الجامعة وعار إقصاء سورية رغم التحولات
كانت سورية على الدوام وما تزال قلب العروبة النابض، وهي الدولة المركزية في المنطقة، المشعّة بمواقفها وخياراتها التحرّرية منذ عقود. وقد حرصت الحكومات الرجعية العربية دائما على العلاقات الجيدة مع دمشق التي حافظت على دور محوري في قلب المجموعة، وتعزّزت هيبتها بخيار وطني قومي مقاوم.
عندما تقرّر جامعة الدول العربية استمرار إقصاء سورية من عضويتها، فذلك لأن الجامعة باتت مستعمرة أميركية صهيونية، تضم حكومات تابعة وخاضعة، تذعن لأوامر واشنطن وتعليماتها. وقد كان نظريا، من المفترض أن يلاقي الأشقاء التعافي السوري بالدعم والاحتفال، وبالتنويه بما تحقّق على الأرض والتباري في مد يد المساعدة على مداواة جراح الحرب وازالة ندوبها وأثارها
ويتلبّس عار التورّط الدموي والخياني حكومات عربية عديدة، ساهمت في تمويل عصابات الإرهاب وتسويق الخراب في كذبة الثورة المزعومة، وحملت تدابير عدائية كثيرة، عانت منها سورية وما تزال، بصمات شقيقة. فكانت أشدّ إيلاما من فعل العدوان الاستعماري الصهيوني، الذي نشر الخراب والموت الى جانب ما فعلته عصابات التوحّش الدموي.
تؤكد الجامعة العربية اذعانها للمشيئة الأميركية وارتهانها كمؤسسة تعبّر عن خيارات الحكومات الذليلة، الخاضعة للسيد الأميركي بما يرمز اليه كرأس عالمي لأخطبوط الهيمنة الاستعمارية اللصوصية في العالم، ومنطقتنا على وجه الخصوص. وسورية التي هي قلب العروبة وركن المقاومة والتحرّر في المنطقة، وهي محكّ الفرز وموضع التحدي الوجودي للهيمنة وركائزها.
بعد هزيمة العدوان بفعل انتصار سورية وتعافيها بعد سنوات النار والدم، لم يبق من باب أمام التنمّر والتسلّط الاستعماري الأميركي الغربي سوى أدوات ووسائل لا تغيّر التوازن القاهر، ولا تبدّل في المعادلات التي ثبّتها انتصار سورية، وهي البرهان عليه.
سنوات الحرب المدمّرة كانت من تصميم وتنفيذ الدوائر الاستعمارية الصهيونية، وبمشاركة مباشرة من الحكومات العربية العميلة، التي ساهمت بأشكالٍ متعددة في هذه الحرب القذرة والبشعة على ركن المقاومة والتحرّر الأول في المنطقة
يعرف أركان الأنظمة العربية وسيدهم الأميركي الغربي وربيبهم الصهيوني أن سورية الأسد لا تساوم على مبادئها، ولا تتنازل عنها، وأنها ستكون دوما، بحضورها في أيّ مؤسسة عربية أو دولية، كما كانت دوما نبض التحرّر والتقدّم.
ميراث التواصل والتشاور مع سورية قبل القرار المشين، هو العينة والبرهان على مبدئية دمشق وصلابتها. وعلى الرغم من نجاح دبلوماسيّتها في صوغ المواقف بلغة ذكية وهادئة ورفيعة التهذيب.
رابطت خيارات سورية دائما في عصمة قومية متأصلة اتجاه التفريط بالحقوق وبالكرامة القومية مهما جرى وأيا كانت الضغوط والمغريات فلا الترغيب أو الترهيب أفلح في زحزحة سورية عن مواقفها المبدئية وضوابطها الصارمة ولطالما تحملت دمشق تبعات الموقف المبدئي بكل شرف واعتزاز وتنكبت انماط المقاومة المتناسبة دفاعا عن الحقوق والكرامة القومية فظلت شامخة وترنح المنحرفون في الخيبة والعار.
التعليقات