إيران والتشيع (الصفوي) … متى يصدر قانون جاستا الشيعي؟؟!!


على طريقة الأفلام السينمائية يقدم لنا البعض سيناريو انتقال إيران من التسنن إلى التشيع (الصفوي) كأحد أفلام الرعب.

ولأن عرض الفيلم لا بد أن يبدأ وينتهي خلال ساعة على الأكثر بخاتمة مفادها أن ما فعله الشاه إسماعيل جريمة لا تغتفر في حق إخواننا (السنة) حيث أجبرهم على التشيع وهي جريمة يتعين التكفير عنها من خلال محاكمة (الصفويين) وإدانتهم مسبقا وعرض (تعويضات) منصفة على ضحايا هذه الدولة أو من خلال إصدار قانون جاستا الشيعي!!.

إنه تبسيط مخل لحقائق التاريخ وتجاهل لحتمياته التي تحكم باستحالة تصور هذا السياق الذي يفترض أن شعبا أو شعوبا كما هو واقع بلاد فارس يمكن أن يتحول بين عشية أو ضحاها من مذهب إلى مذهب لمجرد أن ملك هذه البلاد أصبح شيعيا صفويا .. ويا للإجرام!!.

البعض ما زال حتى الآن يرى أن (أهل السنة) الباقين الآن في إيران هم (بقية السيف الصفوي) وهو أمر يثير الاستغراب إذ أن الشاه إسماعيل حينما واجه العثمانيين في معركة جالديران عام 1514 لم يكن يتجاوز عدد جيشه ال20 ألفا في مواجهة الجيش العثماني الذي تجاوز ال140ألف مقاتل، فكيف نفذ هذا الجيش بعديده المتواضع مجازر مذهبية على تلك المساحة الجغرافية الممتدة؟!.

الشيعة ونقد الذات

من واجب مفكري الشيعة وعلمائهم أن يقوموا بالمراجعة ونقد الذات.. هذا ما نرى ضرورته.

أما جلد الذات دون مبرر واضح ودون دراسة أو تمحيص لعل هذا يرضي الآخر فهذا ما لا نعتقد بجدواه لا اليوم ولا الأمس.

صفوي أو صوفي؟!

لم تكن الدولة العثمانية السلجوقية تسمي نفسها بهذا الاسم بل كانت تسمي نفسها (الدولة العلية) وقبلها الدولة الأموية والعباسية، فما بالك بدولة المماليك وكلها تسميات ألصقت بهذه الكيانات القائمة على البطش والقوة!!.

فهل تسمت بلاد فارس في هذا العصر بالدولة الصفوية أم أنه اسم أو وصف غلب عليها؟!.

الثاني هو الصحيح:

في كتاب (The Cambridge History Of Iran) وتحديدا في جزئه السادس الذي حرره (Peter Jackson) يشير الكاتب إلى وصف الشاه إسماعيل في المصادر الغربية (بالصوفي)[1] حيث تخلو أغلب مراجع تلك الحقبة من وصف (الصفوي) نسبة إلى صفي الدين[2].

أما في مصادرنا العربية المعاصرة لتلك الفترة فيذكر ابن إياس الحنفي في كتابه (بدائع الزهور في وقائع الدهور) ما يلي:

وفي يوم الخميس سلخ صفر سنة 922 للهجرة حضر ساع من عند نائب حلب ومعه رسالة فيها أن شاه إسماعيل الصوفي ملك العراقين جمع من العسكر ما لا يحصى عددهم وهو زاحف على بلاد ابن عثمان فلما طرق السلطان هذا الخبر اجتمع بالأمراء في الميدان وأقاموا في ضرب المشورة وقيل أن السلطان قال: أخرج بنفسي وأقعد في حلب حتى نرى ما يكون من أمر الصوفي (يقصد الشاه إسماعيل) وابن عثمان فإن من انتصر منهما على غريمه لا بد أن يزحف على بلادنا فانفض المجلس على أن لا بد من خروج تجريدة تقيم بحلب يحرسون البلاد. ص22.

وفي يوم الأحد تاسع ربيع الأول حضر إلى الأبواب الشريفة العجمي الشنقجي نديم السلطان الذي كان قد توجه إلى نائب الشام ونائب حلب وقد أبطأ مدة طويلة حتى أشاعوا موته فظهر أن السلطان كان قد أرسله إلى شاه إسماعيل الصفوي خفية في خبر سر للسلطان بينه وبين الصوفي. ص35.

