الخائف والذي يناشد فيه كافة القوى التدخل لمنع اندلاع المواجهة الكبرى.

لذلك العدو الإسرائيلي غير مستعد للمواجهة الكبرى، وخاصة مع لبنان.
أيضا بالمقابل المقاومة التي هي قوة إقليمية وشبه دولية، تمتلك كل هذه الإحداثيات، وترابط التطورات السياسية والعسكرية، وهي أعلنت مرارا وتكرارا انها لا تخشى الحرب.

ولكن المقاومة التي تقدر حجم الدمار الذي سينتج بمثل هكذا معركة كبرى، تقول للشعب اللبناني، أن كنتم تريدون النفط والغاز، قولوا يا رب ولنذهب جميعنا الى معركة عمادها وحدتنا، كي نسترجع حقوقنا كاملة، إما أن يذهب فريق لوحده إلى معركة كبرى ليدافع عن حقوق الجميع، دون موافقة أو تفويض من الجميع، فهذا الأمر لن يحصل، فالمقاومة التي ضحت بنفسها وتحملت حربا طويلة الأمد استمرت لعقدين تقريبا كي تحرر الأرض من الاحتلال الإسرائيلي، لم تسلم من فريق لبناني لم يضح أو يخسر شيئا.

لذلك كانت المقاومة واضحة في خطابها، نحن مع ما تقرره الدولة، وللحقيقة هذا الخطاب كان أكثر خطورة على الكيان وأيضا على الحلف الأطلسي، من الإعلان عن حرب ستحصل.

إذا المشهد واضح أن توازن القوة عند المقاومة والعدو الإسرائيلي يمنع في هذه الفترة نشوب حرب كبرى.

لذلك هناك موضوع الحلول البديلة، والتي تكلمت عنها في أكثر من مقال منذ العام 2018 عندما تحدثت عن لبنان المقسم ولبنان كوريا الشمالية والجنوبية، وكيف سيتحول جبل لبنان إلى كونتون مستقل، يتم طرد القوى المناهضة للغرب منه، ويقسم لبنان.

حقيقة الحزب لا يريد تقسيم لبنان، لكن المخطط الدولي الذي سينفجر في لبنان قبل نهاية العام الحالي بمجاعة وانهيار مالي كبير للغاية، سيفرض الكثير من المتغيرات، وسيكون لبنان أما خياران أما التقسيم وأما الحرب الأهلية.

وفي كلتا الحالتين إن كان التقسيم أو كانت الحرب الأهلية، بالنسبة إلى الدول التي تريد ثروات لبنان فإنه الحل الأنجع والأوفر والأقل تكلفة زمانا ومكانا.

وبحال قامت الحرب الأهلية داخليا، وقرر حزب الله أن يرد في عمق فلسطين المحتلة، اقله ستكون التكلفة أقل بكثير على الكيان الإسرائيلي من خوض حرب من جهة واحدة مع المقاومة، لأنه حتما ستكون هناك مساحات مشتركة للعدو الإسرائيلي مع بعض القوة المتحاربة على الساحة اللبنانية، مما يعني اشتعال جبهة داخلية وخارجية على المقاومة وبيئتها.

بالختام، على الجميع الاحتكام إلى لغة العقل والمنطق، ويكفي أن نذكر بمقالاتنا أو نترجم بكتاباتنا ما يقوله سيد المقاومة، وان لا نزايد، أو أن نذهب بالاستنتاج بعيدا والمطالبة بالحرب والنزال.

المقاومة لديها القوة الكافية، للمواجهة والانتصار وقلب المعادلة، لكن بالمقابل هناك اثمان مرتفعة.

أكرر يكفي أن نقرأ بتجرد ما يقوله سيد المقاومة، وان لا نحرفه، ومن خلاله وعلى أساسه نضع الاستراتيجيات والفرضيات، ونقدم رؤيتنا.

الوضع معقد للغاية، لذلك لا حرب في الأفق القريب.
كما أنه لا يمكن استخراج النفط والغاز تحت قصف النار.