حوار مع المحلل السياسي الأستاذ بهاء الخزعلي من جمهورية العراق الشقيقة



أجرى الحوار : حسين المير 
إشراف الأستاذة : ربى يوسف شاهين 

موقع معهد أبرار للدراسات والابحاث الدولية 

في خضم المتغيرات السياسية الداخلية والتطورات الإقليمية والدولية الخارجية والتي سترخي بإنعكاساتها 
على المنطقة ككل وعلى العراق تحديداً في هذه المرحلة 
الهامة من الإنتخابات العراقية .

وللإجابة على كل هذه الإستفسارات والأسئلة إستضفنا 
المحلل السياسي الأستاذ بهاء الخزعلي .

بعد الترحيب بحضرتكم استاذ بهاء سؤالي الأول لكم 

كيف سيتم تدارك الأخطاء التي أرتكبت في الإنتخابات البرلمانية العراقية لجهة الطعن فيها من قِبل بعض الكتل .؟؟.

أجاب الأستاذ بهاء ..

في البداية يجب أن نأخذ الموضوع من جلبه قانونية، أن المفوضية وقعت بأخطاء قانونية مستندة الى مادة قانونية واحدة فقط وهي المادة ٣٥ من قانون الانتخابي الجديد الفقرة رقم (١) والتي تلزم المفوضية بإعلان النتائج الاولية خلال مدة اقصاها ٢٤ ساعة من اكتمال عملية التصويت وغلق صناديق الاقتراع، والخطأ الذي وقعت به المفوضية أنها أعلنت النتائج الأولية مع وجود ٣٦٧١ محطة لم يتم فرز نتائجها الى الآن والمؤمل أن يعلن عن نتائجها يوم السبت القادم، متحججة بتطبيق الفقرة (١) من المادة ٣٥، أما كيفية تدارك ذلك الأمر فهذا يتعلق برغبة المفوضية أو الأوامر التي تصدرها السيدة بلاسخارت من خلال تدخلها الواضح في عمل المفوضية، والدليل على ذلك عندما اعترض المرشحون الخاسرون على بعض الارهاصات في عمل المفوضية، لجأت المفوضية حينها الى الذهاب للعد والفرز اليدوي مما أثر على نتائج بعض الدوائر الانتخابية حيث ارتفعت مقاعد الفتح على سبيل المثال الى ٢٢ مقعد بعد العد والفرز اليدوي في حين كانت ١٤ مقعد بحسب نتائج العد والفرز الالكتروني، وكذلك انخفضت مقاعد الكتلة الصدرية من ٧٣ مقعد الى ٦٩ مقعد وذلك مؤشر خطير على وجود تلاعب بنتائج الانتخابات، لكن عندما صرحت السيدة بلاسخارت بأن النتائج يجب أن تعتمد على العد والفرز الالكتروني أوقفت عملية العد والفرز اليدوي، تراجع عدد مقاعد الفتح الى ١٩ مقعد و ارتفعت مقاعد الكتلة الصدرية الى ٧٥ مقعد، وبناءا على ذلك قلصت المفوضية احتمالية عد صناديق اقتراع المحطات الغير معلن عنها حيث سيتم عد ١٨٠ محطة من أصل ٣٦٧١ محطة، وذلك يدل على نية بالتلاعب ومصادرة أصوات الناخبين باتجاه محدد، أما كإجراءات قانونية متفق عليها دوليا في كلا القانونين الانتخابي (التمثيل النسبي والدوائر المتعددة) في حال ثبوت خطأ في نتائج عدد من المحطات يجب على المفوضية الذهاب إلى العد والفرز اليدوي الشامل لجميع صناديق الاقتراع في جميع المحطات أو الذهاب لإلغاء النتائج وتحديد موعد لاجراء انتخابات جديدة.

أستاذ بهاء سؤالي لكم ..

ماهو المتوقع لإنهاء حالة التشكيك لدى المنتخِب والمنتخَب لحماية العراق من فوضى محتملة قد تعود به ما حدث في إنتخابات ٢٠١٨ وما حدث من إنسداد سياسي تطورت إلى إحداث مؤسفة في العام ٢٠١٩ .؟؟.

أجاب الأستاذ بهاء ..

اولا : يجب ان نتفق على صعوبة تحقيق ذلك المطلب، خصوصا ان العراق بعد عام ٢٠٠٣ مر بأربعة دورات انتخابية كلها تم التشكيك بنتائجها، مما أدى إلى خروج تظاهرات عام ٢٠١٩ واستثمر تلك التظاهرات جهة سياسية لتغير القانون الانتخابي بما يخدم مصالحها الانتخابية، ونتج عن ذلك التغيير دورة انتخابية خامسة (الدورة الحالية) والتي شابها التشكيك والتزوير والشبهات بشكل أكبر حتى من سابقاتها، بإعتبار أن التفاوت كان بنسبة كبيرة والفوز كان باتجاه واحد والخسارة طالت الجميع، وذلك غير منطقي أو واقعي فقد تفقد كتلة بعض جمهورها لكن ان تفقد أغلب الكتل جمهورها ويزداد جمهور كتلة واحدة فقط بنسبة عالية فذلك مدعات للتشكيك بشكل كبير مما يوعز للناخب بالعزوف عن الانتخابات مستقبلا، أما لتلافي الإشكال الذي حصل عام ٢٠١٨-٢٠١٩ متوقع ان يذهب الجميع لاجراء تحالف شامل على مبدأ رابح رابح، وعدم الذهاب بذلك الإتجاه قد يعيدنا الى مربع ٢٠١٨ وذلك بحد ذاته يعتبر تهديداً للسلم الاهلي.

