بعد التلميحات الأمريكية بالانسحاب من الشرق الاوسط وسحب بطاريات الباتريوت"…ما مستقبل المنطقة ؟



تقرير  يتضمن  آراء الكتاب والمحللين السياسيين لمجموعة معهد طهران للدراسات والأبحاث الدولية، في حلقة النقاش التي جرت يوم  الثلاثاء الموافق ٢٠٢١/٦/٢۹ والتي حملت العنوان  "بعد التلميحات الامريكية بالانسحاب من الشرق الاوسط وسحب بطاريات الباتريوت" ما مستقبل المنطقة ؟"..اذ شارك عدد من المراقبين للشان السياسي حول موضوع النقاش وكانت لهم اراء مختلفة، حول متقبل المنطقة ومصير القوات الاميركية فيها.

حيث أكد الكاتب والمحلل السياسي سعد الزبيدي ان "انسحاب القوات الأمريكية والناتو من أفغانستان يعد نصرا لحركة طالبان وتهديدا لحكومة افغانستان وتهديدا للسلم المجتمعي لأن بوادر الاقتتال  ما بين طالبان والحكومة بدا واضحا حيث قتل الكثير من المواطنين والقوات الأمنية نتيجة تلك المواجهات".

وبين الزبيدي ان "الانسحاب الأميركي وحلف الناتو سيفتح الباب لتدخل أجنبي آخر ترفضه طالبان فتركيا التي اقترحت بأن تكون البديل عن القوات المنسحبة واقترحت حماية مطار كابول تبحث عن موطئ قدم لها وربما تريد أن تستثمر هذا الانسحاب بمساعدة قطر لوجود آخر لتركيا خارج أراضيها كما فعلت في العراق وسوريا وليبيا من قبل".

واوضح الزبيدي ان "الإنسحاب يهدف لارباك الوضع في أفغانستان ويمهد الطريق لحرب أهلية على غرار الحروب التي وقعت في العراق ومازالت مستمرة في سوريا واليمن من أجل تعطيل أحياء طريق الحرير من جهة وحفظ ماء وجه أمريكا من جهة أخرى".

ونوه الى ان "أفغانستان ستشهد عمليات نوعية تجعل الأمريكان والناتو يتراجعون عن قرار الانسحاب الكلي فلا الجيش الأفغاني قادر على مواجهة المتطرفين ولا الحكومة الأفغانية تقوى على مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وحدها، وستعود أفغانستان ملاذا آمنا لكثير من المجرمين المطلوبين للعدالة في بلدانهم وتعود لتصبح معسكرا لتخريج عتاة المجرمين المتطرفين الذين سيهددون أمن العالم".

ولفت الى ان "الجميع ضد بقاء القوات المحتلة سواء في أفغانستان أو العراق أو اليمن أو سوريا او في ليبيا أو في فلسطين ولكن مستقبل المنطقة الممتدة من افغانستان مرورا بإيران والعراق وصولا إلى ليبيا على كف عفريت وسيكون أكثر تعقيدا إلا إذا تظافرت الجهود من أجل تحجيم الحركات المتطرفة في أفغانستان وتبادل المعلومات الأمنية بين دول المنطقة حول تحركات هذه المجاميع المتطرفة وأخذ زمام المبادرة للإطاحة بهم".

من جانبه يقول المحلل السياسي علي حكمت شعيب، إن "الاستراتيجية الدبلوماسية المتبعة من قبل الجمهورية الإسلامية مع دول الخليج والداعية الى حسن الجوار وحل المشكلات بالحوار مع إعطاء إشارات إيجابية أنها لا تريد تغيير الأنظمة الملكية والأميرية والمشيخية فيها يخفف على دول الخليج مطالبة الأمريكي وإغرائه ليبقى الأمر الذي يساعد على انسحابه".

وبين ان "الأمر الآخر الذي يساهم في انسحاب الأمريكي هو تكبيده خسائر بشرية عند كل اعتداء يقوم به أو مماطلة لتنفيذ جدول الانسحاب ليبقى بشكل خفي تحت ستار سفارات تحوي دبلوماسيين هي أشبه بأوكار تجسس لديها جيش من القوات الخاصة الضاربة".

