ايران والصين وروسيا وفرص التطور المشرقي
يولد سياق التطور الصاعد لقوى الشرق العملاقة تحولات وتداعيات وفرصا كثيفة للنمو الاقتصادي وللتحرر من قيود الهيمنة والاستتباع في العالم الثالث ولاسيما في الشرق العربي.
أولا يوفر الواقع العالمي الجديد استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا وماليا كمية هائلة من الفرص السياسية والاقتصادية والتكنولوجية المناسبة لدول العالم النامية الساعية إلى اللحاق بركب التطور ونقل التكنولوجيا وتوطينها دون التفريط بالسيادة الوطنية وعبر نسيج الشراكة المتكافئة والندية مع الحواضر الشرقية البعيدة عن مناهج الهيمنة والاستتباع اللصوصي وبالتالي فإن بلداننا باتت قادرة من خلال نسق الشراكات الجديد على خوض غمار التنمية الصناعية والزراعية ونقل التكنولوجية من دون التفريط بالسيادة والاستقلال والمصالح الوطنية بأي قدر كان وليست قوى الشرق الحرة مجرد سند وحليف سياسي ضد تحكم الهيمنة الاستعمارية بالعالم بل هي توفر فرصة للاستقلال الاقتصادي ولإطلاق مسارات وطنية في النمو والتصنيع بالنسبة لبلدان العالم الثالث التي تتلمس طرقها للانعتاق ومن السيطرة الاستعمارية وتحكمها بالموارد.
ثانيا إن مضمون تجارب الشراكات التي قامت حتى اليوم بين الدول الحرة والمستقلة في الشرق والدول الأخرى في العالم الثالث بجسد نموذجا جديدا من التعامل الندي المتكافئ وهو من خارج منظومة الهيمنة والاستتباع اللصوصي ومفاهيمها وتقاليدها الاسترهانية التي فرضها وأرساها الغرب الصناعي تاريخيا وتمثل تجارب التنمية والتصنيع في كل من دول الشرق الصاعدة معينا لا ينضب للخبرات التي يمكن الاستفادة منها وتوطينها في البلدان التي تخوض معاركها الوطنية ضد مرتكزات الهيمنة وتشوهاتها الخطيرة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ودراسة تلك التجارب عن قرب ومعاينة الوقائع الملموسة وتمييز الخصوصيات واستنباط العبر والدروس هو شرط موجب لنجاح مسار التصنيع المستقل والتراكم الوطني للثروة الذي لا يمكن تحقيقه إلا في ظل سلطة وطنية متحررة من الهيمنة تضع خطتها الوطنية بناء على فهم الواقع بجميع عناصره وتلك هي الأسس التي ينبغي تحققها في البلدان الطامحة.
ثالثا في المشرق بالذات تنوع هائل في الموارد والثروات الطبيعية ومستوى التطور الاجتماعي والثقافي رغم ظواهر الفقر والتخلف التي ولدتها انهيارات والكماشات ناتجة عن شراسة النهب والاستتباع وبعضها افتعل بدافع التركيع وكسر ارادة المقاومة والاستقلال وقد شكل التفتيت الكياني واعتراض أي حركة تشابك وشراكة عابرة للحدود وشل قواها المحلية وخنقها أو حذفها وتصفيتها محتوى السياسات الاستعمارية منذ عقود بعيدة في المشرق وقد شهد كل من العراق وسورية ومصر والأردن ولبنان حركات ومؤامرات عنيفة تعكس التكالب الاستعماري ضد أي طموح وحدوي وشراكات عابرة للحدود أو تكتل قومي فاعل ومن هنا نشدد اليوم على البدايات الاقتصادية ومسارات الشراكة الواقعية من خارج المصنفات الشعاراتية ولترك التجربة الحية تبلور لغتها وتعبيراتها بحقائق الحياة وأنساق التحولات المنجزة عبر الحدود وثمار المنجزات الواقعية.
التعليقات