تقرير: "تطورات أفغانستان.. سيطرة طالبان و عودة الحركات المتطرفة"



تقرير يتضمن آراء الكتاب والمحللين السياسيين لمجموعة معهد طهران للدراسات والأبحاث الدولية، في حلقة النقاش التي جرت يوم الثلاثاء الموافق ٢٠٢١/٧/۱۳ والتي حملت العنوان "تطورات أفغانستان.. سيطرة طالبان و عودة الحركات المتطرفة".. اذ شارك عدد من المراقبين للشان السياسي حول موضوع النقاش وكانت لهم اراء مختلفة، حول تأثير سيطرة طالبان على أمن أفغانستان و دور طهران في المفاوضات الأفغانية

و أيضاً مستقل الأزمة و التحديات الإقليمية.

 

حيث أكد الكاتب والمحلل السياسي يونس الكعبي ان "لم يكن مفاجئا ان تعود حركة طالبان الى الواجهة من جديد فكانت هناك مفاوضات امريكية مع طالبان من فترة طويلة برعاية قطرية ولا تجري الامور على سبيل المصادفة فلا يمكن ان تنسحب امريكا في يوم وليلة وبدون اشعار مسبق وايضا ان تتمدد هذه الحركة المطاردة بهذه السرعة وتستولي على اكثر من 85 ‎%‎ من اراضي افغانستان، ولكن يبقى السؤال مع من تفاهمت طالبان حتى تعطى هذا الضوء الاخضر لتعود من جديد فهناك المفاوضات السابقة مع امريكا وهناك مفاوضات مع روسيا وايضا جرت مفاوضات مع ايران."

و اشار الى أن "الخارطة السياسية التي ستعود بها طالبان تختلف هذه المرة عن سابقاتها فهناك تفاهمات دولية ومحددات اقليمية ربما وضعت كشروط على حركة طالبان للعودة مجددا اهمها تخليها عن الافكار المتطرفة وابعاد العناصر التي تتبنى الارهاب وان ينحصر عملها داخل افغانستان وان تضمن حقوق الاقليات والمشاركة في الحكم نحن امام حقبة جديدة في افغانستان وكل السيناريوهات مطروحة ولكن الخلاصة طالبان عائدة بقوة لتحكم افغانستان."

 

من جانب آخر يقول المحلل السياسي محمد الياسري أن "حركة طالبان تزعم انها تسيطر على ٨٥ بالمئة لكن فعليا انها تسيطر على ٤٥ بالمئة من اراضي افغانستان و ٢٩ بالمئة مناطق صراع بين الحكومة والحركة و ٢٦ بالمئة تحت سيطرة حكومة كابل من بينها اقليمي باميان ودايكندي (مناطق حزب الوحدة الاسلامي) ، اي ان ١٦ مليون افغاني واقع تحت حكم طالبان و١٠ مليون نسمة تحت سلطة الحكومة و ٦ مليون في مناطق النزاع ، وهذا يعني وقوع ٢٠٧ منطقة بيد الحركة و١٢٢ منطقة تحت سلطة الحكومة و٧٢ منطقة واقعة في النزاع. وتصريحات المسؤولين في حركة طالبان بترويج سيطرة الحركة على اراضي البلاد بنسبة ٨٠ او ٨٥ بالمئة مع ترويج الاعلام الغربي لهذا الامر يدفع للقبول بالحركة كحاكم فعلي الارض والتسويق لها ومن ثم الاعتراف بها "واقع حال" وايضا يؤكد هذا التوجه هي زيارات وفود الحركة للعواصم المجاورة لاعطاء تطمينات وعرض مشروعها السياسي."

 و اوضح الياسري أن "القبول والاعتراف بشرعية سلطة طالبان وسيطرتها على البلاد بقوة السلاح مؤشر خطير لان هذا يدفع بسيناريو تشكيل امارة اسلامية كما في السابق وتتحول البلاد الى حاضنة لكل التنظيمات السلفية والوهابية ومنها المجموعات المسلحة في سورية المدعومة من انقرة وهذه التنظيمات لن تلتزم باي اتفاق فيما بينها وتتصارع على النفوذ وغياب دور طالبان عليها كما حدث ويحدث في الشمال السوري وينتقل الصراع الى الدول المجاورة ومن ثم ياتي الصراع المزمن على البلدان الاخرى فضلا عن ان مسعى واشنطن تحويل افغانستان الى عصا للضغط على ايران اولا وروسيا والصين ثانيا وباكستان وتركيا ثالثا، والغريب في الامر منذو ستة اشهر وحكومة افغانستان ينقصها وزيري الدفاع والداخلية ، وهل من المعقول في بلدا يواجه حربا متعددة الاطراف تكون حقيبتي الدفاع والداخلية شاغرتين؟، والطريفة ان الصراع بين المسؤولين كان احد اسباب نجاح طالبان في التوغل اكثر ففي ٩٣ و٩٤ كان الصراع بين حكمتيار والاحزاب الستة وانتهت لصالح طالبان ، واليوم ايضا الصراع بين اشرف غني و عبدالله عبدالله ادى لتشكيل حكومة ضعيفة ساعدت لخلق مناخ استثمرته الحركة في توسعها وتكثيف هجماتها في البلاد."

