سياسة السعودية الجديدة في المنطقة والمسارات المفتوحة ..


ما الذي طرأ وتغير باتجاه سورية والمنطقة بخطى متسارعة ،وبتوقيت زمني يأخذ السعودية إلى منحى جديدة في استقرار السياسة المستقلة البعيدة عن الولايات المتحدة الأميركية، وماذا عن عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية ،إضافة إلى أهمية القمة في الرياض سواء حضرت سوريا أم لم تحضر على مستوى المنطقة ؟

 

طبعا تتجه الأمور نحو تطورات كبيرة ومتسارعة في خضم التقارب السعودي مع سوريا والتقارب السعودي الايراني وبالمجمل تقارب بالإجماع العربي باستثناء قطر ، لاسيما أن السعودية تعتزم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى قمة الرياض ، ما يمهد لعودة العلاقات العربية السورية ،إضافة للقاء رباعي روسي ايراني وسوري تركي في موسكو وكذا لتمهيد حل الأزمة ،إذن كتلة من المسارات الإيجابية منفتحة على سياسة جديدة في المنطقة  تقطف ثمار المساعي التي نشهدها ،وكان للصين دور هام وهو بمثابة المحرك الذي خطف الأنظار دوليا لتضاف إلى دبلوماسيتها الناشطة ،وكذا دبلوماسية روسيا التي هي على خط تحقيق مصالحة تركية سورية بينهما ،وفي ظل هذا الحراك الدبلوماسي النشط تتراجع دبلوماسية الولايات المتحدة بطريقة غير مسبوقة ،ومع تقدم سياسة المملكة العربية السعودية باتجاه سوريا ربما يمكن القول أن سوريا ستعود إلى مقعدها في الجامعة العربية ،وربما قد يكون يحتاج إلى وقت بما أن هذا الأمر يحتاج إلى قرار كما يدعي بعض المراقبين ،لأن سوريا عندما تم تعليق مشاركتها في الجامعة العربية انذاك ،اتخذ القرار بالإجماع من وزراء الخارجية العرب ،لاسيما كان القرار الشهير يتسم بتعلق مشاركةدمشق في عضوية جامعة الدول ،فيما اتخذت سلسلة من القرارات التي تتعلق أيضا بالقطيعة مع سوريا ودعم المعارضة وقطع العلاقات التجارية والدبلوماسية انذاك وقفت لبنان الدولة الوحيدة التي اعترضت القرار ،واليوم اختلفت الأمور وذلك من خلال دعوة المملكة العربية السعودية لمشاركة سوريا في اجتماع القمة ،قد يكون ربما أن عضوية سوريا ستعود مالم يكن عودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة والقرار ينتظر مؤتمر القمة الذي سيعقد في السادس عشر من الشهر القادم ،وبالتالي هذا يؤكد على أن هناك سياسة جديدة من السعودية تجاه سوريا ،ستغير الكثير من معادلات المنطقة ،إذ هناك أكثر من موقف للمملكلة العربية السعودية تظهره باتجاه هذا المسار وتحديدا مع دمشق قد يقول قائل مالذي تغير وطرأ بهذا الشكل على نحو متساريع وبتوقيت زمني معين ..

 

في حقيقة الأمر لو لم يكن هناك أرضية سابقة ومجهزة لهذة التحضيرات ، لما رأينا هذا التسارع الذي يبحث عن أسبابه الجميع ،والتغييرات السعودية أو نتائج الجهود التي كانت تبذل في العام الماضي تبلورت اليوم خاصة على مستوى الطاقة ، أي عندما زار الرئيس الأميركي جوبايدن الرياض ،وكان المطلب الأميركي انذاك فتح العلاقات السعودية مع اسرائيل وفشل بذلك واخذت السعودية منحة التمايز وقامت بإعادة او تصحيح السياسة ورسمت مستقبل للمملكة العربية السعودية بهدف الاستقرار المنبثق من القرار المستقل  لماذا ؟ طبعا لمعاقبة الإدارة الأميركية على مواقفها السلبية مع القيادة السعودية ،وظهرت أنيابها السياسية لإيصال رسائل عدة موجهة إلى إدارة بايدن والولايات المتحدة بالعموم ، أي بمعنى أن السعودية كفت يدهابالكامل عن سياسة واشنطن ،ومن ثم كانت القمة الصينية الخليجية في نهاية العام الماضي لها تأثير واضح ومثمر باعتبار الصين العدو الأقتصادي الأول للولايات المتحدة ،كما تعد روسيا العدو السياسي والعسكري في المرتبة الثانية ،ومع التقارب السعودي الايراني وإعطاء الصين دور سياسي هام على مستوى المنطقة أو الاقليم ،كانت السعودية تبعث برسائل جمة للولايات ،كنوع من تهميش الدور الأميركي في المنطقة ،وبالتالي عودة سوريا إلى الجامعة العربية واردة ومطروحة لتصحيح مسار العمل العربي على مستوى الملف السوري الذي كانت السعودية دائما متشددة بقراراتها على ملف عودة دمشق إلى مقعدها ،وربما لا يحتاج إلى قرار بالإجماع لان السعودية تأخذ دور هام اليوم في رسم سياسة خارجية مختلفة يفوق حجم المحور الأخر ،وقد كان لهذة المتغيرات درجات تتماشى مع التوقيت المحدد ،بالشكل والمضمون ،وربما سيكتمل المشهد في حال لبى الرئيس الأسد الدعوة الموجه له لحضور القمة العربية المقبلة في الرياض ،وهو ما نقلته وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة وقبل احتضان السعودية للقمة سيكون الموعد خلال أسابيع مع زيارة دمشق لهذا الغرض ،يقوم بها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ،كمل أن هناك تطور مرتقب يعد تتويجا للمحادثات السورية العربية ،وهذا طبعا نتاج الاتصالات المتكررة فيما بينهما بعد اتفاق بكين وقمة الجزائر  ،وبالتالي تكمن أهمية التطورات والمساعي في إنقاذ التصدع العربي في المنطقة ،وتصحيح ما خربته الحرب في سورية خاصة أن كان هناك من يمول ويسلح ويدرب وينفذ ويخطط ويطالب بإسقاط النظام ،وتسليم السفارات السورية إلى المعارضة وإلى ماهنالك من دمار كانت تترأسه الولايات المتحدة وأدواتها ، واليوم السعودية قامت باتخاذ فرمتة سياسية عاجلة وتصنف سياسيا بالشجاعة إن صح التعبير لتعيد النظر في السياسة الخارجية وأثبت ذلك من خلال خطواتها بتخفيض كميات النفط وهذا لا يروق للولايات المتحدة لاسيما أن بايدن طالب بزيادة الضخ وهذا يحصل لأول مرة في التاريخ ،أي أن كل خطوات التقارب العربي فيما بينهم سيقلب المعادلات في المنطقة ،وقد ينعكس في أماكن ما سلبا لأن الولايات المتحدة تعتبر منطقة الشرق الأوسط هي امنها القومي لما فيها من مصالح ذات أهمية كبرى وتريد المحافظة عليها ،ولكن ربما هناك مسارات ستجعل واشنطن تتفرج وهي مكتوفة الأيدي بعد اللقاء الرباعي الذي سيبحث القضايا العالقة في المنطقة لتكون المفاجئات على مستوى حجم كبار اللعبة في الخارطة السياسية الجديدة .