واوضح انه "لا ننسى أن قاعدة "زمن إضرب واهرب قد ولى" التي أطلقها الإمام الخامنئي (حفظه الله) يجب أن تُفعّل لأن التغاضي عنها سيجعل الأمريكي يقوم بحماقات لا حدود لها لكي ينسحب تاركاً دول محور المقاومة ضعيفة بعد اغتيال أبرز قادتها".

ولفت الى ان "إدارة بايدن ليس لديها متسع من الوقت للمناورة في الوقت الذي يتربص بها الجمهوريون وعلى رأسهم ترامب لاستلام دفة الحكم منها وهذا الضعف يجب أن يحسن استثماره محور المقاومة".

وفي ذات السياق يقول المحلل السياسي غسان الاستانبولي ان "وجود تيارات أمريكية متناقضة المصالح، لا يمكن من خلالها اخذ تنفيذ  التلميحات، و الوعود على محمل الجد، أو ما يوقّعون عليه من اتفاقيات، والأدلّة كثيرة على تنصّل الإدارات الأمريكية المُتعاقبة من تصريحات لكبار قادتها، وعلى سبيل المثال، الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما كان قد أطلق عشرات التصريحات، وعشرات الوعود، بأنّه سيقوم بسحب الجيش الأمريكي من أفغانستان، وهذا لم يحصل".

وبين انه "عندما أجبروا على الإنسحاب من العراق تحت ضربات المقاومة، قاموا بزيادة دعمهم لتنظيم القاعدة، كذلك بتصنيع ما يعرف بتنظيم "داعش"، ودعموه بكلّ شيء، (وهذا اعتراف لوزيرة خارجيتهم السابقة ولرئيسهم السابق)، وذلك لتكون العامل الذي سيحملهم إلى العراق مرة أخرى".

 واوضح انه " لو حدث الإنسحاب الأمريكي من المنطقة ، سيترك فراغاً كبيراً، ولن يستطيع طرف ملء هذا الفراغ سوى واحد من اثنين ، روسيا الصين".

ولفت الى انه "يقال أن الأمريكي سيسحب قواته ليضعها على حدود الصين وروسيا، والولايات المتحدة اتخذت قراراً نافذاً حتى الآن، وهو أنها لن تدخل بصراع عسكري بشكل مباشر، وإنّما ستعتمد على الوكلاء، ووكلاؤها يتواجدون على حدود كلتا الدولتين، وهم ليسوا بحاجة لتدعيمهم بمئات الجنود الأمريكيين".

واشار الى "أننا متأكدون من خروج هذه القوات، ولكن ذلك لن يتم  بالرغبة الأمريكية، ولن يتم بغير القوّة، وبغير العمل العسكري، والعمل المُقاوم، وأمامنا دليلان: انسحابها من بيروت عام 1984 م، وانسحابها من العراق عام 2011 م".

من جانبه يرى المحلل السياسي محمد فخري المولى ان " المنطقة منذ فترة تحت وطأة القبول او الرفض لخارطة القوى الجديدة، فالجمهورية الإسلامية وتركيا اضافة الى روسيا لهم أدوار فاعلة ومؤثرة لكن الاوضح دور الجمهورية لأنها لم تنظر لمصالحها الخاصة مثل تركيا وروسيا الذين نالو متغاهم".

وبين المولى انه "بعد مجيء بايدن، صاحب الرؤية الناعمة، اصبحت السياسية الجديدة بالمنطقة، تبتعد عن الحرب الصلبة فتجده يعيد ترتيب الأوراق العسكرية اولا".

ونوه الى "الجمهورية ستتجة بالمنطقة الى الاستقرار  بتوازن إقليمي جديد لينتهي المشهد بالعراق حجر استقرار  والتوازن بالمنطقة".

واشار الى ان "المقاتلين الامريكان سينسحبون لكن سيحاولون إحلال قوات بديلة مثل الناتو لاستمرار تدفق المعلومات والمراقبة".

من جهته يؤكد المحلل السياسي قاسم الغراوي أن "إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، باتت تخفض “بشكل حاد” من أعداد الأنظمة الأميركية المضادة للصواريخ في الشرق الأوسط، معظمها في السعودية، ضمن عملية إعادة تنظيم تتزامن مع تركيز الجيش على التحديات التي تشكلها الصين وروسيا الا انها لايمكن ان تغادر نهائيا بسبب تنامي المقاومة في المنطقة".