المعنى أليس هناك ما يدعم تسمية بلاد فارس بعد بدء حكم الشاه إسماعيل بالدولة الصفوية سوى الشياع الذي لا يختلف كثيرا عما ذكرنا من قبل من أمثلة عن أسماء الدول التي لا تعدو كونها صفات وصفت بها ثم راجت على ألسنة الكتاب والمؤرخين لكنها لم تكن أبدا تسمية رسمية.

فارق واضح بين (الصوفي) و(الصفوي) فالتصوف مدرسة إسلامية كان لها وجودها البارز في بلاد فارس قبل اعتلاء الشاه إسماعيل للعرش وهي ليست مطابقة للتشيع رغم التشابه والمشتركات بينها وبين باقي المدارس الإسلامية سنية كانت أم شيعية، أما وصفها بالصفوي ثم إضافتها للتشيع (التشيع الصفوي) فيعني أن التشيع في إيران صار تبعا لهذه الأسرة التي رسمت ملامحه!!.

من وجهة نظرنا تأثر الشاه إسماعيل في ثقافته بالمجتمع الذي نشأ فيه وهو بلاد فارس وكأي حاكم مطلق كما كان الحكام في هذا الزمان وإلى الآن أثَر في مجتمعه، إلا أننا نرفض تماما تلك النظرية التي تزعم أن تحول إيران نحو التشيع جرى بالسيف ولا شيء سوى السيف وهي تلك النظرية التي تبناها للأسف الشديد بعض الشيعة، ناهيك أنهم ثبتوا تهمة (التشيع الصفوي) كجرم يتعين التبرؤ منه!!.

السردية السينمائية المشار إليها آنفا يلخصها (الدكتور محمد سهيل طقوش) صاحب كتاب (تاريخ الدولة الصفوية) بقوله:

بعد مقتل سلطان علي بن حيدر على أيدي الآق قوينلو نقل أتباع الأسرة الصفوية الأخوين إسماعيل وإبراهيم سرا من أردبيل إلى جيلان لحمايتهما غير أن إبراهيم عاد إلى أردبيل ودفع حياته ثمنا لهذا وبقي إسماعيل في لاهيجان بانتظار الفرصة المناسبة حيث قام كاركيا بإعداده وتربيته تربية عسكرية ودينية وتحفيظه القرآن الكريم ويدل ذلك على استعداد حكام وسكان المناطق الغربية من إيران تقبل مذهب جديد معارض للمذهب السني.

ولعلك تلاحظ أن (خطط التآمر الصفوي) تضمنت تعليم الشاه إسماعيل القرآن!!.

بقي إسماعيل في لاهيجان خمسة أعوام في كنف كاركيا ميرزا علي وكان بحاجة لجيش قوي فبدأ تجييش أتباعه من الصوفية الصفويين الذين رسخوا مبادئ المذهب الشيعي في نفسه[3].

خرج إسماعيل مع أتباعه إلى قراباغ ومنها إلى أذربيجان في آسيا الصغرى ليستنصر أتباعه فانضم إليه منهم سبعة آلاف ثم توجه إلى طالش بدعوة من حاكمها محمد سلطان واستقر في أرجوان وأسس فيها جيشه المسمى قزلباش وذلك في عام (906هـ/ 1501م)، ثم توجه إلى ولاية شروان على رأس القزلباش وهاجم عاصمتها شماخي ونبش قبر خليل قاتل جده جنيد وأحرق جثته[4].

وضعت السيطرة على شروان ثم باكو الأسرة الصفوية في موقع المواجهة مع ألوند رئيس الآق قوينلو الذي مال إلى مهادنة الشاه إسماعيل بسبب ضعفه فكتب إلى إسماعيل بطلبه فرد عليه مخيرا إياه بين اعتناق المذهب الشيعي والانضمام إليه أو الحرب.

يدل ذلك على:

