السلطة الفلسطينيّة حين يرتبطُ مُستقبلها بمستقبل أسرائيل: اسباب أفول السلطة


المقصود في العنوان ” السلطة الفلسطينيّة “، وليس القضيّة الفلسطينيّة. ارتبطَ مسار ومصير الاولى بمسار  وبمصير اسرائيل ، ومنذ اتفاقيات اوسلو ، في بداية تسعينات القرن الماضي ، في حين يرتبط مصير اسرائيل ،كيان مُحتلْ و مُغتصبْ ، بمصير حقيقة وعدالة القضيّة الفلسطينية ، القضيّة الفلسطينيّة هي التي تحدّد مصير اسرائيل وليس العكس .

لم تجنِ السلطة الفلسطينيّة من تعاونها مع اسرائيل ،وفقاً لاتفاقيات اوسلو ، غير الضعف والهوان والانحسار شعبياً وسياسياً ، وعلى المستوى المحلي والعربي والدولي . و مثلما فقدت اسرائيل قوة الردع و قوة التفوّق ، ليس ازاء دول ،وانما ازاء حركات وفصائل مقاومة ، كذلك فقدت السلطة الفلسطينية حضورها السياسي و دورها ازاء الشعب الفلسطيني وازاء الدول ،وحتى ازاء اسرائيل ، وهذا نتيجة ارتباط السلطة الفلسطينية بمصير اسرائيل ،فيصيبها ما يصيب اسرائيل ، بل و اكثر .

 اليوم تلجأ اسرائيل لمصر واحياناً للاردن  ، وليس الى السلطة الفلسطينية ، من اجل التوسط عند حركة حماس او حركة الجهاد الاسلامي لانهاء ردّهم العسكري على اعتداء اسرائيلي ، او من اجل طلب التهدئة وتحاشي اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية وفي غزّة والاراضي الفلسطينّية المحتلة .

     عوامل عديدة ساهمت في اضعاف الدور السياسي للسلطة الفلسطينيّة : اول هذه العوامل هو غدر اسرائيل ،وسعيها الدؤوب لانهاء القضية الفلسطينيّة ،ظّنت اسرائيل بقدرتها على انهاء القضيّة ، من خلال افراغ السلطة الفلسطينيّة من محتواها السياسي ، وجعلها سلطة أمنيّة لحماية اسرائيل ، ربما نجحت اسرائيل في ذلك ( في اضعاف السلطة ) ، ولكنها فشلت في تصفية القضيّة ،حيث انتقلت الاخيرة ( القضية ) الى أحضان مَنْ يرعاها و يسقيها دماً وتضحيات ويُعيدها الى مسار المقاومة والسلاح ،اي الى احضان حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبيّة و فصائل المقاومة الفلسطينيّة الاخرى .

      العامل الثاني الذي أضعفَ السلطة الفلسطينية هو قيام بعض الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع اسرائيل . أصبحَ لاسرائيل اكثر من رابط عربي ،علني و رسمي ، تعّول عليه في كل شأن عربياً ودولياً ، يخّصُ القضيّة الفلسطينية . حملة التطبيع الثانيّة ، والتي جرتْ برعاية الرئيس الامريكي السابق ، ترامب ، أشغلتها كلياً لاسرائيل ، وركنتْ اسرائيل جانباً السلطة الفلسطينية و القضية الفلسطينيّة ، ولولا النشاطات الميدانيّة والسياسيّة لفصائل المقاومة ، لكانت القضيّة في سُبات .

    العامل الثالث الذي أضعفَ السلطة الفلسطينية هو حصر تعاطي وتواصل السلطة مع المحور الامريكي العربي الاسرائيلي ، وعزوف السلطة عن التعامل و التعاطي سياسياً مع المحور الروسي العربي الايراني ،ما افقدَ السلطة ورقة الضغط و المساومة ، وحرمها من مصدر قوة آخر  ، وتدرك السلطة الفلسطينية اهميّة العلاقات الروسيّة الاسرائيلية ،والتأثير الذي تملكه روسيا على اسرائيل . وقد أشرنا الى قيادات السلطة الفلسطينية ، ومنهم المرحوم صائب عريقات ،و السيد الوزير رياض المالكي ، وفي اكثر من مناسبة رسميّة وشبه رسميّة جمعتنا واياهم ، بضرورة الاهتمام بالعلاقات الروسيّة الفلسطينية ، حيث سيكون لروسيا دور مهم في المنطقة وتأثير اهم على اسرائيل .

   العامل الرابع الذي اضعفَ السلطة الفلسطينية هو تعاملها مع القضيّة الفلسطينية من زواية آحادية الانتماء العربي للقضية او الانتماء القومي للقضية ،بيدَ ان الواقع و المشهد السياسي و الميداني للقضية يُبّرهُن على فاعلية الانتماء الاسلامي و الديني للقضيّة . اليوم اسماعيل هنيّة ، رئيس المكتب السياسي لحماس ، هو الذي يُستقبل في موسكو ، ويسلّم وزير خارجية روسيا رسالة الى الرئيس بوتين. واليوم تخشى اسرائيل من سلاح حماس والجهاد الاسلامي وتحركاتهما وعلاقاتهما السياسية و الميدانية مع المحور الروسي الايراني العربي .

أولمْ ترفدُ اسرائيل و جودها وكيانها المحتل بقوة انتمائها الديني ، وتطالب بيهودية كيانها المُحتل؟ فعلام ترّددْ السلطة الفلسطينية في التعامل مع القضيّة في ابعادها القومية والدينية  والانسانية ، والانفتاح على الدول والمحاور التي تتبنى هذه الابعاد ، ومن اجل فلسطين والقدس ولجمْ جرائم وظلم الاحتلال والكيان!

  المساحة الواسعة الشعبيّة والسياسية والعسكرية التي تشغلها حركات المقاومة الفلسطينية ،عربياً واقليمياً ودولياً ، مقارنة مع ما تشغله السلطة الفلسطينيّة، هل أصبحَ واقعياً وعملياً شعار وهدف السلطة ” بأنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وللقضيّة الفلسطينية”؟