في ذكرى رحيل مفجر الثورة الإسلامية المباركة في إيران الإمام الخميني (قده)
ليس شيء أدلّ في عصرنا الحاضر على فعالية وكفاءة الإسلام المحمدي الأصيل على الصعيد العالمي في بسط العدالة ومحاربة الجور والجهالة، وتثبيت الفضيلة وإزالة الرذيلة، وإقامة المجتمع الصالح الذي تعمر فيه الحياة الطيبة من تجربة الإمام الراحل الخميني (قده) الثورية التي أثمرت جمهورية إسلامية لها نموذجها الراقي في الإدارة والحكم.
أن يتخرج من الحوزة العلمية الدينية، في قم والنجف، رجل ذو رؤية عالمية شاملة، وفكر استراتيجي عميق، وبصيرة ثاقبة، وحكمة عالية، وشجاعة راسخة، وعزم متين، يضع نصب عينيه استنقاذ مستضعفي العالم من قيود المستكبرين، متجاوزاً بطرحه الثوري، المستند الى الإسلام المحمدي الأصيل، البعدَ الطائفي والمذهبي والمحلي والإقليمي الى البعد الإنساني العالمي، متخذاً في حركته التغييرية الثورية ضد مستكبري العالم وناهبيه من القوى الكبرى وسائل الاعتماد على الله سبحانه، والإخلاص لوجهه الكريم، واليقين بمدده ونصره المبين، والصدق في التمسك بالمبادئ، والتصديق بالقول والفعل، والقدرة على الصبر والاحتساب، وحسن البيان للناس مع جاذبية القدوة ونور التقوى، من أجل تحشيدهم في مشروعه العالمي لاستنهاض المستضعفين في الأرض، حتى تحقق له النصر على أكبر قوة متجبرة في الشرق الأوسط صنيعة أمريكا وبريطانيا، في مدة زمنية قياسية، راسمة معادلة شكلت سابقة وكانت معجزة لخروجها عما هو مألوف في الثورات وعملياتها التغييرية وما تتطلبه من مدد زمنية، حيث استطاع دم الشعب الأعزل في إيران أن ينتصر على سيف الحاكم الأرعن المدعوم غربياً بشتى أسباب القوة، ليسقط عرش الديكتاتورية ويقيم دولة السيادة الشعبية الدينية التي واجهت الشرق والغرب وتهديداتهم الوجودية، متموضعة بشكل مستقل في المنظومة العالمية، رافعة راية الإسلام المحمدي الأصيل، متسلحة بشعار لا شرقية لا غربية جمهورية إسلامية، آخذة بسبل التطور والتقدم في المجالات كافة، ومتسلقة سلم القوة حتى وصلت الى مستوى القوة الدولية فكانت من أقطاب عالم اليوم تواجه الهيمنة الأمريكية عليه، منجزة ذلك في غضون أربعين سنة ونيف، صانعة قفزة نوعية عالية على مسار تطور الدول وتمكّنها.
لقد كانت تلك الثورة الفتح الإستراتيجي الأبرز في سماء القرن العشرين، ومهدت بدولتها سبل إسقاط الهيمنة الأمريكية، مبشرة الإنسانية بفجر جديد ونظام عالمي قائم على القيم الفاضلة لا سلطان فيه للأقوياء على الضعفاء بدأنا نلتمس ملامحه الأولى.
ذلك الإمام كان هادياً للثائرين، وناصراً للمستضعفين، ومذلاً للمستكبرين، وقائداً للأخيار وسيفاً على الأشرار، محيياً للإسلام المحمدي الأصيل وباعثاً للأمل في نفوس الأحرار للتحرر من تسلط الفجار.
مصدر: ألواح طينية
التعليقات