تراجع الحكام الأقوياء في إيران أمام الاندفاع الصفوي الجارف.
إصرار إسماعيل على التمسك بالمذهب الشيعي وفرضه كمذهب وحيد في إيران.
اعتبار المذهب الشيعي الأساس الذي يوجه سياسات الأسرة الصفوية في المستقبل[5].
فرض إسماعيل بعد استيلائه على تبريز المذهب الشيعي الإثنى عشري على سكانها وأجبرهم على وضع علامة القزلباش واضطهد مخالفيه من أهل السنة وقتل منهم نحو عشرين ألفا وكان يمتحنهم بطرق شتى وأمر بإخراج جثث رؤساء الآق قوينلو من القبور وأحرقها وتوجه أعوانه ومريدوه ملكا على إيران ولقبوه بأبي الظفر شاه إسماعيل الهادي الوالي وذلك عام (907هـ 1501مـ) وضرب النقود باسمه وكتب عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ثم أقام الخطبة باسمه وفرض المذهب الشيعي الإثنى عشري مذهبا رسميا وحيدا للدولة في مختلف أنحاء إيران (ويبدو أن إعلان المذهب الشيعي الإثنى عشري مذهبا رسميا للدولة في إيران كان في معظمه من أجل إيجاد إطار إداري شرعي للدولة الجديدة من جهة وإرضاء لعقائد السكان في إيران من جهة أخرى حيث كان التشيع منتشرا على مستويات شعبية وقيادية وقد خشي علماء المذهب من هذا التسرع لأن معظم سكان تبريز وكذلك سكان إيران كانوا من السنة ولا يدرون شيئا من تعاليم المذهب الشيعي وقد يعارضون هذا التوجه)[6].

الفقرة الأخيرة الواردة في هذا الكتاب تكشف بوضوح حجم التخبط إذ كيف يمكن الجمع بين أسطورة فرض الشاه عباس التشيع بحد السيف وأنه فعل ذلك (إرضاء أو استمالة لسكان إيران لأن التشيع كان منتشرا على مستويات شعبية وقيادية)!!.

العقل (السني) لا يتصور ولا يستسيغ أن يحكم الشيعي شيعيا مثله فكيف إذا كان المحكوم ليس شيعيا؟!.

السؤال التالي: من الذي أوصل التشيع للشاه إسماعيل؟!.

عندما يتحدثون عن الدولة الفاطمية يلفقون قصة عن ابن ميمون القداح ويضعونها ضمن إطار حبكة درامية لا تنطلي إلا على السذج إلا أن السؤال هنا: هل كان وجود التشيع في إيران سابقا على (تشيع) الشاه إسماعيل الذي يتهمه المؤلف بالتشيع لأسباب انتهازية وكيف يمكننا فهم ذلك إلا إذا كان التشيع في إيران آنئذ بضاعة رائجة وله جمهور عريض سعى الشاه إسماعيل لاستمالته تدعيما لكيانه الناشئ وليس العكس!!.

اعتلى الشاه إسماعيل الأول عرش المملكة الأسرية سنة (907هـ 1501مـ) ومن البديهي أن الحكم في كل بلدان العالم وليس حتى (أغلب) كان ملكيا وراثيا وبقي هذا هو القاعدة والقانون حتى منتصف القرن العشرين.

السؤال هو: كيف كان شكل الخريطة المذهبية في بلاد فارس بتنوعاتها قبل هذا التاريخ؟!.

الجواب عند The Cambridge History of Iran V6.

في المرحلة التي تلت موت تيمور وانتهاء الدولة التيمورية عام 1405مـ أي قبل تولي الشاه إسماعيل بمائة عام تقريبا مرت الحالة الدينية في إيران بعمليتي تحول متكاملتين هما من شكلتا في النهاية ما يسمى بالتشيع الصفوي.

العامل الأول هو المرونة التي أظهرها المجتمع الديني في أداء وظيفته بين الطبقات الحاكمة والأرستقراطية الاجتماعية حيث كان هناك دوما تنوع مذهبي في إيران.

من ناحية أخرى شكل الإيمان بالمهدي المنتظر خليفة رسول الله الحقيقي الذي يأتي ليتصدر القيادة الروحية والدينية للأمة عاملا مشتركا بين أبناء المذاهب الإسلامية المختلفة التي اتفقت على الاعتراف به وانتظار ظهوره.

العامل الثاني: هو التوجه التدريجي نحو التشيع بين التيارات المذهبية الخارجة عن التيار العام خاصة التيار الصوفي حيث لعب الاعتقاد الإمامي الإثنى عشري دورا هاما في تشكيل الوجدان الصوفي. ص 610

شكل الاعتقاد بالمهدي المنتظر ركنا فكريا أساسيا في هذا الوقت بما لا يمنع من الاعتراف بشرعية الحاكم المطبق للقانون كنائب ومرحلة تسبق ظهور المهدي واستلامه لكامل السلطة.

التمازج بين التصوف والتشيع والإيمان بحتمية ظهور المهدي بدا واضحا في معتقدات حركة السربدار كما شكل قاسما مشتركا لدى أغلب حركات الاحتجاج التي ظهرت في القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي. ص612.

تشكلت حركة السربدار 1337مـ (العصر التيموري) في مواجهة الأرستقراطية الحاكمة التي تكونت هي الأخرى من عناصر تنتمي للسنة والشيعة.

