الرئيس بشار الأسد في الإمارات.. والتوقيت الإستراتيجي


من منظور الحرب على سوريا، والإسقاطات بعناوينها السياسية والعسكرية والإقتصادية، وعطفاً على صمود الدولة السورية، وتسجيلها انتصارات في مستويات متعددة، فأنه لا يمكن النظر لأي حدث يخص الملف السوري، دون قراءة أبعاده وتداعياته، ليس لجهة الداخل السوري فحسب، بل إرتباطات ذلك على المستويين الإقليمي والدولي، وبذات الإطار، فإننا لن ننسج الأوهام ونقول بأن الحرب على سوريا أنتهت، لكن ثمة مؤشرات كثيرة ومتعددة، تؤكد بأن مسار الحرب كاد أو وصل إلى نهايته، الأمر الذي سيؤسس لمعادلات جديدة، عنوانها الرئيس انتصار سوريا وبقاء الأسد، وانفراجات اقتصادية قادمة بلا ريب.
وما من شك، بأن المسار السياسي الذي شهدته سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية، يوضح وبشكل جلي، بأن سوريا كانت ولا زالت، صاحبة التأثير في أي سياق عربي، إضافة إلى أن سوريا الموقع والدور العربي والإقليمي المؤثر، بقيت في موقع الصدارة، رغم سنوات الحرب التي فُرضت على سوريا، والجهود التي انصبت في إطار، إقصاء سوريا عن المشهد العربي، وتقسيمها إلى دويلات، لكن الانتصار السوري وصمود سورية قيادة وشعباً، هندس معادلات جديدة، بات من الصعب التغاضي عنها، الأمر الذي تترجمه زيارة الرئيس السوري بشار الأسد، إلى الإمارات ولقائه المسؤولين الإماراتيين.
حقيقة الأمر، إن زيارة الأسد إلى الإمارات، أحدثت مفاجأة من العيار الثقيل، لدى كل متابعي الشأن السوري، فالزيارة توقيتاً ومضموناً، لها أهداف سياسية وأُخرى اقتصادية، فالزيارة هي الأولى من نوعها إلى دولة خليجية، ومنذ بداية الحرب على سوريا، والأهم أنها زيارة إلى خارج ما يمكن تسميته دول المحور، الأمر الذي يعطينا دلالة واضحة لجهة قدرة سوريا على التأثير في سياقات مختلفة، وربط وجهات النظر المتباعدة حيال ملفات الشرق الأوسط، والأهم أن القرار السوري لا زال يملك تأثيرات بعيدة المدى، حيال الإشكاليات المتعددة التي تشهدها المنطقة، لا سيما حرب اليمن، والملف النووي الإيراني والهواجس الخليجية بشأن ذلك.

في المقابل، وبنظرة خاصة لزيارة الأسد إلى الإمارات، يمكن ملاحظة حفاوة الاستقبال الإماراتي، وعناوين الصحف الإماراتية التي واكبت الزيارة، فضلاً عن تصريحات المسؤولين والساسة الإماراتيون لِما بعد الزيارة، الأمر الذي يؤكد بأن هناك انفراج عربي تجاه سوريا، والرغبات العربية بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وإنهاء حالة العزلة، والبدء بمشاريع اقتصادية، من البوابة الإماراتية، وهنا لا يمكن لنا أن نغفل عن الموقع الاستراتيجي لـ سوريا، الأمر الذي يُثير شهية المشاريع العربية، وفي المستويات كافة.
ضمن ما سبق، ثمة تساؤل جوهري، يتعلق بالدور الإماراتي أو الوساطة الإماراتية، لإنهاء الحرب على سوريا، نظراً للدور الإماراتي المتشعب إقليمياً ودولياً، وهذا يعني بحسب متابعين ومحللين، لعب أدوار بعيدة عن الأضواء على أكثر من ساحة وفي أكثر من عاصمة، فالعلاقات الممتازة حاليا بين روسيا والإمارات من جهة، وأبو ظبي وإسرائيل من جهة ثانية، والتي تتحسن أيضا وبوتيرة جيدة مع إيران، تسمح بالتفكير بدور إماراتي يتعلق بالعمل على استئناف مفاوضات غير مباشرة بن دمشق وتل أبيب، لكن ثمة من يؤكد في دمشق أن هذا الأمر ما زال بعيدا عن الواقع، وان سورية لا تعارض العودة إلى التفاوض لكن بشرط القبول الإسرائيلي المبدئي بإعادة هضبة الجولان كاملة، وهو أمر ليست إسرائيل بوارد القبول به حاليا.
ختاماً، سوريا والرئيس الأسد، معادلة إقليمية بأبعاد دولية، وهذا ما تؤكده الوقائع والمعطيات الكثيرة، ولعل القادم من الأيام، سيكشف المزيد من التطورات، والتي جاءت نتيجة بقاء سوريا في صدارة الدول العربية القادرة على التأثير في سياقات عربية وإقليمية.