هل سيقول التيار للحزب، لا تراجع عما  طالب فيه الوزير باسيل، وإلى أين تتجه الأمور.


اليوم اكتب لكم المقال الاخير في هذه السلسلة، كي لا يقول احد إنه فوجئ ويفتح فاه مستغربا مستعجبا، لقد وصلنا إلى هنا، وللأسف هذه ضريبة التفاهمات، التي يقال عنها وفيها (ما لنا لنا، وما لكم أيضا لنا، لأن الذي لكم لا تريدونه في الدنيا بل في الآخرة) ولكل امرئ ما نوى، فالحزب يريد أن يمارس السياسة بكل صدق، وهمه أن يحافظ على الشراكة بعيدا عن الأثمان المالية وما يقدمه من خدمات في السياسة والانتخابات، والطرف الآخر يريد أن يمارس السياسة كما يعرفها هو، (لا توجد عداوة دائمة أو صداقة دائمة، توجد مصالح دائمة) ويجد أنه من حقه الطبيعي أن يستفيد من كل ثانية يضع فيها يده بيد الحزب لأنه مؤمن بأن الحزب بحاجة إليه، وأنه كما هو لا يعارض الحزب فيما يتعلق بالحصة والمناصب الشيعية فانه يجب على الحزب ان لا يعارض ابدا اي طلب للتيار يتعلق بالامور المسيحية.

لا أريد أن أطيل كثيرا فالأيام القادمة ستكشف الكثير الكثير.

أنا لست خائفا على الشيعة، أصلا لا أحد قادر أن يلغي أحد في الشرق، أصغر طائفة لا يمكن لكل الدول أن تلغيها، لكن أخاف أن يقال إننا لم ننتبه إلى هذه النتائج السياسية، ولم نستفد من وقتنا وقوتنا وهذا الكم العظيم من التضحيات، لم نعرف أن نستغل فرصتنا التي هي من أعظم الفرص، للانطلاق نحو العالمية وبناء طائفة كما هي قوية بالحرب، أيضا مخضرمة محنكة هادئة تحقق بهدوئها كل أهدافها السياسية.

لكن الذي أعرفه أنني أشعر بالحزن والانزعاج معا، من هذه الأجواء القاتمة القادمة والتي كتبت عنها قبل سنوات، صدقوني لا يجوز كل هذا الاستقواء على الشيعة، وإن كان في السياسة كل شيء مباح لأنها فن الممكن، لكن الشيعة حتى في السياسة فإنهم يضعون قلوبهم أمام عقولهم.

اليوم أن وافق الحزب وبرضاه على دعم الوزير باسيل في مطالبه سيقال إن الحزب تراجع ورضخ لمطالب جبران، وربما سأل الجميع عن سبب ضعف الحزب أمام الوزير باسيل، إضافة كيف ستتم معالجة الموضوع مع بقية الحلفاء، وهل يشعر الحلفاء بأنه يجب عليهم التحدث بأسلوب الوزير باسيل مع الحزب كي يلزموا الحزب بما الزمهم فيه باسيل.

وبحال لم يوافق الحزب على مطالب الوزير باسيل، حتما سيكون هناك خطاب أشد قسوة من قاعدة وقيادات التيار التي شنت أكبر هجمة كلامية على الحزب منذ انطلاقة الحزب 1982، وكيف سيتم تعويض الوقت الذي عول فيه الحزب على تحالفه مع التيار، نحن نتحدث عن 16 سنة والحزب يعمل ليلا نهارا على دعم التيار بكل شيء، في عام 2009 لو لم يصب الحزب كل الأصوات الشيعية في جبيل والتي تجاوزت ال 8500 صوت لصالح للائحة التيار لكان فاز فارس سعيد وناظم الخوري على لائحة التيار، ودعم الحزب للتيار هو على مساحة التواجد الشيعي، فالشيعة بغالبيتهم ينتخبون التيار بسبب تحالفه مع الحزب.