أما الحركة نفسها فتشكلت من المحرومين المتشوقين للعدالة الاجتماعية الذين يؤمنون بمبدأ التآخي بين جميع المسلمين فضلا عن إيمانهم بالمهدي المنتظر الآتي ليملأ الأرض عدلا ومن المنطقي أن ينتمي أغلب هؤلاء للتشيع الإمامي الإثنا عشري وبقايا الحركات الزيدية التي ظهرت إبان العصر العباسي.

المنتمون لحركة السربدار لم يكونوا فقط من الأرياف بل كان بينهم أهل المدن والجامع المشترك بين كل هؤلاء إيمانهم بالمهدوية.

في القرن 7/13 كان السربداريون يعلنون عن هويتهم العقائدية بإسراج حصان والطواف به خارج أسوار المدينة كإعلان لانتظارهم المهدي ليركب هذا الجواد. 613.

تضاريس الحالة الدينية في إيران

في كتابه (نزهة القلوب 740/1340) يرسم حمد الله مستوفي صورة دقيقة إلى حد ما لتضاريس التدين في بلاد فارس في القرن الذي سبقه وهو ما يوفر لنا نقطة انطلاق لتفسير التحولات التي جرت في هذا المجتمع.

كان الاتجاه نحو الاندماج بين التصوف والتشيع متسارعا.

في تلك المرحلة تأسست مدينة مشهد المقدسة حول ضريح الإمام علي بن موسى الرضا وازدادت أهميتها كمزار يتوافد إليه الزائرون من كل مكان. ص615

تزايد الاهتمام تدريجيا بمدينة مشهد وضريح الإمام علي بن موسى الرضا في عهد الشاه (روخ)  الذي زار الضريح عدة مرات كما اسهم في تأسيس عدة مقامات في خراسان من بينها (مزار شريف) الأفغانية الآن.

أشرفت زوجته (جوهر شاد) على تأسيس المسجد المحيط بالضريح على أيدي حرفيين جلبتهم من شيراز في الفترة ما بين (808-821) – (1405-1418).

كما جرى تتويج محمود ابن الشاه رخ في مشهد فضلا عن بعض الإشارات التي تكشف عن توجه المجتمع نحو التشيع.

أيضا فقد كان هناك دعاة للوحدة الإسلامية خاصة بين التصوف والتشيع كان أبرزهم السيد محمد نورب خش (توفي 869-1464).

أيضا كان هناك (علاء الدولة السيمناني) المصنف كسني بينما كانت توجهاته تدعو للوحدة الإسلامية وانتهى به الأمر لإعلان تشيعه.

وفقا لمستوفي كان سكان المدن الإيرانية الكبرى أكثرهم من السنة بينما تواجد الشيعة الإمامية في جيلان، مازندران، الري فارامين قم وكاشان إقليم خورزستان خراسان وسبزوار.

في هذه المناطق كان أكثرية الشيعة من طبقة الفلاحين بينما كان هناك شيعة بين الطبقات الأرستقراطية حيث تولى بعضهم مواقع إدارية عليا أثناء الحقبة التيمورية خاصة أثناء حكم السني آق قيونلو. ص 617.

ويذكر الكاتب عن الوزير العثماني دري أفندي قوله سنة 1720 أن ثلث الإيرانيين هم من السنة.

كما يشير الكاتب إلى التأثير العميق للفقه الشافعي وقدرته على الجمع بين الرؤوى الفكرية والفقهية المختلفة وصولا إلى تحقيق قدر لا يستهان به من التجانس بين الأفرقاء المذهبيين.

حتى الشيخ صفي الدين الأردبيلي المنتمي لأردبيل والتي كانت معقلا من معاقل التسنن كان شافعي المذهب. ص 619.

يقول الكاتب: يمكننا الآن أن نجازف بتعريف المكونات المذهبية في إيران مع بدايات العهد الصفوي:

صوفية (متطرفة) لا تمانع في الاعتراف بالمرجعية الفقهية الشافعية تحت تأثير مجموعة (أهل الحق) الكردية والمجموعات البكتاشية التركية (القزلباش) وبعض المجموعات الشيخية المتواجدة في جيلان.

