قمة طهران محور نقطة ارتكاز أمن المنطقة والأزمات..


محادثات ثلاثية تسعى كل منها لتسوية الأزمات السياسية والاقليمية والدولية ، وحل مسألة الأمن الغذائي بعد أوكرانيا،وكان أبرو محورها سورية ، قمة كانت في منتهى الشفافية ، ومتعددة الاستراتيجيات والاتفاقات ، برسالة استثمار في غاز ايران ، أي معادلات جديدة ترسم في المنطقة على المستوى الاقليمي والدولي ،وما نوعية الرسائل التي وجهت لقمة جدة من خلال القمة الثلاثية في سياقها الزمني  المتعلق بأمن المنطقة برمتها ؟؟ وأبعادها ..

قمة استثنائية ومحادثات ثلاثية في ظل الظروف الدولية الحرجة ، احتضنتها طهران ، وضمت زعماء ايران وروسيا وتركيا ، وكانت سورية حاضرة بقوة ، إذ كانت المحور الأبرز ، في نقطة تلاقي الطرفان الايراني والروسي على رفض عملية عسكرية تركية شمال سورية ،وبمشاركة رؤساء الدول الثلاث القمة الايرانية الروسية التركية ، السيد ابراهيم رئيسي وفلاديمير بوتين وطيب رجب اوردوغان ، حيث ركز كل منهم على نقاط معينة، إذ تحدث الرئيس الايراني عن الدور الامريكي في سورية ، وقال : أن وحدة أراضيها وسيادتها خط أحمر ، في ما تحدث الرئيس الروسي بوتين عن خطوات محددة للحوار السياسي السوري كي تتمكن سورية من تقرير مستقبلها دون تدخل خارجي ، أما الرئيس التركي  ركز على ورقة النازحين وعودتهم مشيرا إلى تفهم تركيا القلق من وجود بعض الأطراف في ادلب ، وعلى خط دمشق طهران يصل وزير الخارجية السوري إلى طهران ، في ما قيادات في القيادة الروسية في سورية تتحرك على خط القامشلي للقاء قوات قسد ، وهذا يعطي نوعا ما نموذج التفاؤل السياسي لحلحة الإستعصاء .

إذا قمة لها وزنها الاقليمي والدولي ،لها مكانة عالمية في محطة العالم الجديد لمواجهة ثقل حرب العقوبات الاقتصادية الغربية والأحلاف الامريكية ، وهنا أعني تشارك ايراني روسي ، إضافة لتلاقي طهران  بشريكتها تركيا أيضا لعل هناك رسالة معنوية تطيح بقمة جدة التي أعطت صورة تذكارية للقادة فقط  ،وبذات الوقت رسالة ردع استراتيجية قوية مفادها ضمان أمن المنطقة بمبادئ ونظام عالمي جديد ، حتى ولو لم تعد رهن استراتيجية واشنطن موجودة  ، ولكنها من اولويات قمة طهران الثلاثية باقليميتها  والثنائية من جهة ، إلا أن أمن الطاقة والغذاء والاقتصاد في العالم فرض نفسه لتبعات خلقته الأزمة الاوكرانية في المنطقة ، وتسعى الدول الثلاث من تخفيف وطأة الأزمات التي سببتها  الولايات المتحدة ، ربطا بضمان وجود الجيش العربي السوري على الحدود الضامن الأكبر وبشكل فعلي لاستقرار البلاد ، والعقوبات هنا  تتناقض مع سيادة الدول ، إذ ايران تدين هذة السياسات ضد الشعب السوري ، وسيادة سورية واستقلالها بالنسبة لايران خط أحمر ،وأن على واشنطن أن تردع نفسها عن المنطقة ومن خلفها اسرائيل التي تزعزع  استقرارها ، وألا سيرتد عليهما . 

