خطوط الفقر في العراق … تزداد صعودا!!!


لا يزال ملايين العراقيين يرزحون تحت خط الفقر في العراق ، رغم الثروات الهائلة التي ينعم بها بلدهم ، والتي يمكن أن تجعل مواطنيه من أغنى سكان العالم.
لماذا خط الفقر في العراق يتصاعد سنوياً؟ ، فبعد الخروج من النظام الدكتاتوري وحقبة النظام السابق والعقوبات التي طالت العراق بعد غزو الكويت عام 1990 ، بدأ العراقيون يشعرون أن أيام العوز والفقر قد غادرت الى غير رجعة ، في وعود قدمها الامريكان أبان أحتلالهم للعراق عام 2003 بأن الأيام القادمة على العراق أيام رخاء ورفاهية ، ولكن مع تقدم السنوات وتوالي الحكومات ومع توفر الأموال أزدادت معاناة الناس ، خصوصاً البسطاء منهم ، فأزدادت معدلات الفقر وبدأت تظهر مدن العشوائيات وطبقات من الناس تبحث عن قوت يومها بين اكوام النفايات أو العمل بأعمال لا تليق بأنسانيتهم في بلد انعم الله عليه بالثروات.
ورغم أن العراق حالياً يأتي في المرتبة التاسعة عالمياً من حيث الثروات الطبيعية ، بحيث يحتوي على نحو 11 ‎%‎ من الأحتياطي العالمي للنفط ، و 9 ‎%‎ من الفوسفات فضلاً عن الموارد الطبيعية الأخرى غير المكتشفة.
ولكن بسبب سياسات الحروب والأحتلال والحكومات الفاشلة التي بددت ثروات العراق ، خلصنا الى هذه المعدلات العالية من نسب الفقر في العراق ، وأصبحت النسبة الآن بحسب بيانات وزارة التخطيط العراقية ما يقارب 25  ‎%‎ من نسبة السكان ، وهذا معناه أن هناك ما يقارب 10 مليون مواطن لايجد قوت يومه او لايجد عملاً يؤمن له المعيشة اليومية ، او يعيش في ظروف معيشة وصحية دون الحد الأدنى المطلوب للحياة البشرية الكريمة ، وهناك بعض المحافظات تجاوزت فيها نسبة الفقر 52  ‎%‎.
وهناك أسباب أقتصادية وأمنية وسياسية وراء هذا التدهور في البنية السكانية للشعب العراقي ، فمع أرتفاع معدلات العنف في العراق والتهجير الطائفي ، وما خلفته عصابات داعش الأرهابية من خراب ودمار ، أضافة الى معدلات الفساد العالية في أجهزة الدولة ، يضاف لها تأثيرات جائحة كورونا وتأثيرها السيء على الأقتصاد العراقي ، مع توقف أكثر النشاطات الأقتصادية خصوصاً في القطاع الخاص ، ولا نغفل الجوانب السيئة في أدارة موارد الدولة ، فقد أصبح الأهتمام الحكومي منصباً على قطاع النفط والطاقة ، وأهملت باقي القطاعات الأقتصادية الأخرى رغم أهميتها والمقصود بذلك القطاعين الصناعي والزراعي ، فضلاً عن قطاع السياحة.
فالخبراء الاقتصاديون يقدرون حجم الايرادات من تصدير النفط الخام بحوالي 100 مليار دولار سنوياً ، بينما يمكن للعراق أن يحصل من القطاعين الصناعي والزراعي أذا ما أحسن أستغلالهما بحدود 300 مليار دولار سنوياً ، وهو ثلاثة أضعاف ما يحصل عليه من القطاع النفطي ، بالأضافة الى قطاع الكمارك والضرائب والسياحة والنقل ، إلا أن الأهمال الحكومي لهذه القطاعات جعلها متخلفة ولا تستطيع المنافسة أمام السلع المستوردة مع غياب السيطرة على المنافذ الحدودية وعدم وجود سياسة ضريبية واضحة تستطيع رفد الموازنة بأموال تستطيع الدولة من خلالها تنشيط باقي القطاعات التي تحتاج الى تمويل لكي تتحول الى قطاعات رابحة بدل أن تكون مستهلكة لأموال الخزينة العامة.
أن غياب النزاهة وسوء الأدارة هي السمات التي رافقت الحكومات العراقية المتعاقبة ، ولازالت هذه السمات تكبل قدرات الدولة في أيجاد حلول أقتصادية جذرية للمشاكل المتزايدة في العراق ، ومنها ازدياد معدلات الفقر والبطالة ، لذلك تأتي كل الحلول فاشلة في أمتصاص هذه المشاكل وأيجاد مخرج مناسب منها ، بل في بعض الأحيان تتفاقم المشكلة أكثر مع التدخل الحكومي في بعض القطاعات ، وهذا ظهر واضحاً من خلال سياسة الحكومة في رفع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي ، فقد زادت نسبة الفقر في العراق خلال سنة واحدة بنسبة 5 ‎%‎ ، وهذا دليل واضح على عدم نجاح سياسة الحكومة التي ركزت على سياسة جمع الأموال وزيادة الضرائب والرسوم ، فمن جهة زادت الحكومة الأحتياطي النقدي في البنك المركزي مع ازدياد طردي في معدلات البطالة وتصاعد خط الفقر بحدة في العراق.
والجانب الآخر المؤثر على نمو الأقتصاد في العراق التدخلات الأقليمية والدولية في الشأن العراقي ، مما عطل الكثير من المشاريع والخطط العملاقة التي كان يمكن أن تغير من الشأن العراقي ، أهمها الأتفاقية الصينية العراقية والأتفاقية مع كوريا الجنوبية والأتفاقية مع شركة سيمنز الألمانية والكثير من المبادرات التي عطلت لأسباب سياسية أضاعت على العراق الكثير من الفرص للتخلص من شبح الفقر الذي أصبح يجثم على صدر الدولة العراقية ، ويعيق الكثير من المشاريع التي تريد الحكومات تنفيذها في العراق.