التطبيع مع أمريكا متطلب سابق للتطبيع مع إسرائيل


لا يشعر الكيان المحتل بالكلل أو الملل حيال توسيع مشاريعه التطبيعية والاستيطانية حتى عقب الموجة المجانية التي قدمها ترمب له مغلفة بتهويد القدس وضم الجولان ،لذلك نرى الحكومة المتطرفة الحالية تنشط في تحريك أذرعها الإعلامية ومنها العربية الرخيصة لتوجيه نظر العالم عن تطرفها واجتياحها للمسجد الأقصى في محاولة يائسة منها لوضع السعودية العربية في مرمى نيران التطبيع ،علما بأن نهج السياسة السعودية حيال أمريكا قد تغير بشكل واضح ،وأصبحت المملكة أكثر قربا إلى النهج القومي العربي والصيني والروسي ،واللذين حققوا مكاسب معلنة وواضحة مؤخرا حيث فشلت أمريكا في توجيه قرار أوبك بلس للإضرار بالإقتصاد الروسي لصالح السياسة الأمريكية المستبدة.
وها هي اللوبيات الصهيونية داخل أمريكا تحاول الضغط على مجلس النواب الجديد لتحقيق المطالب والشروط السعودية لفتح آفاق شبه مستحيلة للتطبيع بين السعودية والكيان المحتل ،فالسياسة الغربية والأمريكية الغاشمة ملتزمة تماما بأمن إسرائيل وبتفوقها العسكري والنووي على دول المنطقة وترفض بيع السعودية أية أسلحة إستراتيجية قد تسبب إعتلالا في التوازن العسكري لصالح العرب الذين يملكون العديد من عوامل القوة ،فممنوع على السعودية مثلا تشغيل أي مفاعل نووي سلمي بينما يسمح لإسرائيل وبدون محددات إمتلاك رؤوسا نووية ناهيك عن النظرة الإستعلائية والظالمة للسياسة الأمريكية في التعامل مع القضايا العربية.
لذلك أعتقد أننا أمام نسخة متطورة من السياسة السعودية ستتكسر على أبوابها جميع المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لصناعة وافتعال أية أزمات بين إيران من جهة ،والسعودية والعرب من جهة أخرى ،وعلى قادة الصهاينة أن يفهموا أنهم يضيعون وقتهم باستخدام وتشغيل بعض المرتزقة العرب والغرب لخلخلة الإستراتيجيات السعودية القومية التي ترفض رفضا قاطعا تقديم أية تنازلات لأمريكا أو للعدو الصهيوني دون تحقيق شروط الإجماع العربي المعلنة سابقا ،فكيف للسعودية وهي خادمة الحرمين الشريفين أن تسمح للصهاينة بإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض مسرى رسول الله.
ونسجل هنا عتبا عربيا كبيراً على ردة الفعل لبعض الفلسطينيين الباهته إلى حد كبير حيال ما يجري من اجراءات عدائية لهدم المسجد الأقصى وتغيير واقعه الحالي ،ويجب على اؤلئك الفلسطينين أن يعلموا جيدا أنهم يحملون شرف خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى وعليهم أن يبقوا اليهود بعيدا عن هذا الخط وأن لا يسمحوا للعدو الصهيوني بتجاوزه والوصول لمواجهة الأمة العربية والإسلامية، وبالتالي نهاية إسرائيل فيفقدوا بذلك شرف الدفاع عن الاقصى ،ولينظروا إلى اوكرانيا البلد الضعيف كيف صمد في مواجهة ثاني اقوى جيش في العالم ،ولو أن الاوكرانيين تعاملوا مع الروس كما يتعامل بعض الفلسطينين مع اليهود ،لما نجحوا في الصمود وكسب تأييد غالبية العالم حتى اللحظة، وهذا يقودنا لسؤال ما الذي حصل للشعب الفلسطيني الذي انتفض عندما اقتحم شارون الاقصى أما الآن فلم يعد هنالك شي قادر على تفجير أية انتفاضة بالرغم من توسع الاساليب الصهيونية في الاجتياح والاستيطان والقتل.
وهذا يفرض على الفلسطينين تقييم واقعهم الحالي وتطويره، وتفريغ الفضاء الفلسطيني من الخونة والجواسيس والعملاء ،وبذلك تتحقق عوامل النصر والثبات أما إستمرار الغالبية الفلسطينية بما هي عليه ورمي الكرات على الملاعب العربية والإسلامية، فإن ذلك لن يحرر الأقصى ولا فلسطين وستتفاقم الأزمات وينبغي على التنظيمات الفلسطينية وعلى الفلسطينين الصامتين أن يعيدوا النظر سريعا فيما هم عليه ،ويتفاعلوا حيال ما يمارسه الصهاينة ضد القدس وضد المقاومين الفلسطينين علنا نصل إلى مستوى مقنع من المواقف الفلسطينية المشرفة وكما كان الحال في عهد الزمن الفلسطيني الجميل.
حفظ الله أمتنا العربية والإسلامية وسخرها للوقوف في وجه المحتل الغاصب فما حك جلدك غير ظفرك ،وعلى الفلسطينين أن يتولوا جميع أمرهم.