العلاقة بين انتقال القاعدة الامريكية في قطر الى السعودية وتدهور العلاقات السعودية -الاماراتية


 لم تعُدْ الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي ، كما كانت في القرن الماضي ، محصورة و مستورة ، تفاقمت و اصبحت في الوقت الحاضر خصومات ،تصاحبها أجراءات مقاطعة و حصار وتراشق اعلامي ، كما حدثَ و جرى بين قطر و المملكة العربية السعودية والبحرين و الامارات قبل ثلاث سنوات .
           و تصلُ اليوم العلاقات السعودية - الاماراتية الى محطة التوتر والخلاف العلني ، بعد مسار طويل من علاقات تعاون و استقرار مشوبة بحذر وبترقب و ريبة .
        تشهدُ منطقتنا متغيرات ستساهم في اتساع الهّوة و تعميق الخصومات بين دول مجلس التعاون الخليجي ، وخاصة تلك التي لها دور او تبحث عن دور سياسي فاعل في المنطقة وفي العالم، و اقصد المملكة العربية السعودية و قطر و الامارات .
   ماهي اذاً هذه المتغيرات التي ستساهم في تعميق و تكريس الخلافات او الخصومات بين الدول المذكورة ؟ 
   اهّمْ تلك المتغيرات هو الدور الجديد ،  السياسي و الاقتصادي والعسكري ،  لاسرائيل بين دول مجلس التعاون الخليجي ، بعد حملة التطبيع . اينَ ما حلّت اسرائيل و الصهيونية حلّتْ الفتن ،فكيف سيكون الحال وهي تتوغل وتتغلغل اقتصادياً و ثقافياً في الامارات ، ومن خلالها الى ساحات اخرى سّراً او علناً ! 
    توّظف اسرائيل علاقاتها الثنائية و الدولية لمصالحها الاستراتيجية ، وهذا شأن و ديدن كل دولة ، ولكن الفرق بين حال الدول و اسرائيل هو أنَّ الاخيرة كيان محتل و مغتصب وليس دولة ذو مقومات : اسرائيل لا تعرف و لا تعترف بحدودها الحالية ، ترى وجودها الطبيعي هو من الفرات الى النيل ، وفي توسّع جغرافي دائم و مستمر ، و ليس لسكناها ارتباط تاريخي و جغرافي بالارض التي يحتلوها ، وتفتقر الى هويّة وطنية جامعة . سّر وجودها هو صناعة و ادامة الفتن و اشاعة الخراب و الفساد في محيطها ، و اخطر سلاح يهدد اسرائيل ليسَ النووي ، و انما السلام و الاستقرار و التنمية في محيطها ، اي السلام و الاستقرار و التنمية لدولنا و لشعوبنا .
       و تتجه  اسرائيل في تدخلها و عملها التخريبي و الفتنوي نحو الدول التي لها طموح في نفوذ سياسي استراتيجي اقليمي او دولي ، بغض النظر ان كان هذا الطموح يشكّل خطر على اسرائيل ، كحالة ايران او ان كان هذا الطموح لا يشكّل خطر على مصالح اسرائيل كحالة مصر و المملكة العربية السعودية و قطر ، او ان كان هذا الطموح يتماشى مع مصالح اسرائيل كحالة الامارات العربية المتحدة .
      من بين نقاط الخلاف بين المملكة العربية السعودية و الامارات هو ملف التطبيع الابراهيمي ،الذي اقدمت عليه الامارات ، ومضت به بمسار متعدد الجوانب و فائق السرعة ، و لا نعلمْ ماذا دارَ و يدور في ثنايا و تفاصيل هذا الملف ، وما هي نوايا الامارات و اسرائيل تجاه الاشقاء و الاعداء و الخصوم . ولكن نعلمْ ، و غيرنا يعلم كذلك ، بالدور الاماراتي في اليمن ، وخاصة في جنوب اليمن ، ونعلم بالتعاون الاسرائيلي الاماراتي في هذا الدور ، و نعلم ، وغيرنا يعلم كذلك ، بالخلاف الاماراتي السعودي حول دورهما في اليمن . هل من الممكن تبرأة اسرائيل من دور فتنوي بين الامارات و السعودية حول دورهما في اليمن ؟ لا سيما و ان اسرائيل غير سعيدة من الموقف السعودي تجاه التطبيع الابراهيمي ، و تجاه تصريحات سعودية رسمية تؤكد على الحق الفلسطيني، وتجاه أيران ! 
      الخلاف الاماراتي السعودي حول السياسة النفطية امر طبيعي ، و فقاً لمصالح البلديّن المشروعة ، و لا يفسد هذا الخلاف في الوّد قضية ، ولكن ظهورهِ  ، بهذه الحدّة وعلناً ، مؤشر على نفاد صبر  سعودي من سلوك أماراتي سياسي وله ابعاد اقليمية و استراتيجية . 
   صحيح هنالك تنافس بين الامارات و المملكة بشأن التسليح و نوعية التسليح ، وكذلك تنافس بينهما نحو نيل وّد و دعم الادارة الامريكية الجديدة ، ولكن يبقى الدور الاسرائيلي الفتنوي مؤجج و قادر على تحويل هذا التنافس الى خصام ، من اجل مصالح اسرائيلية .
   تزامنَ التوتر الاماراتي السعودي مع انتقال قواعد برّية امريكية من قطر الى اراضي المملكة العربية السعودية، و في الامر اشارة امريكية واضحة نحو استمرار امريكا في تعاونها و دعمها للمملكة ، و أنَّ سياسية امريكا تجاه المملكة لا تخضع لرضا و مصلحة اسرائيل .اي بعبارة اخرى موقف المملكة تجاه التطبيع الابراهيمي وتجاه اسرائيل لم يعُدْ لامريكا ،أمراً اساسياً كما كان عليه الحال في عهد الرئيس الامريكي السابق ،ترامب و صهره كوشنير .
   ونعتقد بان انتقال قوات او قواعد امريكية من قطر نحو المملكة تّمَ بتشاور و برضا الاطراف الثلاث المعنيّة ( امريكا و المملكة و قطر ) ، و لاهداف فنيّة آنية و استراتيجية بعيدة المدى . لا تنوي امريكا شّن حرباً على ايران ، كي تكون قواعدها بعيدة عن النيران الايرانية ، كما ذهبَ في الرأي بعض المحللّين و الصحفيين ، و لا تنوي تجاه العراق و تجاه لبنان غزواً او حرباً ، ولكن تبقى هذه الدول : ( ايران ،العراق ،سوريا ،لبنان ،المملكة ،اليمن ) ملفات شائكة ومهمة و اهداف استراتيجية ،وتحظى برعاية و برقابة امريكية مستمرّة .
   و جاءَ انتشار القوات الامريكية من ارض قطر الى ارض المملكة بعد تحسّن العلاقات السعودية القطرية ، تحسناً ينّمُ على تعزيز الثقة بينهما ، لم تعُدْ قطر في حالة تهديد ، وهي تحظى تأريخياً بعلاقات تفاهم وتعاون مع جارتها ايران ،كما تحظى الآن بعلاقات ثقة و تفاهم مع المملكة العربية السعودية ،التي هي الآن ( واقصد المملكة ) تعيش حالة تعاون مع جوارها ، وتوجّه للانفتاح نحو تركيا و ايران ، وكلا الدولتيّن الاقليميتيّن اصدقاء وحلفاء لقطر .