هل انتهى عصر الفضائيات، كما انتهت الصحف الورقية، وإعلام الرب هو الأقوى


تشير كافة الدراسات أن زمن الفضائيات قد انتهى، وأصبح الاستثمار بالإعلام المتلفز مضيعة للوقت وخسارة للجهد والمال.

فقد لوحظ أن الشركات العملاقة المصنعة للتلفزيونات قد شهدت تراجعا كبيرا ببيع إنتاجها رغم التخفيضات الكبرى، مع العلم أن كافة الشركات المصنعة للتلفزيونات قد انتقلت بغالبيتها إلى صناعة التلفزيونات الذكية، ولكن رغم هذا التطور وانخفاض السعر، إلا أن التراجع ما زال مستمرا.

وتشير الدراسات أن سبب هذا التراجع هو الاستقلالية الفردية عند الأفراد، فلم يعد التلفاز قادر على جمع العائلة وحشدهم لمشاهدة برنامج واحد، في وقت محدد، كما كان الأمر قبل عشر سنوات، بل أصبح كل فرد يتمتع باستقلالية كاملة تتناسب مع وقته، فالذي يتابع مسلسلا معينا أو برنامجا يعمد إلى مشاهدته لاحقا عبر هاتفه الذكي على شبكة الإنترنت.

كما ان غالبية الاستديوهات العملاقة التابعة لفضائيات عريقة، أصبحت تتعامل بناتجها بما يتناسب مع شبكة الإنترنت إن كان بالجودة أو الوقت، مما يعني أن الأولوية اليوم هي للإنترنت، ويتم البث فضائيا كنوع من الروتين الزمني.

وتشير الدراسات أن ما يحدث مع الفضائيات هو ما حدث مع الصحف الورقية، مما يشير إلى أنها مسألة وقت قصير حتى تنقرض الفضائيات كما انقرضت الصحف المطبوعة تماما.

فالصحف الورقية التي ما زالت تطبع في بعض الدول، إنما تطبع على نفقة الدول والأحزاب الكبرى، لكن في الحقيقة أن عدد ما يباع من هذه الصحف لا يعادل مطالعة مقال واحد على موقع إلكتروني، والأعداد التي تطبع من الصحف الورقية، هو مرتبط بكمية الدعم الذي تتلقاه هذه الصحف، وهذا الأمر ينطبق تماما على القنوات الفضائية والمحلية، وخاصة الإعلام الحكومي الذي تموله الدول، أو الممول من جهات متمولة سياسية لغاية إعلامية.

مثلا أن الضخ المتسارع للأخبار ساعة حدوثها يحول نشرة الأخبار المحددة زمنيا إلى مجرد أرشيف، فالذي تابع طيلة النهار الأحداث لحظة حصولها لن يكون بحاجة إلى انتظار نشرة الأخبار للاطلاع عما  حدث وحصل في العالم.

المحصلة أن الفضائيات تستهتلك الكثير من الأموال والجهد، فحتما سيتم أما خفض تعرفة استئجار البث الفضائي وميزانية هذه الفضائيات، أو التوقف عن البث الفضائي واستثمار هذه الأموال في أسواق الإنترنت الإعلامية والتسويقية، وهذا ما يعتبر سباقا مع الوقت.

كما تشير الدراسات، أنه ثبت بان برامج التوك شو، وأيضا البرامج التفاعلية غير قادرة على إنتاج معرفة متأصلة وثابتة، وخاصة بظل الضخ الإعلامي الكثيف، كما أنه بسبب ضيق الوقت وكثرة العمل وزحمة السوشيال ميديا في التواصل، أصبح الإنسان عاجزا عن المكوث طويلا أمام برنامج للوصول إلى نتيجة ترضي المتابع أو الباحث والمراقب، بينما أن قرأة مقال بمدة لا تتجاوز الخمس دقائق قد تسمح بالوصول إلى فكرة وافية وربما شاملة، وتترسخ نوعا ما كمادة للنقاش أو ثقافة عامة، أو تؤسس لاتباع مذهب فكري أو سياسي جديد.

ومن غرائب النقاشات، التي تدور حول تعزيز وتطوير إنتاج المادة الإعلامية، هو الفهم السلوكي والسيكولوجي للنفس البشرية، وكان السؤال الكبير، لو ظهر نبي جديد اليوم وكان سيبشر لدينه الجديد، هل سيستخدم الكتابة، أم سيقوم ببث الفيديوهات، وكانت النتيجة بناء على دراسات وتقييم لاهم الأفلام الناجحة في العالم، أن سبب نجاح الأفلام هو السيناريو التي كتب لأجلها، وإنما التطور التكنولوجي في الإخراج ساهم بتطبيق فكرة الكاتب، مما يعني أن النجاح الأول والأخير هو للكلمة.

وهذه الكلمة هي التي ساهمت باستمرار الأديان لعشرات القرون، وكانت الإجابة من العهد القديم، “في البدء كان الكلمة” ويقابلها في القرآن الكريم أن أولا ما أمر به رسول الإسلام في القرآن هو “اقرأ” أي اقرأ الكلمة التي كانت في البدء.

وخلاصة البحث أن السيطرة الإعلامية القادمة رغم كل التطور، هي ملك من يجيد فن الكتابة.

لذلك وجب على كل مؤسسة حكومية وسياسية حتى الوسائل الإعلامية، الاستثمار في الكتاب الناجحين، فهم لن يأخذوا جهدا في إنتاج فيديو أو صرف الأموال الطائلة، يكفي أن يكون المقال ناجحا وهو سيحقق الغاية المنشودة، بصورة اسرع واسهل انتشارا.