مفهوم الامن السيبراني
لقد أدت نهاية الحرب الباردة إلى بروز العديد من التحديات والتهديدات التي لم يشهدها المجتمع الدولي من قبل، والتي تُعرف بالتهديدات اللاتماثلية أو اللاتناظرية العابرة للحدود التي لا تعترف لا بالحدود أو السيادة الوطنية أو فكرة الدولة القومية، الأمر الذي أدى إلى حدوث تحولات في حقل الدراسات الأمنية والاستراتيجية وكذلك على مستوى الممارسة السياسية.
أصبح الأمن السيبراني مطلبا ضروريا لكل الدول دون استثناء، لأنه يتعلق بالحماية من المخاطر المحتملة عن طريق مصادر خارجية من خلال الإنترنت، فهو إذن حماية الحواسيب المكتبية أو المحمولة من أي نوع من الهجمات والاختراقات والتهديدات التي تحدث عن طريق السيرفرات والحواسيب الأخرى وشبكة الإنترنت بشكل عام، ويعمل مختصو الأمن السيبراني على ضمان عدم السماح لأحد غير مصرح له بالدخول والوصول إلى المعلومات، فالمارقون الذين يمارسون الجرائم الإلكترونية يقومون بنشر الفيروسات أو ينسخون المعلومات السرية والهامة أو يعدلون ويحرفون في معلومات مهمة أو حتى يبثوا معلومات غير صحيحة على مواقع مهمة، وذلك عندما يكون الأمن السيبراني ضعيفًا ويحتاج لتقوية، بالتالي فإن مهمة هذا النوع من الأمن تكمن في حماية الحاسب كله من المصادر الخارجية.وأمن المعلومات ليس بعيدا عن الأمن السيبراني، فهو يهتم بحماية كل ما يتعلق بالمعلومات ضمن الحاسب أو خارجه وليس حماية الحاسب كله من أي خطر خارجي محتمل كالسرقة والاختراق، ويمنع أي شخص غير مصرح له بالوصول إليها (19).
ان مفهوم الامن السيبراني يعني ممارسة الدفاع عن أجهزة الكمبيوتر، والخوادم، والأجهزة المحمولة، والأنظمة الإلكترونية، والشبكات، والبيانات من الهجمات الخارجية، كما ويُعرف أيضًا باسم أمان تكنولوجيا المعلومات، او امن المعلومات الإلكترونية، وينطبق هذا المصطلح على مجموعة متنوعة من السياقات، بدءًا من قطاع الأعمال، وصولًا إلى الحوسبة المتنقلة.
الفرق بين أمن المعلومات والأمن السيبراني
يعتبر مصطلحا الأمن المعلوماتي والسيبراني متشابهان جدًا، إلا إن هناك بعض الفروقات فيما بينهما، بإعتبار الأمن المعلوماتي أكثر شمولًا وعمومًا من السيبراني، حيث يعتبر الأخير فرعًا أو مجالًا من مجالات علوم أمن المعلومات، كما يهتم الأمن المعلوماتي بتوفير الحماية للأنظمة والمعلومات بواسطة الوسائل والأدوات المختصة بالكشف المسبق للهجمات والتهديدات والتصدي لها، بينما يأتي الأمن السيبراني ليركز الإهتمام على تقنيات وأنظمة وإستراتيجيات الدفاع عن أنظمة الحواسيب والشبكات الذكية دون الإهتمام بالوسائل التأسيسية المستخدمة في ذلك كوسائل التشفير(20)
ومع انفجار الثورة المعلوماتية ودخول العصر الرقمي خاصة في القرن الحالي وما نتج عنه من تداعيات عديدة بسبب ظهور تهديدات وجرائم سيبرانية أصبحت تشكّل تحدياً كبيراً للأمن القومي وكذلك الدولي، لدرجة أن العديد من الباحثين اعتبر الفضاء السيبراني بمثابة المجال الخامس في الحروب بعد البر والبحر والجو والفضاء، وهو ما استدعى ضرورة وجود ضمانات أمنية ضمن هذه البيئة الرقمية، تبلورت بشكل أساسي في ظهور الأمن السيبراني cyber security كبُعد جديد ضمن أجندة حقل الدراسات الأمنية، وقد اكتسب اهتمامات العديد من الباحثين في هذا المجال، ومن هنا تبرز الحاجة إلى ضرورة فهم ماهية الأمن السيبراني كمتغير جديد في العلاقات الدولية(21)
أهمية الأمن السيبراني
1-توفير الحماية الفائقة لخصوصية المعلومات والإبقاء على سريتها، وذلك بعدم السماح لغير المخولين بالوصول إليها وإستخدامها.
