استالين معلّم النّفاق والدّهاء السّياسيّ
كلُّنا سمع بشخصية جوزيف استالين ، وهو جورجي الأصل ، والقائد الثّاني للاتّحاد السّوفيتيّ ، حكم من منتصف القرن العشرين حتّى وفاته ، شغل منصب السّكرتير العام للجنة المركزيّة للحزب الشّبوعيّ السّوفيتيّ منذ عام 1922 حتّى 1952 ، ومنصب رئيس مجلس الدّولة منذ عام 1941م حتّى 1953 م ، وهو يتمتّع بشخصية قويّة ، ومن العلوم أنّه حكم الاتّحاد السّوفيتيّ فترة عُدّت مرحلة الازدهار للاتّحاد ، ورغم ما كان يُقال عنه لكنّ شخصيّته استطاعت التّأثير في كلّ المحيطين به وفي مختلف أنحاء العالم ، ليبقى رمزاً من رموز الدّهاء السّياسيّ على مستوى العالم برمّته ، وهو الذي كان يعيّن مَن يماثله دهاءً ويكثر من مُنافقته السّياسيّة ليظهر بصورة الشّخص الودود القريب من النّفوس ، ولعلّ القصّة التي سأذكرها مثالاً لدهائه السّياسيّ ، تلك القصّة التي عُرِفَت بما يسمّى " استالين والدّجاجة "، والتي تتمحور حول الآتي :
أراد جوزيف استالين أن يعلّم أعوانه دهاءً سياسيّاً ، فطلب من أحد خدمه إحضار دجاجة حيّة فأمسكها بقوّة في شماله ، وبدأ ينتف ريشها بيمناه _ رغم أنّها حيّة _ وحاولت الدّجاجة أن تتخلّص ممّا هي فيه من عذاب ، ولكنْ دون جدوى ، لأنّ استالين كان يزيد من نتف ريشها إلى أن بقيت عارية تماماً ، ودون أن تستطيع فعل شيء يُذكَر سوى ما تقوم به من إحداث ضجيج وحركات ، وهي بين يدَي استالين ، وهنا قال لأصدقائه :
" الآن راقبوا ماذا سيحدث ويحصل " ، فوقف أصدقاؤه مذهولين ممّا رأوه ، ولكنّ استالين وضع الدّجاجة المنتوفة على الأرض بكلّ هدوء وسموّ أخلاق ومُلاطفة ليبتعد عنها ، وهو يمسك بيده بضع حبّاتٍ من الشّعير ، وكانت دهشة الحضور أنّ الدّجاجة المنتوفة تركض نحوه وتتعلّق ببنطاله ليرمي لها المزيد من حبّات الشّعير ، وبدأ يتنقّل في أرجاء الغرفة أو المكتب الذي كان فيه والدّجاجة تتبعه أينما ذهب ، وهو يرمي لها بعض حبّات الشّعير التي لا تسدّ رمقها وبالكاد أن تبقيها على قيد الحياة وسط ذهول المحيطين به واندهاشهم .
وما لبث أن قال لهم :
" هكذا يمكنكم أن تعملوا ، أرأيتم كيف تلحقني هذه الدّجاجة رغم ما سبّبته لها من ألم " ، وهنا تعالت حالة التّصفيق لتلك الحنكة والدّهاء السّياسيّ بالأخلاق الوطنيّة التي ربّى عليها جوزيف استالين أعوانه وأصدقاءه ، كونه قدّم لهم درساً سياسيّاً في الدّهاء والخداع ، وهم أفادوا منه في حالة المكر والنّفاق ، فتعالت أصواتهم مدحاً وحبّاً له لتلميع صورته التي مازالت _ حتّى الآن _ رمزاً للكبرياء والسّمو في الأخلاق الوطنيّة ، وسنكون في مقال قادم عن استالين ودولة ( الصّهاينة ) اليهود في فلسطين .
الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : أ.
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية
التعليقات