النزوح السوري إلى لبنان- مقاربات واهية وأزمة تتفاقم


مقاربات الدولة حيال ملف النزوح السوري الذي يستنزفها منذ اندلاع الحرب التكفيرية على سوريا عام ٢٠١١ برعاية أمريكية غربية لم تتعد الإطار الكلامي الذي يعرض المشكلة وأعباءها وعدم قدرة لبنان على التحمل أمام المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين والأمميين في ظل أزمته الاقتصادية الخانقة المدارة كذلك من قبل أمريكا كحرب اقتصادية عليه.

كل هذا الحراك من قبل المسؤولين في الدولة على اختلاف مستوياتهم التنظيمية لم ينتج شيئاً حتى الآن بعد ١٢ سنة تاريخ بداية هذه المشكلة التي تحولت إلى أزمة زاد في تفاقمها وجود التهريب للسوريين عبر الحدود حتى بلغ عدد النازحين المسجلين مليون نازح ومثلهم من غير المسجلين على أقل تقدير ليبلغ العدد ٢ مليون نازح أي ما يزيد عن ثلث سكان لبنان المقيمين.

إلا محاولة خجولة للعودة الطوعية لهم حاولت القيام بها مؤسسة الأمن العام اللبناني ما لبثت أن أُجهضت في مهدها بسبب الإصرار الأمريكي والغربي على المضي في خطتهم لإضعاف لبنان وسوريا استثماراً في هذا الملف تغييرات ديموغرافية وفوضى خلاقة وأثقالاً اقتصادية

 حتى بلغ النزف من لبنان في بنيته التحتية حوالي ٣٠ مليار دولار بشكل إجمالي منذ بداية الحرب التكفيرية على سورية عام ٢٠١١ وبمعدل سنوي ٤ مليارات دولار أمريكي والنزف ما زال مستمراً. 

وما يدعو إلى العجب أن قضية بهذا الحجم من التهديد الوازن اقتصادياً واجتماعياً لم تلق الاهتمام المطلوب وما زالت الأمور تتجه إلى مبادرات فردية خجولة عبر بعض المؤسسات الأمنية والعسكرية.

واهمٌ من يعتقد أن بيانات الاستنكار والتعريف بالمشكلة وتداعياتها أمام الأمريكي وحلفائه الذين يستثمرون فيها يساعد على حلها.

المطلوب هو جهد فعلي حقيقي يبدأ بتشكيل خلية أزمة بالتعاون مع الدولة السورية لوضع خطة ذات جدول زمني محدد للعودة المشرّفة لهم إلى مناطقهم التي أصبحت آمنة.

فالخطط الجزئية لا تسمن ولا تغني من جوع فلو فرضنا أننا نجحنا عبر إحدى المؤسسات العسكرية أو الأمنية من إعادة عشرة آلاف نازح في الشهر بمعدل ١٢٠ ألف نازح في السنة لاستغرق الأمر ١٦ سنة لإعادة مليوني نازح سوري هذا دون احتساب التزايد الطبيعي لهذا العدد من النازحين.       

فهل يعقل أن يستوعب لبنان بعدد سكانه الستة مليون ضِعْفَ ما تستوعبه أوروبا ذات الألف مليون مواطن من نازحين سوريين.
 
من لم يتعظ من تجارب الماضي وسياسات الغرب والأمم المتحدة الماكرة في التعاطي مع قضايا النزوح واللجوء أثناء الحروب فهو جاهل بكيفية إدارة الأمور وخائف أمامهم ومتردد من اتخاذ القرارات الرشيدة لتخليص وطنه من الأزمات.

ومن يكن بهذه الصفة فليس بأهل أن يؤتمن على أي قضية وطنية أو أن يتبوأ أي مسؤولية رسمية.