سعد الحريري على خطى مقتدى الصدر.. في التعليق والعودة


لا يختلف المشهد السياسي في لبنان عن نظيره في العراق من حيث المعايير المذهبية و القوميّة التي تجزّئ الشعب ، ومن حيث التأثيرات والتدخلات العربية  والاقليمية والدولية . يتشابه البلدان حتى في ” مصائب” الخدمات كالكهرباء ، وفي نقمة فوضى الديمقراطية والفساد ، وفي تدهور حالة الامن والاستقرار .
مُخرجات و نتائج الاوضاع السياسية والامنية متشابهة في سلبياتها بين العراق ولبنان ،رغم أنّ امريكا نظرياً تناصرْ العراق وعملياً تحاصر لبنان : المُخرجات و النتائج متقاربة وتكاد تكون متطابقة لولا ثروة النفط في العراق .
التقارب والتشابه بين المشهد السياسي اللبناني والمشهد السياسي العراقي ينتجان احياناً مواقف حزبية و سياسيّة وحكومية متقاربة .
   اعتزلَ السيد مقتدى الصدر مرتيّن : الاعتزال الاول كان في شهر شباط عام ٢٠١٤ ، و الاعتزال الثاني كان في شهر حزيران عام ٢٠٢١ ، و اعتزاله يعني ايضاً اعتزال اعضاء كتلته و انصاره . ولكن ،بعد كل اعتزال وانقطاع يعود وبقوة الى المسرح السياسي ، اي في الاعتزال ،يعود خطوة الى الوراء لكي يتقدّم بخطوات الى الأمام .
     هل سيهتدي السيد سعد الحريري بتجربة السيد مقتدى الصدر ، ويخطّط لعودة و لدور سياسي مدعوم لبنانياً و عربياً ودولياً ، و قبل اجراء الانتخابات في شهر مأيار /مايو المقبل ؟
    صمدَ الحريري في المشهد السياسي رغم التحديّات والصعوبات التي واجهها شخصياً وسياسياً و اقتصادياً ، و رغّم معارك الارهاب و انفجار مرفأ بيروت و سوء الأحوال، وكما اشارَ الى كُلَّ ذلك  في خطاب الوداع الذي القاه في ٢٠٢٢/١/٢٤ . فعلامّ اذاً اعتزاله ولبنان الآن على عتبة الدخول في مسار انفتاح عربي في مجال الطاقة ، وفي مرحلة تفهّم عربي و دولي لوضعه و لظروفه ؟
   لماذا الاعتزال وقد دفعَ ثمن  المرحلة؟
    واجه و يواجه السيد الحريري تحديّات سياسيّة لبنانيّة وتحديات عربية ودولية ،مَثَلُه مثلَ لبنان الدولة ولبنان الشعب ، ولبنان الاحزاب ، فهل يعتزلُ لبنان السياسة؟
عدم عودة الحريري الى المشهد السياسي وعدم التراجع عن قراره يسمحُ للمتتبع الاستنتاج بأنَّ الحريري كان مُرغماً وليس راغباً بما اقدمَ عليه! و إلاّ لما دعا اتباعه و قيادات التيار الى تعليق عملهم السياسي! وإلاّ لما اقدمَ على حرمان المسرح السياسي اللبناني من مشاركة مكّون اساسي و رئيسي الا وهو المكّون السُني!
هل يتصّور أحدْ المشهّد السياسي اللبناني دون مشاركة  المكوّن السنّي في الحياة السياسية ، وفي الانتخابات المقبلة؟ وهل يستطيع لاعبٌ جديد ( بهاء الحريري او غيرهِ ) لملمة تداعيات انسحاب سعد الحريري وضمان وحدة المكوّن السنّي في الانتخابات القادمة ؟
مَنْ له المصلحة في بعثّرة المكوّن السني وتفتيته وتوزيعه على شخصيات سُنية اخرى ،مناطقيّة او اجتماعيّة او عقائديّة؟
 هل ما يواجههُ الآن المكّون الشيعي في العراق من صعوبة التوحّد والاتفاق ، وما سيواجهه المكّون السنّي في لبنان ،بعد قرار الحريري تعليق دوره ودور تياره في العمل السياسي ، هو من محض الصدفة او بفعل فاعل وترتيب ؟
   في العراق ، ايران لم تترددّ ،في الدخول على خط توحيد المكّون الشيعي ( بين الاطار التنسيقي وبين الكتلة الصدرية ) ، فياترى مَنْ سيتدخل في لبنان من اجل اقناع السيد الحريري بالعدول  وبالتراجع عن قرارهِ ، وبالحفاظ على وحدة و تماسك المكوّن السنّي ؟ لبنان الداخل أم لبنان العرب أم لبنان ايران أم الأم الحنون (فرنسا)؟