استاذ بهاء سؤالي لكم ..

برأيكم : هل سيتم التعاطي من قِبل المفوضية الإنتخابية مع التوتر الحاصل نتيجة التشكيك بنزاهة الفرز بما يتناسب ومصلحة العراق كدولة ام ان الأمور قد تتطور إلى الأسود .؟؟.

رداً على سؤالي قال الأستاذ بهاء ..

كما ذكرت سابقا أن القضية تعتمد على الارادة والرغبة، هل المفوضية تمتلك الارادة للعمل بما يتناسب مع مصلحة العراق كدولة ام ترضخ لارادة السيدة بلاسخارت ودورها برفع مستوى تفاقم الازمة؟
ومن الواضح أن المفوضية رضخت لارادة بلاسخارت، وذلك بعد اعلانها (المفوضية) بأن ما سيتم عده وفرزه يدويا فقط ١٨٠ محطة من أصل ٣٦٧١ محطة لم يعلن عن نتائجها الى الآن .

أستاذ بهاء ..
ما مدى إمكانية أن لا يتم الضغط أو التدخل الخارجي لإستغلال هذا التنافر بين الكتل لصالح القوى المستفيدة دولياً .؟؟. 

أجاب الأستاذ بهاء .

الحقيقة أن التدخل الخارجي موجود منذ مدة ليست بقليلة في العراق، لكن بروزه بشكل واضح كان في فترة تظاهرات عام ٢٠١٨ وعلى شكل منظمات دولية لحقوق الإنسان أو منظمات محلية كبعض منظمات المجتمع المدني المدعومة من السفارة الأميركية، وتلازم ذلك التدخل بدوره البارز منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا، على صعيد المثال من كان يتوقع أن يتدخل السيد أردوغان لحل الصراع بين السيد محمد الحلبوسي رئيس تحالف تقدم والسيد خميس الخنجر رئيس تحالف عزم مع معرفتنا أن الصراع بينهما تديره الإمارات وقطر، ولأن المستهدف في العراق هو القوى الشيعية المدافعة عن الحشد فيجب توحيد الصف السني بعيدا عنها، وللوصول لذلك الهدف ترى الأطراف الخارجية يجب أن تقسم القوى الشيعية ثم يتم ضربها ببعض حتى تنهار قواها، لذلك يتم دعم طرف شيعي بداعي أنه الطرف الوطني الشيعي الوحيد، ومناهضة طرف اخر يراد اضعافه متمثل بقوى الحشد ومحور المقاومة، وفي حال لا سمح الله أن يتم ذلك الاقتتال الشيعي الشيعي يعاد سيناريو مصر في فترة حكم الرئيس مرسي، ويتم حينها إزاحة الطرف الشيعي المتبقي والذهاب لإيجاد حكومة عراقية تتوافق مع الرغبة الخارجية لتلك الأطراف .

أستاذ بهاء سؤالي لحضرتك ..

في حال لم تتم معالجة الإعتراضات التي قدمت من الكتل البرلمانية حول التزوير الحاصل في الإنتخابات والذي أدى إلى تقدم الكتلة الصدرية بحوالي ٧٥ مقعداً في البرلمان .
كيف سيتعامل الحشد الشعبي وحلفائه مع هذه المتغيرات .؟؟. 

أجاب الأستاذ بهاء ..

الحقيقة أن الحشد الشعبي هو مؤسسة عسكرية أمنية تأتمر بقرار القائد العام للقوات المسلحة حالها كحال وزارة الداخلية والدفاع وبقية الأجهزة الأمنية وهي غير معنية بالتدخل بالشأن الانتخابي، وبهذا تقع المسؤولية على عاتق الكتل السياسية التي من ضمن برنامجها الإنتخابي هو الدفاع عن الحشد الشعبي وتقويته وضمان بقائه، و اتوقع ان خيارات تلك الكتل محدودة جدا، فهي لا تمتلك الا ثلاثة خيارات فقط ....
* أما قبولها بالنتائج والسكوت وذلك يهدد بقاء الحشد الشعبي مستقبلا كمؤسسة مستقلة.
* أو عقد تحالفات من خلال دمج قوائم حتى تصبح الكتلة الأكبر وتشكل الحكومة، وذلك سيواجه رفضا من الطرف الآخر (الكتلة الصدرية) مما يؤدي إلى تفاقم الازمة مع احتمالية المواجهة العسكرية.