الأمور معقدة ليس على الصعيد الشعبي أصلا اللبناني “بينسى شو تغدى”، إنما على مستوى من يراقب الأحداث دوليا، والذي يزين التصرفات بميزان مختلف عن الحسابات اللبنانية.

الفريق الثاني مقتنع أنه بحال الحزب لن يقف مع الوزير باسيل فيما يتعلق بمطالبه التي يجد أنها تخدم الحقوق المسيحية فإنه لا داعي لاستمرار هذه العلاقة والتفاهم، وإن كان التيار سيخرج خاسر في السياسة على كافة الجبهات وفي كل الأحوال، فإنه يفضل أن يخسر بين بيئته المسيحية وأن يحمل نفس خطابها، كونه لا يمكن البقاء دائما بحالة صراع معها، وفي الختام لم يحصل على شيء، وهم يرون من وجهة نظرهم أن هذه التصرفات في السياسة تصب في مصلحة الوطن، ولا أحد يهول عليهم أو يربحهم جميلة، وكان الوزير باسيل واضح عندما حذر من العودة الى ما قبل 2005 ، ويرددون كنا افضل حال، فقد واجهوا الجميع وكانوا بمفردهم، واليوم مستعدين لمواجهة الجميع وبمفردهم.

وايضا اي حزب او تيار لا يجد قضية يتبناها، حتما سيخف بريقه ويفقد مناصريه، وكما كل القوى لديها قضية تحافظ على استمرارهم يجب ان يكون للتيار قضية، واليوم لا يوجد السوري، وهم غير قادرين على مواجهة الاحزاب المسيحية، وبحال منكافة المكون السني فان غضب الدول العربية صعب هذه الايام وخاصة ان الكثير من رجال الاعمال الموارنة يستثمرون في الدول العربية، فلم يبق أمامهم إلا الحصول على السلطة او مناكفة المكون الشيعي، وبما أن مناكفة الرئيس بري صعبة للغاية وربما مستحيلة ومن دون مردود داخلي او دولي، تبقى مناكفة الحزب، وهي في هذه الأيام مطلوبة مسيحيا حيث يزاحمون ويزايدون على الفريق المسيحي الاخر بمواجهة الحزب، وايضا الهجوم على الحزب يصنع لصحابة مكانة دوليا، فالدول تبحث بالسراج والفتيلة عن من يناكف الحزب او يساهم بفدرلة لبنان، من اجل حل قضية الشرق الاوسط على حساب لبنان، حسب نظرية كيسنجر.
حتما التيار ليس بقوته السابقة، فقد خسروا الكثير من الذين هجروا التيار، أمثال دولة الرئيس اللواء عصام أبو جمرة الذي تميز بحكمته وحسن إدارته وصلابة مواقفه وتشعب علاقاته العربية والدولية، إضافة أن التيار في السابق كان مزيجا من الطوائف، مثلا أنا الشيعي كنت علامة فارقة في التيار بكثافة نشاطي، حتى عندما اعتقل انطوان الخوري حرب” 1994″ سالوه هل امهز اسمه ناجي او فادي او داني، وكان هناك صقور المواجهة وأبطال الساحات ومتمردو المعتقلات قبل عام 2005 لا أريد ذكرهم كي لا أحرجهم، أما اليوم على ماذا يعولون لا أعرف، لكن أخشى أنهم يعولون على صمت الحزب، وأدبياته التي تمنعه من مواجهة حليف سابق حتى بالكلمة، وخاصة أن الذي يتابع الإعلام اليوم يجد ضعفا كبيرا في إعلام الحزب، بل حتى المؤسسات الاعلامية التي يدعمها الحزب تجدها في مكان اخر، غير معنية حتى بتهيئة الرأي العام لما هو قادم وتوضيح الامور وشرح الاسباب، وكانها هي ايضا بانتظار ان يطلب الحزب منها ان تتحرك، حتى تطالب الحزب بما تريد.