هل في سورية فساد أو إنّ الفساد في سورية ؟ ، وما الأسباب التي تحدّ من مكافحته ؟!.
الجزء السّابع
سنكون في الجزء السّابع من البحث لمتابعة الحديث عن وزارتي الكهرباء والنّفط ضمن إطار تضارب التّصريحات بينهما حول الواقع الكهربائيّ ، وهل في ذلك شيء من الفساد ؟! ..
لنستمع بدايةً للسّيّد غسّان الزّامل وزير الكهرباء الحالي عبر تصريحه بتاريخ 20/9/2020م ، الذي أكّد فيه أنّ " من حقّ المواطن علينا أن يحصل على أربع وعشرين ساعة كهربائيّة متواصلة ، وسيلحظ تحسّناً في واقع التّغذية الكهربائيّة خلال الأيّام القادمة ، وحسب المتوقّع وما هو مخطَّط له ، الشّتاء سيكون مريحاً كهربائيّاً نوعاً ما ، فقد تمّ إجراء صيانة لمجموعات توليد ستوضع بالخدمة مع بداية شهر كانون الأوّل ، وإنّ إجراءات وخطّة الوزارة للشّتاء القادم جاهزة ، ونأمل أن يساعدنا توفّر الاحتياجات الأخرى كالغاز ، وهناك حلول مستقبليّة لواقع التّيّار الكهربائيّ في سورية ، ونطمئن المواطن " ، فأين ذلك التّصريح من الواقع ، ولماذا تمّ التّصريح والاستفزاز للمواطنين في ضوء عدم المقدرة والسّعي الحقيقيّ للعمل ؟ وأين تلك الخطّة الجاهزة من التّنفيذ في الشّتاء ؟! وعموماً : أين عمل الوزارة من توجيهات السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد الذي يسعى للعمل على تأمين الاستقرار لسورية وإدخال الطّمأنينة لنفوس الشّعب العربيّ السّوريّ ؟!...
ولعلّ من اللافت في عمل الحكومة وجود تضارب في التّصريحات بين وزارتي النّفط والكهرباء حول زيادة ساعات التّقنين ، فقد نقل تلفزيون ( الخبر ) خبراً بتاريخ 20/11/2020 م ، قال فيه :
" أوضح مصدر في قطاع النّفط لصحيفة الوطن شبه الرّسميّة أنّ سبب زيادة التّقنين هو الوضع الفنّيّ السّيِّء للعديد من المحطّات التي تحتاج للصّيانة ، إضافة لوضع محطّات التّحويل والشّبكات السّيّء التي تحتاج أيضاً للصّيانة والتّأهيل " ، وأكّد المصدر أيضاً أنّ " محطّات توليد الكهرباء التّابعة لوزارة الكهرباء تتسلّم يوميّاً عشرة ملايين متر مكعّبٍ من الغاز وسبعة آلاف طنّ من الفيول من وزارة النّفط ، وهناك إمكانية لتسليمها المزيد من مادة الفيول " ، وتابع أيضاً المصدر فقال : " لكون الفيول متوفّراً فيجب تشغيل المحطّات التي تعمل على الفيول بالاستطاعة العظمى ، لكنّهم غير قادرين على ما يبدو بسبب عدم تنسيق إجراء الصّيانات بالشّكل المطلوب " ، وبيّن المصدر أنّ زيادة ساعات التّقنين بشكل كبير حاليّاً انعكس بصورة سلبيّة على حياة المواطنين وعلى مختلف القطاعات الإنتاجيّة والخدميّة في البلد ، وبات محور أحاديث النّاس الذين يطالبون الحكومة بإيجاد الحلول العاجلة ، ونقلت ( قناة العالم ) الخبر ذاته عبر البثّ المباشر لها عن المصدر ذاته أي ( جريدة الوطن ) تحت عنوان : " وزارة النّفط السّوريّة تكشف سبب زيادة تقنين الكهرباء " وجاء ذلك التّصريح تعقيباً على زيادة التّقنين والتّصريحات الصّادرة من وزارة الكهرباء بخصوص الأسباب حول تلك الزّيادة ، وأيضاً ليكون ردّاً من وزارة النّفط على كلام السّيّد وزير الكهرباء غسّان الزّامل الذي ذكر خلال مناقشة عمل وزارته تحت قبّة مجلس الشّعب في الخامس عشر من الشّهر الحادي عشر ، وفق ما ورد نقلاً عن وكالة سانا قوله :
