درعا والتحركات الأردنية.. في المضمون والأهداف


لا مجال للشك بأن ملف درعا في جنوب سورية، له حساسية سياسية وجغرافية، نظرا لقرب درعا من الحدود الفلسطينية، الأمر الذي يضع كافة اللاعبين الإقليمية والدوليين، أمام مقاربة تختلف نوعاً ما، عن باقي مناطق الجغرافية السورية، وعطفاً على ذلك، فإن درعا تُعد وبحسب مراقبي الشأن السوري، بوابة ما سُمي “الثورة السورية”، الأمر الذي يعطي محافظة درعا بُعداً مرتبط وبشكل مباشر، بالأجندات الإقليمية والدولية التي حيكت ولا تزال ضد الدولة السورية.
في ذات السياق، أكدت معلومات خاصة، أن التحركات الأردنية الأخيرة، لا سيما زيارة ملك الأردن عبدالله الثاني إلى واشنطن، ومن ثم زيارته إلى موسكو، إنما تأتي في إطار البحث عن حل لملف درعا، نتيجة الخشية الأردنية، من تداعيات سيطرة الجيش السوري، على كامل المحافظة.
في المعلومات، الأردن وبضوء أخضر أمريكي وأوروبي وإسرائيلي، يحمل ملف غاية في الأهمية إلى روسيا، فقد أكدت تلك المعلومات، بأن هناك مشروع تتبناه الدول السابقة، يتمحور حول إنشاء منطقة آمنة، ضمن الحدود السورية الاردنية، وذلك لهدفين:

الاول – الخشية الأردنية من تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى الأردن، وذلك هربا من أي عملية عسكرية متوقعة، الأمر الذي تضعه واشنطن وتل أبيب، ضمن الهواجس من تمدد إيران في الجنوب السوري، والاقتراب أكثر من الحدود الفلسطينية.

الثاني- هناك رغبات أوروبية بإنشاء مثل هذه المنطقة، وتكون خارج السيادة السورية، من أجل إعادة اللاجئين.

حقيقة الأمر، الأردن تم توريطه اقليمياً بملف الجنوب السوري، من هنا نفهم مجدداً أن التوجهات الأردنية في السياق السوري، جاءت عبر توجيه الرسائل للقيادة السورية، بغية إعادة الهدوء إلى الحدود الأردنية السورية، وعلى الجانب الأردني، فقد اضطر الجيش الاردني لاتخاذ تدابير احترازية على الحدود بعد عودة الصدام وبشكل عنيف، الأمر الذي قد يؤدي الى نزوح المزيد من اهالي قرى درعا باتجاه الاردن، الامر الذي يعتبره الاردن ايضاً تصعيداً خطيراً، فيما يتعلق باستقرار الوضع الحدودي.
التقارير الواردة إلى الاردنيين من درعا ومحيطها وقراها وجوارها، مستفزة امنياً و تثير القلق، خصوصاً وانها قد توحي  باشتراك جماعات مسلحة ينظر لها الاردن بعداء شديد، اذا ما تمكنت من البقاء لأي سبب في مناطق سوريا داخل جنوب البلاد وشمال المملكة، اضافة إلى أن الصراع العسكري اذا ما استجد ما بين الفصائل الإرهابية والجيش السوري، على اكتاف الحدود الشمالية الاردنية، فان ذلك قد يؤدي حسب القراءة الاردنية العميقة لمسار الاحداث الى استمرار الازمة الانسانية ،لا بل تضاعفها وتفاعلها، الامر الذي ينتج ضغطاً شديداً على البنية التحتية الاردنية، وعلى الواجب الامني والسياسي والدبلوماسي والسيادي الاردني، وهو ما لا تريده عمان تماما في هذه المرحلة.
الأردن ترجم هواجسه عبر الاعلان الذي قدمته وزارة الداخلية الاردنية بخصوص اغلاق معبر جابر مجدداً، على  سيناريوهات لا يرغب الاردن بالتعاطي معها اطلاقاً في المرحلة الحالية، خصوصاً بعد اندلاع الصدام العسكري مجدداً، وفي ظرف طارئ، وبدون تحديد بوصلة سياسية مرسومة لهذا الصراع في منطقة درعا جنوبي سوريا، وهي المنطقة الاكثر حساسية للأمن الاردني بسبب قربها الشديد من حدود شمال الاردن.
حقيقة الأمر، وبصرف النظر عن الهواجس الأردنية، وقراءة الموقف الأردني من تطورات الجنوب السوري، إلا أن مشروع تقسيم سوريا، هو مشروع قديم وجديد، لكن في العمق، فإن هذا المشروع إنما يُعد تقسيماً لسوريا في حال اكتماله، لكن يبقى التعويل على الموقف الروسي، وكذا موقف الدولة السورية الرافض لمثل هذه المشاريع. وبالتالي، فإن الدولة السورية عاقدة العزم، على تحرير كامل الجنوب السوري، الأمر الذي تتبناه إيران وروسيا، لكن تبقى الايام القادمة، حُبلى بالمزيد من التطورات.

المصدر: رأي اليوم