بكين وبغداد الفرص و التهديدات لتوسيع العلاقات في العصر الجديد
أن شكل العلاقة بين العراق و الصين تمتد الى جذور قديمة و علاقات حضارية و تجارية ضاربة في التاريخ تعود الى طريق الحرير القديم و تطورت هذه العلاقات مع الصين كونها كانت جارة للدولة الأسلامية في عصورها المزدهرة وبغداد كانت حاضرة الدولة الأسلامية و مركز الخلافة . تعد سوقاً رائجاً للبضائع الصينية .
وفي العصر الحديث و منذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عام 1958 شهدت العلاقات مع الصين نوعاً من التآلف و الأنسجام
اولاً لأن الصين لم يكن لها سياسة استعمارية في المنطقة و لأن الصين بلد متوازن في علاقاته السياسية مع دول المنطقة و لذلك لم تشهد هذه العلاقة أي توترات سياسية بين البلدين .
وبعد فترة عام 2003 شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً ملحوظاً خصوصاً في المجال الأقتصادي فاصبحت البضائع الصينية حاضرة وبقوة في السوق العراقي و منحت الصين التجار العراقين تسهيلات كثيرة .
و يأتي المشروع الحلم الذي تريده الصين بعد أنطلاقتها الأقتصادية الكبيرة اي طريق الحرير واعادة احياء هذاالطريق جعل العراق في واجهة الأهتمام الصيني بالمنطقة عموماً و بالعراق خصوصاً . حيث كانت هناك زيارات متراتبه لمسؤولين عراقين الى الصين في اكثر من مناسبة اخرها كانت زيارة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في أكبر وفد حكومي عراقي يزور الصين و يوقع سلسلة اتفاقيات لو كتب لها النجاح لتحول العراق الى بلد اخر من حيث السياسة و الأقتصاد إلا ان ارادات و اجندات خارجية و داخلية حالت دون تنفيذ هذه الأتفاقيات .
ويأتي الأهتمام الصيني بالعراق كونه يقع ضمن المجموعة الثالثة من الشركات الأستراتيجية للصين مع دول الشرق الأوسط .تضم عدداً من الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط و الاردن و الكويت و سلطنة عمان و قطر .
وبنظرة سريعة على الخارطة يقع العراق في قلب هذا المشروع الكبير مما جعل منه لاعباً رئيساً في الشرق الأوسط .
و تحول الصين الى لاعب مهم في الشرق الأوسط في العقود الأخيرة و استطاعت السياسة الناعمة الصينية القائمة على الأقتصاد و التنمية على ايجاد موطىء قدم قوي في المنطقة بنما لم يكن للصين اي وجود تأريخي في المنطقة . ونتيجة التطور الهائل في الأقتصاد الصيني و ما حققه من قفزات اصبحت الصين رسمياً المستورد رقم (1) للنفط الخام في عام 2015 . وبذلك اصبحت منطقة الشرق الأوسط محط اهتمام الصين لكون هذه المنطقة مصدر الطاقة الرئيسي المورد لها .
أن ما يحد من النفوذ و تحقيق الحلم الصيني في المنطقة و اتمام الأتفاقيات الأستراتيجة مع دول المنطقة و مع العراق . هو التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط و في العراق . إذ تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هذه المناطق عمق استراتيجي لها . و بالتالي لا تسمح للصين بالتمدد كثيراً في بالمنطقة خصوصاً في علاقاته مع دول الخليج و العراق . و تسعى بشتى الوسائل الى عرقلة هذه الخطط.
اما افاق العلاقة المستقبلية بين بغداد و بكين علاقة واعدة إذا ما أستثمر السياسون في العراق الفرص التي تقدمها الصين كون العراق ثالث مصدر للنفط الى الصين بعد السعودية و روسيا .و تمثل اتفاقية النفط مقابل الأعمار التي وقعها رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في 19 ايلول 2019 النقلة النوعية الكبرى لشكل هذه العلاقة . و هذه الاتفاقية الواسعة شملت وزرات ومؤسسات في الدولة العراقية شملت وزارات التجارة ، الخارجية ، الداخلية ، النفط، المالية ، الكهرباء ، الثقافة ، النقل و الصناعة .
كما تضمنت اعادة الأعمار الشامل و تنمية قطاع الأتصالات و تطوير تقنيات الأمن الداخلي و تخصيص ارض لبعثتين دبلوماسيتين بين البلدين و أنشاء مكتبة صينية في جامعة بغداد و اعداد خطة تنفيذية للتعاون الثقافي.
و تعمل الصين في نظرة مستقبلية الى زيادة تعاملها الأقتصادي مع العراق وجعله شريك اقتصادي مهم .و هناك وجود مهم للشركات الصينية في الاقتصاد العراقي خصوصاً في مجال الطاقة و البناء و الاتصالات .
وكان للشركات الصينية في مجال النفط حضوراً واضحاً في ظل مخاوف الشركات الغربية من التواجد و الأستثمار في العراق بسبب المخاوف الأمنية ونجحت شركات الطاقة الصينية في تطوير حقول النفط العراقية خصوصاً في جنوب العراق وهناك مقبولية من الشارع العراقي لتواجد الشركات الصينية في العراق كون هذه الشركات عملت على اقامة علاقات مع سكان المناطق و توظيف العمالة العراقية في مشاريعها مما يعطيها افضلية في تنفيذ المشاريع المستقبلية و فتح افاق اقتصادية اوسع
التعليقات