الامبريالية الجديدة!.


هذا مصطلح حديث في عالم السياسة يستهدف التأشير على فداحة الخطر الداهم الذي يؤدي في النهاية الى اسقاط التجربة وانهيار القيم الاجتماعية والسياسية الناظمة وتعميد هياكل الحياة الوطنية بالدم والجهل والفوضى والتدمير والسذاجة والتعطيل !.
في المعلومات ان طرفا سياسيا رابحا في الانتخابات النيابية الاخيرة التي شابها الكثير من الفهلوة والتزوير واللعب بالسيرفرات سيطر بشكل كامل على رئاسة اللجان البرلمانية الجديدة ومن اصل 25 لجنة برلمانية ظهرت في لوائح المجلس النيابي العتيد سيطرة هذه الجماعة على 16 لجنة !!.
اغلب الظن ان الهيمنة على هذه اللجان يأتي في اطار العمل على افراغ المجلس النيابي من محتوى وجود معارضة برلمانية قوية قادرة على الاستجواب والمسائلة والمتابعة سيما وان المجلس النيابي القادم وعلى ضوء حدة المماحاكات والصراعات السياسية الحالية سيكون مجلس المعارضة قبل ان يكون مجلس الدولة !.
وفي التحليل يرى اصحاب هذه الحركة "الامبريالية" في مجلس النواب انهم في حال فوزهم في تشكيل الحكومة فان وجودهم في 16 لجنة برلمانية من بينها رئاسة لجنة النزاهة سيعطل اية امكانية لاستجواب وزرائهم فيما لو ظهرت مؤشرات فساد مرصودة من الان على الوزارات السيادية التي يطالبون بتوليها وهذا من شأنه اغراق البلاد وحكومة الوطن بمستنقع استشراء الفساد وعقوده ورجاله وحيتانه من دون ان يتمكن احد من الاطراف المحسوبة على الثلث المعطل تحريك ملف فاسد او الوقوف بوجه الوزارة المنحرفة او ايقاف الوزير الجاهل !.
في المعلومات ان "الإمبريالية الجديدة" تحاول العمل على تحويل المجلس النيابي الحالي الى مجموعة من الهتافة والمداحين وكومبارس لحكومة ترفع شعار التنمية الاجتماعية واصلاح هياكل الدولة الاقتصادية والامنية والعسكرية وبناء البلد لكنها تفتقد المشروع وسياقه والرؤية المكتوبة وبرنامجها .. لذلك اتحدى هذا الفريق ان يكشف على المستوى النظري رؤيته لادارة الحكومة المقبلة .. موبس حجي!.
نثق بالنوايا الصادقة لدى عدد من الاطراف السياسية بتشكيل كتلة خبيرة تشرف على وضع السياسات الاستراتيجية لبناء الدولة واتضامن مع طرح الاخ الامين العام لتيار الحكمة الوطني الذي دعى الى وضع خطة ستراتيجية لادارة الدولة تعني بترصين البرامج الخاصة بالدولة وتحقيق النهضة والتنمية الاجتماعية المأمولة.
لكن النوايا شيء والفعل على الارض وظهور النتائج والمخرجات النهائية شيء اخر .. لذلك كان لابد من وجود ثلث ضامن للاصلاحات وثلث ضامن للجان النيابية التي تشكلت الان لضمان استمرار عمل الدولة بالحد الادنى من المعقولية السياسية والمقبولية المنطقية والا فان الدولة سائرة باتجاه الانحدار والتفكك على يد ذات الكتل والاحزاب السياسية التي دخلتها في الــ 2003 حين مهدت الولايات المتحدة الامريكية الطريق لهم بالحاكمية المطلقة على شؤون البلاد ومكنتهم من مصائر الناس فلم يكونوا بمستوى المهمة الامريكية مثلما كانوا بعيدين عن مستوى المهمة الوطنية التي راهنوا العالم على اخلاصهم لها ثم ظهروا فريقا من السراق والحرامية ودعاة الاصلاح الزائف !.
ماجرى امس الاول بالاستيلاء على 16 لجنة نيابية انقلاب على الشرعية الدستورية التي يروجون في الاعلام دفاعا عنها لكي يغلقوا المجال امام اي صوت للاعتراض على الفساد القادم اما اذا شكلوا حكومة وكانوا طرفا محوريا فيها فان هذه اللجان ستكون حائط الصد الاول الذي يحمي الوزير الفاسد ويسقط عنه الاستجواب المحتم!.
في العرف النيابي يعد هذا الاجراء انقلابا على الدستور وفي الجهة المقابلة تخاذلا من قبل جماعة الثلث الضامن بالتخلي عن مسؤولياتهم السياسية ومعياراتهم البرلمانية ومسؤوليتهم الشرعية والاخلاقية وتكليفهم الوطني وترك الحبل على الغارب يصول فيها الإمبرياليون السياسيون الجدد ويجولون لا احد رقيب عليهم يفعلون مايشاؤون .. ان هذا السلوك اكثر فسادا من الفساد القادم باسم الاصلاح السياسي والاجتماعي !.
سيرى العراقيون في ظل الهيمنة الانقلابية الجديدة المتخفية تحت تيار اللجان البرلمانية التي تشكلت امس مالم ير العراقيون تحت ثياب بن ملجم في مسجد الكوفة !.