*أو الذهاب لإيجاد صيغة للاتفاق مع الكتلة الصدرية وتشكيل الحكومة وضرب بقية الخصوم بذلك التحالف وتحويل التهديد الى فرصة وهذا الخيار الأفضل لجميع الأطراف الشيعية إن حصل .

أستاذ بهاء ..
كيف تستفاد أمريكا من تغيير الخارطة السياسية العراقية من خلال الإنتخابات البرلمانية .؟؟.

رداً على سؤالي قال الأستاذ بهاء .

الكل يتفق أن العالم الآن يذهب إلى تشكيل نظام عالمي جديد، فهناك قوى عالمية صاعدة مثل الصين وأخرى متراجعة مثل الولايات المتحدة، وكذلك ظهور قوى اقليمية تتعامل مع قوى الاستكبار الأميركي بندية مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو حتى تركيا في بعض الأحيان وفقا لمصالحها، ومع تراجع السياسة الخارجية الأميركية في عدة ملفات من منطقة غرب آسيا لصالح قوى عالمية واقليمية أخرى، ومع قناعة صانع القرار السياسي في الولايات المتحدة بأن وجودها العسكري كلفها خسائر اقتصادية أدى إلى تراجع دورها عالميا، كل هذا يجبره على تغيير السياسة الخارجية من سياسة الشرطي المحاسب الى سياسة المستشار الدبلوماسية، فأصبح صانع القرار على قناعة بأن الدبلوماسية قد تحقق نتائج لا يمكن تحقيقها عسكريا أو على الأقل لا تحمل خزائن الولايات المتحدة تكلفة اقتصادية كبيرة كما في التدخل العسكري، لذلك يجب تمهيد الأرض لتسهيل عملية تنفيذ مشاريعها من خلال الدبلوماسية، لذلك هي تسعى لتغيير الخارطة السياسية العراقية من خلال الإنتخابات البرلمانية لتقليص دور الكتل المدافعة عن الحشد الشعبي، وكذلك تقوية دور السيد محمد الحلبوسي والذي حقق مقاعد في هذه الانتخابات كان لم يحلم بها سابقا، والاستفادة من ذلك باستغلال رغبته بالمطالبة بأقليم سني في الانبار لتجزئة العراق إلى اقاليم كجزء من مخطط (الشرق الأوسط) الصهيوني، مستغلا عدد مقاعده لفرض شروطه على الأطراف الشيعية في حال أراد أحدهم التحالف معه لتشكيل الكتلة الأكبر، وهذا الدور ليس بغريب على الواقع العراقي لطالما لعبه السيد مسعود البرزاني مع الكتل الشيعية في دورات انتخابية سابقة بتوصيات اميركية

أستاذ بهاء سؤالي الأخير لكم ..
هل هناك قلق على وضع الحشد الشعبي بعد هذه الإنتخابات وما حصل فيها من تزوير وتدخل خارجي .؟؟.

أجاب الأستاذ بهاء ..

هناك سيناريو معد مسبقا لجر الحشد لمواجهة عسكرية داخلية ، حيث أفشل الحشد تلك المحاولة مرتين الأولى في محاولة استدراجه في التورط بالتصدي لتظاهرات تشرين لاتهامه بأغتيال الناشطين، لكن رفض الحاج الشهيد ابو مهدي المهندس التدخل باعتبار الحشد قوة دفاعية تحمي أراضي العراق وليس قوات حفظ النظام، ثم المحاولة الثانية احبطها الحشد بعد ما أراد البعض جر الحشد للمواجهة العسكرية مع الجيش حين تم اعتقال الحاج قاسم مصلح ولكن قرار رئيس هيئة أركان الحشد الحاج أبو فدك بالتدخل المباشر والجلوس مع الكاظمي بطاولة حوار واحدة للوقوف على ذلك الخطأ الاداري العسكري وعلى طريقة تنفيذه حال دون حصول تلك المواجهة ، والأن السيناريو الأخطر هو أن يقوم عملاء الخارج بإستهداف السيد مقتدى الصدر أو بعض قيادات التيار أو استهداف بعض قيادات الحشد الشعبي كما حصل قبل يومين مع قائد اللواء ٣٣ عندما استهدف منزله في منطقة الشعلة التي تمتاز بكثافة سكانية مؤيدة للتيار الصدري لخلق فتنة بين الحشد والتيار وجرهم الى قتال داخلي شيعي شيعي، وهذا جزء لتقسيم المحور الى كانتونات من خلال خلق صراعات داخلية تستنزف قواهم العسكرية والاقتصادية مثلما حصل اليوم في لبنان عندما بادر احد الأطراف المعنيين لاستخدام السلاح لجر الأخرين للرد والمواجهة.

في نهاية هذا الحوار المميز والأجوبة المميزة والمفيدة 

أستاذ بهاء الخزعلي لكم منا جزيل الشكر والتقدير 
وأهلاً وسهلاً بكم دائماً في موقع معهد أبرار معاصر طهران .


حوار : حسين المير 
إشراف : الأستاذة ربى يوسف شاهين 
معهد أبرار للدراسات والابحاث الدولية 
طهران