نزوات الانقلابيين وتجار الحروب لا ينفي رصانة الجيش
من بديهيات القول ان المؤسسة العسكرية العراقية مؤسسة رصينة منذ تأسيسها وتأسيس فوج الامام الكاظم ع قبل 100 عام.
فبَعد ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني في العراق وتشكيل أول حكومة عراقية تشكلت نواة الجيش العراقي و ذلك في السادس من كانون عام 1921 و تشكيل اول فوج اسمه (فوج الإمام موسى الكاظم) وكانت بإرادة ملكية تألف من ضباط عراقيين سابقين كانوا يعملون في الجيش العثماني.
الا ان نزوات القادة والجنرالات اوجد مفهوم الانقلابات العبثية فظهرت اول بدعة انقلابية في العراق والمنطقة العربية والتي كانت بزعامة الفريق بكر صدقي عام 1936 والتي مثلت صدمة مدوية للمنطقة والعالم ، تلته انقلابات اخرى.
منه انقلاب الزعيم عبد الكريم قاسم عام 1958، وبعده انقلاب المشير عبد السلام عارف عام 1963 ثم انقلاب بقيادة حزب البعث وترأس الحكم احمد حسن البكر عام 1968.
بعد الإطاحة بنظام الرئيس عارف وتولى حزب البعث السلطة بقيادة أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين وعلى الرغم من وصفه بالانقلاب الأبيض إلا أن اعتقالات واغتيالات كثيرة جرت لشخصيات عسكرية وسياسية.
ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل قيام البكر وصدام وحردان التكريتي بحركة انقلابية اخرى بعد الانقلاب بأيام قليلة اي 30 تموز ، حين طردوا أبرز العسكريين الذين قاموا بانقلاب 17 تموز وهم إبراهيم الداود وعبد الرزاق النايف وجرت تصفيتهم بعد ذلك في المنفى.
وبدأ البعث بالسيطرة الكاملة على جميع مؤسسات الدولة المدنية والمؤسسة العسكرية، وأصبح حزب البعث هو الحزب الحاكم في العراق، ولا مكان لأي كيان سياسي آخر وحتى القيادة العسكرية اصبحت رهينة البعث.
في عام 1979 حصل الانقلاب الرمادي لصدام على رفيق دربه البكر وهو انقلاب مزيج بين المكر السياسي (الابيض) والعسكري (الاسود ) حيث أزاح احمد حسن البكر من الرئاسة، بعد اجتماع ، ادعى فيه أنه كشف خيانات داخل حزب البعث .
وباعترافات القيادي البعثي محيي عبد الحسين مشهدي الذي أقر بانه تعامل مع القيادة السورية للانقلاب على صدام، واعترف بـقائمة تحتوي على 68 اسمًا تمت محاكمتهم وإدانتهم بالخيانة وحكم على 22 منهم بالإعدام، ليخلو الجو لصدام ويستمر بل وينفرد بالحكم ويعدم خلال فترة حكمه اكثر من 180من ابرز قادة الجيش العراقي ممن لم يعطي ولائهم العسكري لنزوات صدام.
ولا ننسى ان اول من اوجد مفهوم الدمج في الجيش العراقي هو صدام نفسه حين اعطى لنفسه رتبة عسكرية هي ( المهيب) والتي لم تكن موجودة في تاريخ الجيش واعطى رتب دمجية اخرى الى صهريه صدام كامل وحسين كامل وعزت الدوري وابن عمه علي حسن مجيد( علي كيمياوي) ووو غيرهم كلهم من الدمج لجعلهم قادة الدمج هم المسؤولون على قادة الجيش العراقي واهانت المنظومة العسكرية واقحام الجيش في اتون حروب عبثية ومغامرات خطيرة اوصلته الى نهاية مأساوية انهار مع انهيار حكمه عام 2003.
هذه لمحة تاريخية سريعة معروفة اوردتها للتذكير فقط .
لذلك عندما يحصل اختلاف على مفهوم الجيش العراقي علينا ان نفهم ان ثمة تاريخ موغل بالانقلابات كانت موجودة.
وفي المقابل علينا ان لا نسقط جيشا كان حاميا للعراق من الاعتداءات الخارجية خصوصا بعد 2003 وما بعد على الرغم من وقوع جانب من الادارة العسكرية بيد الامريكان بحكم الاحتلال وحتى هذا لم يمنع وجود مهنيين مخلصين تجاه الوطن وظهور ابطال احياء وشهداء لا تزال اسماءهم ترعب مسامع الارهابيين.
الا ان الامر المؤسف ولادة قادة حزبيين في داخل المنظومة العسكرية ودلالين لبيع المناصب وباعة الافواج والمراتب ممن استثروا بالمال العام على دماء المواطنين ( كما يشاع بين العامة والخاصة والمحاكم الخاصة ) والذي حصل بسببهم انهيار جانب كبير من المنظومة العسكرية في عام 2014 على يد تنظيم داعش ولو لا ظهور الحشد الشعبي كقوة رديفة و ساندة للجيش لانهارت المنظومة الامنية في العراق.
مع عدم انكار بطولات الشرطة الاتحادية والتي تشكلت في ظروف معقدة عام 2004 وتعد من اكثر التشكيلات التي اعطت شهداء حفاظا على الوطن والمواطن . خاصة بين الأعوام (2014_ 2017).
علينا ان نعرف ان “اثبات الشيء لا ينفي ما عداه” كما في علم المنطق، وإن ظهور سلوكيات غير منضبطة في مسار الجيش نتيجة تاثير قادة النزوات وقادة الاحزاب لا ينفي ان لهذا الجيش تاريخا حافلا بالبطولات لا ينبغي تغطيته او انكاره…
محصلة القول : الجيش والاتحادية وغيرها من التشكيلات العراقية لا يمكن اليوم ان نعرضها للتسقيط بسقوط بعض قادتها او نبرهن لانفسنا اننا اليوم نستطيع العيش بدونهم , حتى مع حصول شوائب تاريخية طرأ على الجيش من نكبات سوداء بسبب تاثير الحكومات على مصدر القرارات العسكرية او الضاغط الخارجي المؤثر.
المصدر: ألواح طينية
التعليقات