" إنّهم يعانون مصاعب كبيرة في تأمين الفيول والغاز اللازم لتشغيل محطّات توليد الطّاقة الكهربائيّة بسبب الحصار " ، فكان ردّ المصدر من وزارة النّفط بعد حديث السّيّد وزير الكهرباء بأقلّ من خمسة أيّام ، وعمل السّيّد وزير الكهرباء على تلميع صورة العمل الذي تقوم به الوزارة بعد نشر ما يمكن وصفه _ بسوء التّخطيط في عمل وزارة الكهرباء لينفي تقصيرها _ بعد التّصريح من وزارة النّفط الذي تناقلته وكالات الأنباء ونشرته ( جريدة الوطن وقناة العالم وتلفزيون الخبر وغيرها ) ، فقال :
" تكلّمت مع وزير النّفط بخصوص ما تمّ نشره على أحد وسائل الإعلام عن أنّ وزارة النّفط تعطي وزارة الكهرباء احتياجاتها وكفايتها من الفيول والغاز وأكّد لي أنّ الكلام مغلوط وغير صحيح " ، وأوضح أيضاً أنّ " الوزارة تحتاج يومياً إلى ثمانية عشرة مليون مترٍ مكعّب من الغاز لمجموعات التّوليد بينما لا يتمّ تزويد الوزارة سوى ( 9،4 ) مليون مترٍ مكعّبٍ "، رافضاً تحميل المسؤوليّة لوزارة النّفط مبرّراً ذلك بقوله :
" إنّ هناك جهوداً جبّارة تُبذَل من قبلهم لتأمين تلك الكمّيّة ، ويوجد لدينا مجموعات توليد متوقّفة عن العمل بسبب عدم وجود كمّيّات كافية من الغاز لتشغيلها " ، وبيّن الوزير أنّه يتمّ تأمين ستّة ملايين مترٍ مكعّبٍ من الفيول من وزارة النّفط ، ولكن لا يُستخدم منها سوى خمسة ملايين بسبب أعمال الصّيانة لمجموعات التّوليد ، ويتمّ تخزين الباقي من الكمّيّة حتّى يتمّ استخدامها في الشّتاء عند انتهاء الصّيانة .
وبالمقارنة بين ما ذكره المصدر لجريدة ( الوطن ) وما تمّ تناقله يتبيّن لنا أنّ السّيّد وزير الكهرباء أكّد ما ذهبت إليه وزارة النّفط في تصريحها ، فقد ذكر الأرقام نفسها والكمّيّات من الغاز والفيول التي أكّدت وزارة النّفط تسليمها أو تأمينها لوزارة الكهرباء ، وهذا من جهة ، كما أكّد وجود أعمال صيانة في محطّات التّوليد أو مجموعاتها من جهة ثانية ممّا يثبت صحّة ما ذهبت إليه وزارة النّفط فيما نقله المصدر ، ويشير بالتّالي لحالات عدم تنسيق إجراء الصّيانات بالشّكل المطلوب ويؤكّد سوء التّخطيط في عمل وزارة الكهرباء ، وهذا يتعارض مع تصريحه الذي أشرت إليه قبل قليل والذي ذكره بتاريخ 20/9/2020م ، والذي قال فيه " حسب المتوقّع وما هو مخطَّط له ، الشّتاء سيكون مريحاً كهربائيّاً نوعاً ما ، فقد تمّ إجراء صيانة لمجموعات توليد ستوضع بالخدمة مع بداية شهر كانون الأوّل ، وإنّ إجراءات وخطّة الوزارة للشّتاء القادم جاهزة "، وهو يؤكّد إجراء الصّيانة لمحطّات التّوليد ووضعها بالخدمة مع بداية شهر كانون الأوّل كانت تتمّ دفعة واحدة ودون تنسيق .