وبين ان "المتغيرات الاقليمية والدولية وبروز اقطاب قوية ترفض الهيمنة الامريكية ولاتؤمن بهيمنة القطب الواحد كالصين وايران وروسيا وهي تشكل موقفا موحدا تجاه السياسات الامريكية الخاطئة في منطقة الشرق الاوسط وتنامي القوة الاقتصادية للصين كمنافس قوي فان الادارة الامريكية جادة بسحب نظام "ثاد" المضاد للصواريخ من السعودية، إلى جانب تقليص أساطيل المقاتلات النفاثة المخصصة للمنطقة".

ولفت الى ان "عمليات الخفض الأخيرة كانت قد بدأت في وقت سابق من شهر حزيران الجاري، عقب مكالمة أبلغ فيها وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بشأن التغييرات لان غالبية المعدات العسكرية التي يتم سحبها هي من السعودية ونعتقد بان السعودية ستخفف من احتقانها تجاه جمهورية ايران الاسلامية بسبب هذا الانسحاب".

وتابع بقوله ان " تنامي قدرة المقاومة في الوصول لاهدافها وضرب المصالح الامريكية في كل مكان وتكبيدها الخسائر اضعف من قوة وسمعة امريكا في العالم ونعتقد ان خسائر امريكا ستتوالى في القريب العاجل وان الفعاليات السياسية والشعبية في العراق ستضغط اكثر لخروج القوات الامريكية لانها قصفت قوات الحشد الشعبي التي تمسك الحدود مع سوريا لمنع تسلل الارهابيين".

وحول ذات الموضوع استبعد الباحث والمحلّل السّيّاسيّ نبيل أحمد صافية ان " تنسحب اميركا من المنطقة ، وهي كانت تدّعي دوماً أنّها ستنسحب ، ولكنّ هذا الأمر إعلاميّ فقط ولن يتحقّق على أرض الواقع ، وهذه الاستراتيجيّة التي تدّعيها أمريكا ستبقى ضمن الخطاب الإعلاميّ الذي لن يجد صداه في المستوى المنظور حتّى لو سحبت جزءاً من قوّاتها أو آليّاتها العسكريّة سواء من سوريا أم العراق أو سواهما ".

واوضح صافية ان "الرّئيس الأمريكيّ السّابق ترامب أقال وزير دفاعه السابق لأنّه عارض سحب القوّات ، وهذا الأمر _ وفق اعتقادي _ غير دقيق ، ذلك أنّ الولايات المتّحدّة كثيراً ما كانت تتحدّث عن الانسحاب سواء من سوريا أم من العراق أم من  غيرهما ، ولكنّه في الواقع لا يعدو عن كونه إعادة انتشار ليس لا".

واشار الى ان "اتّفاق بغداد السّابق مع واشنطن على انسحاب خمسمئة جنديّ أمريكيّ من العراق ، وفق ما ورد يوم الأربعاء 18/11/2020 ، يعدّ تخفيضاً لعدد القوّات الأمريكيّة في العراق إلى ألفين وخمسمئة جنديّ ، مع العلم أنّ البرلمان العراقيّ كان قد صوّت بالأغلبية في الخامس من كانون الثّاني الماضي على إنهاء الوجود العسكريّ الأمريكيّ في البلاد بعد مقتل قائد فيلق القدس العميد قاسم سليمانيّ ونائب رئيس هيأة الحشد الشعبيّ السّيّد أبي مهدي المهندس".

ولفت الى ان " الولايات المتّحدة الأمريكيّة فشلت في العراق نتيجة التّخبّط في سياستها، وجاءت المخطّطات الآن لعدوان أمريكيّ جديد لتصفية الحشد الشّعبيّ وهو قوّة إقليميّة في المنطقة ، ومن المعلوم أنّ العراق كان مسرحاً أيضاً للصّراعات الدّوليّة وخصوصاً بين الولايات المتّحدة وإيران ، وأعتقد أنّ خروج الولايات المتّحدة من العراق لن يتمّ ، وهذا ما صرّح به أحد المسؤولين في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة سابقاً بقوله : " الولايات المتّحدة لن تنسحب من العراق ، نحن ملتزمون بالشّراكة والصّداقة معه".