بعض هذه المجموعات يستحيل تحديد نفي أو إثبات شيعيتها من عدمه. ص 620

الذي نخلص إليه من هذه المراجعة السريعة للحالة الدينية والمذهبية في إيران مع نهاية العصر التيموري واقتراب العصر الصفوي أن الوجود الشيعي في إيران كان وجودا بارزا وأن الزعم القائل أن تشيع غالبية سكان بلاد فارس تم تحت وطأة التهديد بالذبح هو ادعاء فارغ يفتقد إلى السند والدليل ويناقض المسار التاريخي لهذه المناطق في العصور التي سبقت ظهور الشاه إسماعيل (الصوفي) وليس الصفوي!!.

مجموعة القزلباش

يمكن وصف الحركة من خلال انتمائها العرقي الجغرافي الديني المركب حيث نشأت بالأساس في آسيا الصغرى في الحزام الجغرافي الممتد من الحدود السورية اللبنانية إلى الحدود الآذربيجانية.

ينتمي أعضاء الحركة بالأساس إلى القبائل التركية وقد سميت بالقزلباش (أصحاب القبعات الحمراء).

استخدم هذا الإسم تارة لوصف الشيعة بصورة عامة وتارة أخرى باعتبارهم (علويين) وهو ما كان يعني للسلطة العثمانية (جمعية سرية) ثم استخدم بعد ذلك لوصف (العدو الصفوي). ص630.

بمرور الوقت تحول التأثير الصوفي ليصبح شيعيا.

الشاه إسماعيل

شكل ما سبق الخلفية التي أدت إلى ظهور الشاه إسماعيل حيث تجمعت في شخصه عدة صفات منها القيادة الروحية والعسكرية والقدرة على الإصلاح التشريعي والدراية بالاحتياجات الاقتصادية للأتباع.

كان الشاه عباس شيخا صوفيا، كما كان يشكل لأتباعه وسيطا بينهم وبين الله وكانت انتصاراته المتتالية هي الدليل على هذه المكانة الدينية الرفيعة.

ورغم ذلك ولدى تمكنه من السلطة فقد سلك الشاه عباس طريق المواءمات السياسية من أجل تحقيق أهدافه. ص634.

يلاحظ الكاتب أن الشاه إسماعيل كان صديقا للمسيحيين ولم ير ضرورة الجهاد ضدهم حيث رأى أن عدوه الأساس هو السلطنة العثمانية.

خلاصة

الذي نخلص إليه أن (جريمة) إجبار الإيرانيين على التشيع تحت طائلة السيف الصفوي لا تعدو كونها أكذوبة تفتقر إلى البرهان والدليل.

يتحمل الرجل مسئولية ما قدمت يداه من جرائم نسبت إليه وهو قاعدة تنطبق على كل الحكومات المتغلبة حتى الآن بما فيها نظم وحكومات تدعي الديموقراطية وتزعم أن لديها انتخابات حرة ونزيهة بينما يقول الواقع غير هذا تماما.

الذي يقرأ ما كتب ودون عن مثالب (التشيع الصفوي) ربما يتصور أن الشاه إسماعيل هو مؤسس مدينة مشهد القدسة عاصمة إيران الروحية الآن بينما يقول التاريخ غير ذلك أي أن تأسيس التشيع في هذا البلد له جذور ممتدة تراكمت عبر القرون وليست حدثا مفاجئا تسبب فيه (نزوة) أحد الحكام.

الذي يقرأ تاريخ مصر بعد سقوط الدولة الفاطمية يعرف جيدا أن عمليات التحول المذهبي تحتاج إلى ما هو أكثر من سفك دماء عشرات الآلاف من البشر وتهجيرهم وربما لا تصل إلى نتائج نهائية أو كاملة ولو بعد ألف عام من الزمان.

أربعة عشر قرن من التاريخ منذ بعثة محمد بن عبد الله ثم رحيله عن هذه الدنيا تاركا لنا وصيته باتباع الكتاب والعترة الطاهرة وتاركا لهم الحكم والكتاب والنبوة (فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا).

بقي أهل بيت النبوة في قلوب الناس غالبا وفي قصور الحكم نادرا لتجزى كل نفس بما كسبت (فَمِنَ الْإِيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِيَّ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَالصُّدُورِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ). علي بن أبي طالب عليه السلام.

دكتور

المنصورة مصر

‏21‏/09‏/2018

‏الجمعة‏، 11‏ محرم‏، 1440هـ

[1] أيضا في المصادر التاريخية العربية (ابن إياس الحنفي) اسماعيل الصوفي وليس الصفوي.

[2] ص 636 من الكتاب المذكور.

[3] ص 52 الكتاب المذكور.

[4] ص 53 المصدر المذكور.

[5] ص 54.

[6] ص 55 من كتاب (تاريخ الدولة الصفوية) محمد سهيل طقوش.