2-الحفاظ على المعلومات وسلامتها وتجانسها، وذلك بكف الأيادي من العبث بها.
3-تحقيق وفرة البيانات وجاهزيتها عند الحاجةِ إليها.
4-حماية الأجهزة والشبكات ككّل من الإختراقات لتكون درعٌ واقٍ للبيانات والمعلومات.
5-إستكشاف نقاط الضعف والثغرات في الأنظمة ومعالجتها.
6-إستخدام الأدوات الخاصة بالمصادر المفتوحة وتطويرها لتحقيق مبادئ الأمن السيبراني.
7-توفير بيئة عمل آمنة جدًا خلال العمل عبر الشبكة العنكبوتية.(22)
عناصر الأمن السيبراني
حتى يتحقق الهدف من الأمن السيبراني، لا بد من توفر مجموعة عناصرتعمل مع بعضها البعض لتكمل الدور في ذلك، ومن أهم أبعاد وعناصر الأمن السيبراني:
1-التقنية: تشكل التكنولوجيا والتقنية دورًا في غاية الأهمية في حياة الأفراد والمنظمات، حيث توفر الحماية الفائقة لهم أمام الهجمات السيبرانية، وتشتمل حماية الأجهزة بمختلف أشكالها الذكية والحاسوبية والشبكات بالإعتماد على جدران الحماية وإستخدام البرامج الضارة ومكافحة الفيروسات وغيرها.
2-الأشخاص: يستوجب الأمر لزومًا على الأشخاص من مستخدمي البيانات والأنظمة في منشأة ما إستخدام مبادئ حماية البيانات الرئيسية كتحديد كلمة مرور قوية، وتفادي فتح الروابط الخارجية والمرفقات عبر البريد الإلكتروني، إلى جانبِ القيام بعمل نسخ إحتياطية للبيانات.
3-الأنشطة والعمليات: يتم توظيف الأشخاص والتقنيات للقيام بالعديد من العمليات والأنشطة وتسييرها بما يتماشى مع تطبيق أسس الأمن السيبراني والتصدي لهجماته بكل كفاءة.(23)
معايير الأمن السيبراني الوطني
1-إقامة علاقة تعاونية وطنية بين المجتمعات المعنية بصناعة الإتصالات والمعلومات.
2-التصدي للجريمة السيبرانية وردعها ومنع وقوعها.
3-ترسيخ جذور الثقافة المتعلقة بالأمن السيبراني وتحفيزها.
4-العمل مليًا على تطوير الإستراتيجيات الوطنية ذات العلاقة وتوفير الحماية الفائقة للبنية التحتية لأكثر المعلومات حساسية. (24)
يحمل الفضاء السيبراني تاثيره في مختلف مجالات الحياة ومنها المجال الامني حيث يساهم الفضاء السيبراني ومن خلال ادواته المختلفة في اعادة رسم البعد الامني المحلي والعالمي ، حيث يعمل على اعادة تشكيل الوعي والادراك السياسي والامني للافراد والمجتمعات والدول بصورة مغايرة عما كانت عليه حيث نجد تصورات وبنى جديدة يتم تأسيسها في المجال السياسي والامني حيث لم يعد الامن يعيش في العالم الواقعي المحدود وانما اصبح للاواقعية واللامحدودية التي يشكلها الفضاء السيراني حضورها المؤثر في المجال الامني واصبح الحديث عن الحرب السيبرانية والامن السيبراني والردع السيبراني والجيوش السيبرانية والاسلحة السيبرانية والارهاب السيبراني والجريمة السيبرانية..الخ واتجهت الدول نحو تأسيس مؤسسات بحثية وامنية تهتم بدراسة الفضاء السيبراني وكيفية توظيفه بالشكل الذي يساهم في تحقيق مصالحها السياسية والامنية والاقتصادية .الخ، ليكون التحدي المستقبلي الذي يفرضه الفضاء السيبراني يتمثل في قدرة الدول على التكيف مع التغيير السريع والتحديات التي يفرضها الفضاء السيبراني في المجالات العامة عموما ً والمجال الامني خصوصاً،الى جانب امتلاك القدرات والبنى المادية والبشرية التي تمكنها من ان تكون مؤثرة وفاعلة فيه. وهذا التاثير الذي يحمله الفضاء السيبراني في المجال الامني لا يقتصر على الواقع الداخلي للدول وانما يمتد الى المحيط الدولي الواسع ليؤثر في اعادة رسم شكل ومضمون الامن الدولي ويحدد اطر جديدة لطبيعة العلاقات الدولية والامن الدولي.(25)
*احد محاورالبحث الذي عملته والموسوم (الامن السيبراني واهميته في تنمية الوعي المجتمعي)
التعليقات