وختم بقوله ان "لابدّ من الإشارة للاستراتيجيّة الجديدة لبايدن في المنطقة  بوجود تغييراتٍ بأسلوب الضّغط الذي يمارَس على دول  المنطقة ، وإنّ التّغلغل الأمريكيّ في المنطقة هو محاولة للسّيطرة على المعابر مع العراق ، والسّيطرة على منابع النّفط ومناجم الفوسفات وتهريب الآثار الموجودة في تلك المناطق ، ورسالة لتركيّا باستبدال قاعدة أنجرليك بأخرى على الأراضي السّوريّة".

الى ذلك يرى مدير مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية محمود الهاشمي ان "الرغبة الاميركية بالانسحاب من منطقة الشرق الاوسط  لم تأت في تلميحات وايماءات انما اعلن ذلك الرئيس الاميركي السابق (ترامب ) ولمرات وبالنص (لم تعد منطقة الشرق الاوسط من اولوياتنا )!".

وبين الهاشمي ان "الشرق الاوسط لم يكن يوما بعيدا عن المصالح الاميركية بل يعتبر القلب النابض للمصالح الاميركية لثلاثة اسباب اولها الموقع الجغرافي الذي يتوسط العالم واحاطته بالبحار والمحيطات والخلجان ،وبالاحتياط النفطي والغاز الكبير بالاضافة الى الوجود الاسرائيلي الذي يمثل ولاية من ولايات اميركا" .

ونوه الى ان "بدء التفكير الاستراتيجي الاميركي بالانسحاب من منطقة الشرق يعود لاسباب داخلية وخارجية ،حيث ان الازمة الاقتصادية التي تعصف بالولايات المتحدة منذ اربعين عاما والتي بدات تتصاعد لابسبب (جائحة كورونا) كما يدعون ".

واوضح الهاشمي ان " (الازمة الاقتصادية) التي يطول الحديث عن اسبابها ولكن باختصار ان النظام (الرأسمالي) بدأ (يصاب) بالشيخوخة اسوة باي حضارة تحمل اسباب قوتها وضعفها معا !اما اجتماعيا فان المجتمع الاميركي (لمم) ويخفي في داخله صراعا (عرقيا ) يمتد من مراحل التاسيس والحرب الاهلية التي راح ضحيتها الالاف ،ومعلوم ان هذه (التناقضات) تنفجر حين تتوفر لها الفرصة المناسبة ".

وزاد بحديث ان "الانفاق العسكري الكبير على القواعد الاميركية والبالغ عددها على الاغلب (650) قاعدة متوزعة على ارجاء ألعالم باتت تشكل ثقلا ماليا كبيرا على امريكا لذا فان تقليصها بات جزء من الاستراتيجية الاميركية او كما قال ترامب (المال مقابل الحماية )".

واشار الى انه "ليس من السهل ان تنسحب الولايات المتحدة من موقع استراتيجي مثل الشرق الاوسط لكن خياراتها باتت صعبة ،وباتت ترى ان الصين توازيها في المحيط الهادي الذي تقع الصين في ادناه واربع جمهوريات اميركية (ثلث سكان اميركا ) بالجهة الاخرى".

وتابع بقوله ان "الانسحاب يجب ان يسبقه محاولة صناعة تكتل من (اصدقاء اميركا) مثل (اسرائيل مصر الاردن المغرب وربما السودان مع تمويل خليجي ) مع فسح المجال امام تركيا الى المزيد من التمدد في مساحة (الامبراطورية العثمانية)".

واكد ان " الانسحاب يعني تشكيل تكتلات صغيرة تدعمها الكتل الكبيرة مثل مايسمى ب(الشام الجديد) ليضم العراق ومصر والاردن والحاق لبنان وسوريا والشتات الفلسطيني به وايجاد ارض لاسكان الفلسطينيين تحت رقابة الدول (العميلة)".

وبين ان "اميركا تضغط على روسيا لاشغالها في منطقة الاوراس والدول المنحلة عن الاتحاد السوفيتي السابق لابعاده عن الشرق الاوسط او التفاهم معه لتقسيم المصالح، مع خلق ازمات بالمنطقة خاصة بين تركيا التي تمثل الخط (السني ) وايران التي تمثل الخط الشيعي".