العرب والمنطقة بعد فوز الرئيس الاسد


قبلَ استشراف حال العرب و المنطقة ،بعد فوز الرئيس الاسد ، و استمراره في الرئاسة ، أُعيد و أُكرر ادناه ،مِنْ بعض ما كتبته عن الازمة في سوريا ،في ٢٠١٩/٢/١ . 
” لَمْ أشكْ يوماً بخروج آمِنْ و متماسك لسوريا من الازمة التي حلّت عليها ، وهي ازمة عربية واقليمية و دولية ، وَلَمْ استرْ هذا الرأي لا رسمياً ،حين كنت سفيراً لبلدي العراق في قطر ، و لا بحثياً ،حين تركت العنان للقلم لتدوين الأفكار ، و ايصالها عبر القنوات الوظيفية والدبلوماسية لأصحاب القرار ، وفي مقدمتهم ،وزير الخارجية السابق الدكتور ابراهيم الجعفري ، و بهدف استشراف الحدث السياسي ، و أنْ يكون العراق سبّاق في طرح موضوع عودة سوريا الى الجامعة العربية ، وسبّاق في لَّم الشمل العربي ، و لَمْ يترددّ الدكتور الجعفري و ببلاغته و بشجاعته من طرح عودة سوريا الى الجامعة العربية ،في اكثر من مناسبة .
عُقدْ الازمة و اطالتها ، و خلافْ ما توّقعه البعض ،كانتا في صالح سوريا و حلفائها، و وضعتا الذين تورطوا في الازمة في متاهات التفصيلات والتناقضات ، الآن لا امريكا و لا تركيا على هداية و دراية ماذا هم فاعلون ، و متى و كيف يرحلون ، و ما عساهم يعملون ازاء الكرد و أحَدهم ( امريكا ) حليف لهم ، و الاخر ( تركيا ) ، عدواً لهم . 
ادركَ الاشقاء العرب بأنّ هوانهم كدول او هوان وانهيار احدهم كدولة سبّبَ تدخلات إقليمية و دولية ، هي في خواتمها ليس في صالح إمنهم و استقرارهم . وضعهم ، ومابينهم خلافات و هواجس أفضل بكثير من وضع استقواء لأحدهم على الاخر بفضل قوّة إقليمية او دولية .”
أهّمْ و قبلَ فوز الرئيس الاسد ،هو فوز سوريا الدولة بجميع مقوماتها ، فوزها على التحديات التي ألّمت بها و احاطتها أمنياً وسياسياً و اقتصادياً ،لم تتفتتْ ولم تكْ ضحيّة لفوضى احزاب و طوائف و قبائل وعملاء و اجندات و تدخلات خارجية . حافظت سوريا على تماسكها شعباً و جيشاً وقيادة ، و حافظت على استقلال قرارها السياسي و السيادي ولم ترتهنْ لارادة امريكا و الغرب و لا لجفاء ولظلم ذوي القربى و الاشقاء .
المملكة العربية السعودية لن تترددْ بعد اليوم على اعادة علاقاتها الدبلوماسية و السياسية مع دمشق ، وستتممْ الزيارة الاولى ،والتي جرت بتاريخ ٢٠٢١/٥/٦ ، والتي كانت ذات طابع امني وتتعلق بمعتقلين سعوديين وصحفيين امريكين في سوريا ، بزيارة اخرى ذات طابع سياسي واول الخطوات هو فتح السفارة .
سيعود العرب الى سوريا ، وستعود الجامعة العربية لاحتضان سوريا ، و لا اقول ستعود سوريا الى الجامعة العربية . لن تخضعْ سوريا للشروط الامريكية و لا لشروط التطبيع مع اسرائيل ، من اجل العودة الى الجامعة العربية . 
اعادة انتخاب الرئيس الاسد هو انتصار آخر ( بعد انتصار غزّة ) لصالح محور فلسطين او محور المقاومة ؛ المقاومة ضدّ الاحتلال والتوسع والتهويد و الارهاب .
انتصار الاسد هو ايضاً فشل للسياسية الامريكية والصهيونية والرجعية ، و جاءَ ذلك صراحة على لسان روبرت فورد ،السفير السابق للولايات المتحدة الامريكية في دمشق ، حيث قال ، تعليقاً على الانتخابات السورية ،” بانَّ فوز الاسد هو فشل للاستراتيجية الامريكية تجاه سوريا و المنطقة “.
السنوات الثلاث القادمة ستشهد سوريا تعزيزاً سياسياً و ميدانياً ، يؤهلها و بجدارة لتحرير كامل التراب السوري من قبضة الجماعات الارهابية ، وستنسحب ، و وفقاً لتوافقات سياسية ،تركيا من الاراضي السورية . 
خلال السنوات الثلاث القادمة ،لن يكْ في مقدور و استطاعة اسرائيل من الاستمرار باحتلال الجولان دون عقبات ومساءلات سياسية دوليّة وحتى ،على الصعيد الداخل الاسرائيلي ، من اجل اعادتها الى شرعيتها السورية ، و بخلاف ذلك ، ستكون الجولان ساحة اخرى للمقاومة ضّدَ الاحتلال الاسرائيلي .
بعد انتصار غزّة ، ادركَ محور فلسطين او محور المقاومة ،حالة الضعف التي تنتاب كيان الاحتلال ، و ادرك أيضاً بان الانتصار سيصنع انتصار آخر .
انتخاب الرئيس الاسد هو شأناً سيادياً سورياً ، و مصدر شرعية الانتخابات تُستمدْ من ارادة الشعب ،الذي عبّرَ عنها في اطار دولة متماسكة ومحتفظة بمقوماتها ، وليس في اطار دولة مُخترقة خارجياً و مُستَخدَمة او مقسّمة واقعياً و داخلياً ، ولمْ تستطعْ ان تجد لها سبباً . 
التعامل بايجابية تجاه الانتخابات السورية ، او بحيادية و وفقاً لاصول القواعد الدبلوماسية بين الدول اصبحَ ، الآن ، مؤشراً على مدى الاستقلال او التبعية للارادة الامريكية ؛ رؤساء كل من روسيا وايران ولبنان واليمن بعثوا برقيات تهنئة للرئيس السوري ، وليس في الامر عجبْ ، هم حلفاء ، و في خلاف مع الارادة الامريكية تجاه سوريا . وكان مقدوراً لدول عربية ، لم يكْ لها جماعات مسلحّة في سوريا ،ولم تكْ داعمة لا للارهاب و لا ” للديمقراطية “في سوريا ، أنْ تبارك الانتخابات او تهنئ او تكتفي بتصريح يعبر عن املها وتطلعّها لاستقرار سوريا ولوحدة سوريا ! هكذا تقتضي اصول التعامل الدبلوماسي بين الدول ، حتى و إنْ كان بينهم خلاف او اختلاف ! 
لا يوجد تفسير او تبرير لتجاهل بعض دول الجوار للأنتخابات السوريّة غير الخشيّة من احتمال عدم رضا امريكي او اوربي .

المصدر: ألواح طينية