أهم دلالات الهروب والفشل الأميركي في أفغانستان


المشكلة لدى المثقفين والكُتّاب والمدونين اليوم هي بتأليه أميركا وتقزيم ما سواها!، لماذا لا ينظرون إلى الجهة الأخرى، والمحور الآخر، لماذا لا ينظرون إلى جبل الدَّين الأميركي الخارجي (23) تريليون دولار، والداخلي (73) تريليون دولار؟!
لماذا لا ينظرون إلى خسارتها في العراق (6) تريليون دولار! وخسارتها في أفغانستان (2) تريليون دولار! وعشرات الآلاف من جنودها بين قتيل وجريح ومنتحر ومجنون!
لماذا لا يفهمون قيمة الاتفاق الصيني – الإيراني (اتفاق 25 عامًا)، والاتفاق الروسي – الإيراني (اتفاق 20 عامًا)!
ولماذا لا يفهمون قيمة الدعوة الأوراسية للجمهورية الإسلامية -التي طرحتها روسيا- للحضور إلى اجتماع (منظمة شانغهاي للتعاون) بتاريخ: 16/17- أيلول-2021 لتثبيت إيران عضوًا دائمًا في شانغهاي بعد أن كانت عضوًا مراقبًا؟!
أليست هذه الخطوة هي بداية نزع الدولار عن عرش التعاملات المالية العالمية؟! وهي خطوة تقضي على قيمة ومفعول العقوبات الأميركية قضاءً مبرمًا، ويُنقَل الثقل والميزان الاقتصادي والمالي والصناعي والتجاري والتكنولوجي والأمني الإستراتيجي من الغرب إلى قارة آسيا؟!
بعد هذه التساؤلات نقول
ماذا كانت الخطة الأميركية البديلة (Plan-B) في أفغانستان، وهل نجحت أم هل أنها فشلت؟
نحن لا نتكلم عن حجم المشروع بأطرافه المترامية كلها، فهذا ليس من السهل في هذه المرحلة التي تمثل مرحلة تساقط أحجار الدومينو، والغبار يصعد إثر التساقط مسببًا نسبةً من التعتيم، لكن! ريثما ينجلي فإننا نتكلم.
إنَّ أهم مرتكز في خطة الهروب الأميركي (المتسارع، غير المحسوب بدقة)؛ هي تثبيت الحكم البديل، ولأجل ذلك نقول:
1- كانت تركيا قد آوت المارشال (عبد الرشيد دوستم) وهو أوزبكي الأصل، يبلغ عمره (67) عامًا، وهو مظلِّي وقائد شيوعي سابق، آوته مع بضع مئات من مقاتليه تدريبًا وتجهيزًا واستعدادًا، وهذا المشروع بأوامر أميركية، وحضر فعلًا تحتضنه وكالة المخابرات الأميركية في أفغانستان؛ بعد التوجيه الأميركي إلى أردوغان بتاريخ: 5-آب-2021 بوجوب نقله إلى أفغانستان فورًا، حضر المارشال وأطلق جملته: (إنَّ حركة طالبان لا تتعلم أبدًا من الماضي).
2- أُصدِرَت الأوامر إلى المارشال دوستم بقيادة القوات، وتسليح (داعش)، وفتح جحيم الحروب الأهلية على الحدود الثلاثية لكل من: الصين، إيران، روسيا.
3- المحور المشارك (المتورط) قصدًا في خطة نقل المارشال دوستم والعبث في أمن الثلاثي الصاعد عن طريق انهيار أفغانستان، هم: أميركا، تركيا، أذربيجان، إسرائيل، ونوعًا ما قطر.
4- المعلومات الدقيقة التي وصلتنا تشير إلى فشل المارشال دوستم، وهروبه ناجيًا بجلده مطلقًا ساقيه للريح نحو أوزبكستان (طشقند)، هرب على رتلٍ تحميه مروحيات أميركية، عبر الطريق رقم: 
(NH : 0104) وصولًا إلى الطريق رقم: (NH : 89) حيث المعبر الحدودي بين أفغانستان – أوزبكستان. 
وبذلك ينهار المشروع الأميركي البديل في أفغانستان، الذي هو بحد ذاته (تكتيكًا وليس إستراتيجيا)، لكنه مع ذلك انهار انهيارًا مذلًا، وهذا كان من أهم دلالات الهروب والفشل الأميركي في أفغانستان، وليس (الانسحاب وتفعيل المشروع البديل). 
البعثات الدبلوماسية الإيرانية الخمسة في: كابول، مزار الشريف، جلال آباد، هرات، قندهار وغيرها من المدن الأفغانية؛ ما زالت تعمل، ولم تقتحمها (طالبان الجديدة) وبعض البعثات خفَّضت أعدادها.
وفي الجهة الأخرى (البعثات الأوروبية والغربية) مثل: أميركا، بريطانيا، إيطاليا… فقد فرَّت فِرار العبيد مُخليةً السفارات والقنصليات بعد عشرين عامًا من الصداقة الحميمية والتربية والتدريب!.
أعادت طالبان رفعَ رايات العزاء للإمام الحسين -عليه السلام- في مزار شريف وغيرها من المدن؛ بتنسيق مع الجمهورية الإسلامية.
نقول (حتى الآن) الأوضاع تسير على وفق إرادة آسيا، وليس على وفق إرادة المحور الأميركي، ونحن مع المتغيرات، لا نتشاءَم، ولا نتفاءَل فوق الواقع.

المصدر: ألواح طينية