ويبقى سؤال لمقام رئاسة مجلس الوزراء والسّادة وزير النّفط والكهرباء والإعلام :
هل يمكن ( لجريدة الوطن ) أن تنسب كلاماً يشير إلى مصدر في وزارة النّفط وتتناقله وكالات الأنباء
ووسائل الإعلام دون أن تعلم ثلاث وزارات به ، وكيف وصل لتلفزيون الخبر وقناة العالم ؟! وكيف تمّ حديث المصدر الذي تمّ تناقله بدقّة ما ورد فيه من أرقام أثبتها وزير الكهرباء كما هي مؤكّداً صحّتها ؟! وهل تجرؤ جريدة محلّية أن تنقل الخبر وكذلك قناة العالم التي لها صلات صداقة لا عداء لسورية أو خصومة لتبثّ أخباراً كاذبة ومضلِّلة ؟، ولماذا جاء توقيت حديث المصدر كدفاع من وزارة النّفط عن عملها بعد أن بيّن السّيّد وزير الكهرباء أنّها السّبب في زيادة التّقنين ، وكان حديثه مع السّيّد وزير النّفط داعماً لمضمون المصدر وما جاء فيه_ وربّما عن غير قصد_ ومثبتاً صحّته عندما حاول نفي مضمونه ؟!، وبيّن أيضاً في مؤتمره الصّحفيّ الأخير بتاريخ الأربعاء 27/1/ 202م قال فيه :
" وزارتا الكهرباء والنّفط تفاجأتا بانخفاض توريدات الغاز " ، وسعى لإظهار حالة من الدّبلوماسيّة في عمل وزارته وإظهار أثر قانون قيصر ، وتجاهل أيضاً أن يشير لسوء تنسيق إجراء الصّيانات بالشّكل المطلوب مكتفياً بالإشارة إلى أنّها تحتاج للصّيانة ، فهل هذا من الفساد أو من غيره ؟! ، وكنتُ قد أشرت لما سبق في الحديث عن التّضارب في التّصريحات بين وزارتي الكهرباء والنّفط في الجزء الرّابع من سلسلة بحث بعنوان :" هل عجزت سورية عن تأمين مستلزمات المعيشة للمواطنين ؟!" منشور في ( الوكالة العربيّة للأخبار ) بتاريخ 7/ 2 /2021، وقد أشار السّيّد حسين عرنوس رئيس حكومة تسيير الأعمال يوم الثّلاثاء الماضي بتاريخ 27/7/2021م للواقع الكهربائيّ الحالي وزيادة ساعات التّقنين وضرورة الاعتماد على الطّاقة البديلة ، فهل أمّنت الحكومة الطّاقة البديلة لاستجرار الكمّيّات اللازمة للشّعب والتي تمّ العمل لها بالتّعاون بينها وعدد من التّجّار لإيجاد السّوق السّوريّة اللازمة ، والتي باتت مهيّأة حاليّاً لاستجرارها وتركيبها ؟!.
وسنكون في الجزء الثّامن في متابعة البحث لبيان واقع الإعلام العربيّ السّوريّ ، وهو يستمدّ مادته الإعلاميّة من الكيان الصّهيونيّ ( إسرائيل ) عبر دلالات موثّقة وسبقت الإشارة إليها قبلاً ، فآمل أن تكونوا معنا في المتابعة .
الباحث والمحلّل السّيّاسيّ :
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية
وعضو الجمعيّة السّوريّة للعلوم النّفسيّة والتّربويّة .
التعليقات