يحسين بضمائرنا
للقصائد الحسينية تاريخ وكتبت في مواقف وللشعراء حكايات من التحدي ارتبطت بمواقف السلطة المعادية لقضية الامام الحسين (ع) ودفع المحبين ثمنآ لهذا العشق الحسيني في أحلك الظروف التي مرت على العراق حكمت فيها الحكومات المتعاقبة بالنار والحديد على زوار الامام الحسين في ذكرى استشهاده وبرزت في تلك العقود قصائدآ لن تنسى ظلت راسخة في وجداننا ربطت بين محبة الامام الحسين والتضحية من اجل المبادىء التي امن بها وهي العدالة ومحاربة الفساد والمفسدين وبين التحدي الكبير للسلطة وممانعتها لهذه الزيارة وابرز هذه القصائد (ياحسين بضمائرنا)
ولتاريخ هذه القصيدة وأسباب كتابتها اقتبس ماورد للأستاذ علاء محي الدين عنها:
في عام ١٩٧٤ كان المرحوم الشاعر الحاج رسول محيي الدين مدعوآ من قبل الحاج حسن آل ماشي لإحياء مراسيم عاشوراء في موكب جمهور الحمزة الشرقي في محافظة القادسية. وقد اُستدعي رحمه الله بصحبة الحاج حسن لمقابلة مدير أمن الديوانية آنذاك لغرض ابلاغهما تعليمات السلطة في ما يجب ان يقال على المنبر من مديح للحزب والثورة (!) وكذلك لتسليمه مبلغ من المال تحت عنوان دعم الشعائر الحسينية. وهو اجراء كان يتبعه زبانية النظام البائد لغرض السيطرة على الشعائر وصولا إلى منعها لاحقاً.
وقد اعتذر الشاعر عن المديح على المنبر بذريعة ان الظرف لا يسمح لان المناسبة حزينة وقد لا يتقبل الناس التطرق إلى مواضيع خارج مصيبة عاشوراء مما قد ينتج مردوداً عكسياً لما يريده مدير الأمن.
واما بخصوص المبلغ رد الشاعر أنه غير محتاج شخصيآ كونه لا يقرأ تكسباً بل أملاً في مرضاة الله وشفاعة الحسين (ع)، وإذا كان المقصود دعم الشعائر فليتم التبرع في هذه الحالة إلى الموكب مباشرة وأمام الناس أثناء قراءة القصائد كما جرت العادة.
خرج الشاعر من المقابلة غاضباً متألماً بعد أن أسمعه مدير الأمن كلمات تسيء إلى شعائر عاشوراء وإلى معتقدات الشيعة وتقديسهم ومحبتهم لآل بيت الرسول (ص)، واستذكارهم عاشوراء من محرم الحرام ذكرى استشهاد الإمام الحسين.
وفي طريقه إلى محل إقامته المؤقت تولدت فكرة القصيدة رداً على إساءة مدير الأمن. وبعدإتمام الصلاة أمسك بورقة وقلم ليكتب مطلع القصيدة وكان وقتها (يحسين بعقايدنه) وليس (يحسين بضمايرنا) كما أشتهر لاحقاً. ثم أكمل نظم القصيدة في الاسابيع اللاحقة في بغداد حيث محل إقامته في حي البنوگ.
وفي موسم الاربعين قرأ الشاعر القصيدة في صحن الامام الحسين (ع) لكنه لم يكملها بسبب إشارة وردته من زبانية الامن المتواجدين في الصحن الشريف رغم كون القصيدة مجازة سلفاً. فأنهى القصيدة عند مقطع (تربة كربله تشهد المن دمنه اصبحت حمرة) بعدما خنقته العبره.
ولم يتمكن أبناءه من تسجيل القصيدة على شريط بكرة وقتها بسبب عدم امتلاك الموكب لجهاز تسجيل.
وبعد ذاك اخفى الشاعر القصيدة املا في ان يسنح الظرف لقراءتها كونه امتنع عن القراءة في المواكب بعد هذه الحادثة.
وقبيل موسم عاشوراء عام ١٩٧٧ طلب الرادود المرحوم الشيخ ياسين الرميثاوي من الشاعر مجموعة قصائد تهيؤاً لمراسيم عاشوراء القادمة حيث تعود أن يستنسخ نسخاً من القصائد المقروءة في المواسم السابقة. فعرض عليه فيما عرض هذه القصيدة وقص عليه حادثة القراءة في الصحن الشريف. فتأثر الشيخ ياسين بالقصيدة وقرأها في موكب عزاء خرنابات في ديالى وتعمد عدم ذكر اسم الشاعر تحسباً للمحاذير الأمنية لكن تم تسجيلها على شريط كاسيت وهو التسجيل الذي اشتهر وانتشر على مدى العقود الخمسة الماضية.
وقد وصلت نسخة من الكاسيت إلى ثوار انتفاضة صفر ١٩٧٧ في طريق النجف - كربلاء والتي صادف اندلاعها بعد اسابيع من قراءة القصيدة في خرنابات. وسرعان ما تم استنساخها وتوزيعها على الثوار حيث أصبحت نشيد وهتاف المنتفضين على طول طريق مسيرتهم من النجف إلى كربلاء. ، ولازال يعاد الاستماع في مراسيم عاشوراء ورفع الراية على قبة الامام الحسين (ع).
التعليقات