فايران وروسيا وتركيا اجتمعوا اليوم لحل المشاكل الموجودة في سورية ، الأمر الأكثر اهمية لدى روسيا وطهران اللتان تعملان على تطبيق اتفاقات أممية تكف شر سياسة الغرب وهيمنتها في المنطقة ، إلا أن هذا الاجتماع الثلاثي ، يمكن أن يلعب دور هام جدا في ضمان واستقرار سورية ، انطلاقا من سياسة روسية التي تتبع مبادئ احترام سيادة واستقلال ووحدة الاراضي السورية ، وكذا سيكون هناك مشروع للعمل الثنائي بخطوات محدودة للحوار السياسي السوري على أساس اتفاقات جديدة من دون أي تدخل خارجي . وهذا يترجم لأن لهذة القمة نتائج ستتبلور في القريب عاجلا أم اجلا ربما ، لأنها حملت عناوين اقتصادية وتجارية واستثمارية ، تستند على أمن المنطقة والاقليم وليس فقط أمن سورية ،من خلال المواضيع التي تجلت بها ومنها موضوع الارهاب ، والطاقة والأمن الغذائي ، وهذا لمصلحة الحضور الثلاثي من الناحية الجغرافية وغيرها ، فخطورة الأمر تكمن عند مشكلة كل طرف منهم ، فمثلا الخطورة لدى روسيا في اوكرانيا أن يمتد الارهاب من سورية إليها، وكذا التركي سيرتد عليه تأثير العقوبات ، فهناك نقاط كبيرة تجمع الدول الثلاث وأغلبها اتفاقيات بعيدة المدى ، قد تغيير من العالم بتحوولاته الاستراتيجية الكبرى وله مخاض ولادة ينفتح على العالم الاخر  ، وإذ صح انضمام ايران على أوراسيا فسيكون هذا مهم جدا أيضا ، وعندما نقول قمة ثلاثية ثنائية ، أي بين ايران وروسيا عقد اتفاقات ، وبين ايران وتركيا تجمع اتفاقيات نظرا  اللقاءات التي حصلت مؤخرا بين قيادات ايرانية وروسية بخصوص الاستثمار والبترول والحقول الخليجية الايرانية ، وأيضا ايران وقعت مع تركيا من خلال زيارة رئيسي ولقاءه اوردوغان ،وبالتالي تبقى المفاوضات المشتركة لها صيغتها وخصوصيتها  المحدودة والمترجمة على الوقائع السياسية التي أحيانا تفرض نفسها ، ولا ننسى الحسابات الاستراتيجية أيضا لها مفعول خاص في تغيير العالم الفعال كقوى فاعلة ، ناهيك عن الدول التي تفتعل الأزمات في الشرق الأوسط . ورأينا وسمعنا عن شفافية الطرح في هذة القمة بتعزيز الاقتصاد ومكافحة الارهاب الأطروحة بحد ذاتها قاعدة أساسية وركن سياسي يعيد ترتيب أوراق المنطقة .


أما بخصوص ما يشغل هم الروسي والايراني كان مختلفا تماما عما يشغله التركي ، إذ كان بالنسبة لروسية مسائل توزيع الطاقة من خلال العقد الذي سيبرم بين الروسي والايراني وهذا عنوان كبير على تغيير النمطية في الاستراتيجيات العالمية ، بينما التركي ولا حظناه جميعنا أنه بالرغم من خطورة السياسة الامريكية على المنطقة بشكل عام وعلى تركيا بشكل خاص إلا انه لا يستطيع أن يخرج من هيمنة الولايات ، ولكنه ربما سيحاول رويدا رويدا ، وهذا يتطلب وقت ، كي نرى نتائج فعالة ومضمونة الشكل لها أبعاد اخرى ، ربطا بأبعاد القمة وما اكتسبته من حضور أعطى زخم قوي متميز بين قوسين اقتصادي واستراتيجي .. في حال تراجعت تركيا في حساباتها ، وأينعت في رسم المعادلات الجديدة لمستقبل المنطقة وهذا حافظ لتغيير استراتيجيتها وفق المنظور الثنائي الايراني الروسي الذي رسم محور نقطة ارتكاز أمن المنطقة في الشرق الأوسط. 

وبالتالي كانت لزيارة بوتن أهمية تاريخية مع نظيره الايراني بشكل خاص ، وهذا  يدل على كمية نفاق واشنطن التي لم تهدأ بقول أن هناك فراغ سياسي ، ويجب عليها سده ، وهذا بعيد عن المنطق والعقلانية ، إذ للمحادثات الثلاث أطاحة بكذبة واشنطن الشهيرة بأنها لن تخرج من المنطقة ولن تترك فراغ في الشرق الأوسط ، وهذة فقاعات اعلامية أشبه بالفقاعات الصوتية التي تطلقها اسرائيل باتجاه لبنان وسورية  .