الاصلاح ج1
يعتبرمفهوم الإصلاح من المفاهيم و المواضيع التي سال حولها مداد كثير، وكتب عنه في مجال البحث والدرس والتحليل ما هو في حجمه مقارنة بغيره كبير جدا
،وما زال هذا المفهوم ( الاصلاح)
في حاجة إلى ضبط وتحديد؛ ليس لصعوبته، وإنما لارتباط المفهوم ومراميه برغبات دعاة الإصلاح، وإسقاطهم دلالاته ومعانيه على محتويات ومضامين مشاريعهم ورؤاهم للتغيير والنهوض بالمجتمع.
ان الإصلاح هو جملة التغييرات التي يتم إدخالها على نظام ما، بهدف جعله قادرا على الاستجابة لمتطلبات المجتمع جزئيا أو كليا، ويتم مشروع الإصلاح باستثمار المحيط وأخذ معطياته بعين الاعتبار، وتدبيرها بطريقة رشيدة أما نتائج الإصلاح، فإنها تتحدد بالمردود الذي يحققه.
وحقيقة الامر ان الاصلاح لايكون بتغيير الاشخاص او الاحزاب او الحكومات بل الاصلاح يجب بتغيير العقليات والذهنيات وطريقة واسلوب العمل والنظر الى الامورمن جميع الجوانب.
ان المقصود بالإصلاح خصوصا الاصلاح الإداري هو إعادة التفكير في تغيير منهجية وأسلوب الإدارة العامة والتي تتمثل في أجهزة الدولة، وهذه العملية هي في الحقيقة مطلب كثير من الدول سواء المتقدمة أو النامية نظراً لأنها تمثل إعادة دور الدولة في تقديم خدماتها للمواطنين، ومن الأمثلة على عملية الإصلاح ما قامت به نيوزيلندا، وسميت طريقتها «قص الأطراف»، وكذلك ما قامت به أمريكا في عهد الرئيس كلينتون وتبناها نائب الرئيس آنذاك آل جور وسميت «إعادة ابتكار الحكومة» وتختلف الأساليب والهدف واحد وهو تقليص دور الحكومة وقيام القطاع الخاص بدور أكثر وأكبر.
لقد ارتبط مفهوم الإصلاح بالأدبيات السياسية والدستورية والقانونية والاقتصادية أكثر من ارتباطه بنظام التربية والتعليم، وقد يكون الإصلاح جذريا يشمل البنيتين الفوقية والتحتية للمنظومة، أي مختلف عناصرها البنيوية والوظيفية، وقد يكون الإصلاح سطحيا يعالج جوانب محددة ، ويتم اللجوء إلى الإصلاح عند الشعور بخلل أو أزمة ما في نظام ما .(
إن المتغيرات والتحولات التي يعيشها العالم يحتم على الدولة إعادة النظر في سياستها وإصلاحاتها حتى يمكن معايشة الواقع، فالدول كلها تعيش وكأنها سلسلة مترابطة أو كأنها مناطق في دولة واحدة وهذا بسبب الثورة في الاتصالات والمعلومات، وبسبب تدفق المعلومات ووسائل الاتصالات المتعددة بدأ الناس ينظرون إلى حقوقهم على دولهم، وما هي الخدمات التي يجب أن يحصلوا عليها وما هي الطريقة المثلى التي على الدولة اتباعها لتقديمها، وفي ظل الركود الإداري وعدم القيام بإصلاحات مع مطالبة الأفراد بالحصول على خدمات مناسبة أدى ذلك إلى اهتزاز الثقة لدى الناس في أداء المؤسسات الحكومية، مما جعل هناك قلاقل ومشاكل تعيشها هذه الدول.
عندما يكون الحديث عن الإصلاح فإنه من الضروري الحديث عن إدارة الميزانية وكيف يمكن جعلها أداة للإصلاح من خلال حسن إدارتها وليس من خلال موازنتها فقط عن طريق تقليل النفقات، وإنما باستثمارها حسب الأولويات، ومن النتائج الإيجابية للإصلاح الإداري تمويل بعض المشاريع كجذب للقطاع الخاص، وذلك بغية هدف زيادة الكفاءة الإنتاجية ومرونة التعبير في أساليب العمل وحُسن اختيار الكفاءات البشرية حتى تقدم خدمة متميزة تعود على الوطن والمواطن بالنفع العام بتكلفة أقل ونتائج أعلى، وبالتالي توفر الدولة من نفقاتها مما يساعدها على الصرف على البنية الأساسية وعلى المشاريع المهمة، ومن أهم عناصر الإصلاح هو قياس النتيجة وتقييمها وهذا يحتاج لعملية الإصلاح تضع المعايير وتقيس مدى النجاح وتصحيح الانحرافات متى ما وجدت.
وعموماً تعتبر العملية الإصلاحية تحدياً للدول النامية، فهي أداة لزيادة سرعة عملية التنمية كما تعتبر شاملة لأغلب الدول، كما أنها عملية مستمرة ولا يوجد دولة بدأت في العملية الإصلاحية ومن ثم تراجعت.
التعليقات