لفت الي مفاوضات طهران و أضاف أن "عند الحديث عن المفاوضات الافغانية في طهران ، لابد ان نستذكر دور مستشار الامن القومي الافغاني السابق محمد حنيف اتمر عندما زار طهران في العام ٢٠١٦ طلب من المسؤولين الايرانيين اجراء مباحثات بين طالبان وحكومة كابل من اجل الوصول الى حل سياسي وشامل في البلاد ، فذهب وقتها الامين العام للمجلس الاعلى للامن القومي الايراني واجرى لقاءات مطولة مع طالبان ونقلها لحكومة كابل لكن لم يرد الجواب من المسؤولين الافغان بسبب الضغط الاميركي وعدم اجراء اي مفاوضات افغانية افغانية . 

الجمهورية الاسلامية تدعم الحكومات المركزية وتشدد على التبادل السلمي في السلطة في بلاد ومنها افغانستان وهذه استراتيجية طهران في التعامل مع ملفات المنطقة وقد اجرت مباحثات مطولة مع وفد طالبان وكذلك مع وفد كابل المتكون من ممثلين عن الرئيس الافغاني اشرف غني ورئيس للمصالحة الوطنية عبدالله عبد الله وقائد حزب الوحدة الاسلامي محمد محقق والجنرال دوستم ، وكانت نتائجه اما امارة اسلامية يدخل فيها الجميع او حكومة اسلامية وتكون طالبان احد المشاركين فيه ، وقبول طالبان بمناقشة هذا الامر بحد ذاته والتباحث حوله انجاز يحسب لطهران ، وهذه المفاوضات تختلف عن مباحثات الدوحة لان الاخيرة عبارة عن شراكة سياسية بين واشنطن وطالبان فيما كانت مفاوضات طهران تعتمد بالدرجة الاساس على الحوار الافغاني الافغاني وتقريب وجهات النظر بين الخصمين ، وهذا جوهر السياسة الخارجية الايرانية واي نتائج تتمخض عنها ستعكس تاثيراتها على المنطقة."

أشار الكاتب والمحلل السياسي غسان الاستانبولي حول مستقبل الأزمة والتحديات الإقليمية أن "ما من شكّ أن العالم يتغير بسرعة كبيرة، ولذلك تضغط الدول الفاعلة ليكون هذا التغيير في صالحها، وبما أن الصين وإيران ومن ثم روسيا هي الدول الأقرب لأفغانستان، والأقدر على التعامل مع شرائح المجتمع الأفغاني، سيكون تأثيرهم أكبر ومن المرجح أن يأتي تضافر جهودهم بنتائج إيجابية لهم وللمنطقة بشكل عام."

و بيّن بأن "صحيح أن القوات الأميركية خرجت من أفغانستان، ولكن بالتأكيد سيبقى النفوذ الأميركي حاضراً، من خلال النفوذ الأمني والاستخباراتي والمالي، وستسعى أميركا لزرع قواعد تركية هناك لتكون ذرائع أطلسية إن اقتضى الأمر تدخلاً أطلسياً.

بالمقابل، سيسعى المحور الروسي،الصيني، والإيراني، إلى محاولة نزع كل فتائل التفجير، وسيعمل بكل قواه لتسوية الخلافات بين الأطراف الأفغانية، فإن نجح في ذلك فستتحرر أفغانستان من التأثير الأميركي والغربي وتكون دولة هادئة، بل ربما تكون الأقرب إلى محور إيران ومن معها، وإن لم ينجح سيتطلب ذلك جهداً عسكرياً كبيراً لكل الدول المتاخمة لأفغانستان، وذلك لحماية حدود تلك الدول، ومنع تثرب الفوضى إلى داخلها."