ألاسلام السياسي وألاسلام ألمقاومْ، والاسلام الجهادي


يندرجُ ” مصطلح الاسلام السياسي ” بالنسبة لي في قائمة الاستخدامات السيئة للدين ، و مِنْ تبعات توظيفهِ تهّرأ المنظمومة القيميّة للفرد وللمجتمع وللدولة ، وهذا ، و للاسف ، ما نشهدهُ ،على سبيل المثال ،في العراق ؛ اعتقادات و ممارسات و طقوس شاذه ومنحرفه ، بأسم الدين ،ولغرض السلطة ، و بعنوان حزب او حركة او تيّار ، و لاتمتْ الى الاسلام بصلة. 
الاحزاب الدينية او ذات الطابع الديني في العراق او في المنطقة تمارس السياسة و تسعى الى السلطة ، ولا تمارس فرائض او قواعد الاسلام ، و لا تسعى لرضا الله ( عزه و جلْ ) و لا لضمان ماهو خيرٌ للعباد لا في الدنيا و لا في الاخرة . و ليست مُطالبة بذلك . شأنها شأن الاحزاب الاخرى الليبرالية او الاشتراكية . 
ألمُسميات الاسلامية لبعض الاحزاب والحركات والتيارات في المنطقة لا تُزكّي و لا تُبّرأ هذه الاحزاب و مُرادفاتها من لوث السياسة و مغريات السلطة ، والتضحية بالموعود الآخروي من اجل الفوز بالموجود الدنيوي .
لا يوجد اسلام سياسي ، و انما احزاب سياسية بمسميات اسلامية او دينيّة ، و من المفترض ان تلتزم ، اكثر من الاحزاب الاخرى ( التي لا تحمل مسميات اسلامية ) ، بقواعد لعبة السياسة ، وبما تبّقى من اخلاق في السياسة . لماذا ؟ لانها تتحمّل ألتزاميّن : التزام شرعي ( اسلامي ) يتمّمهُ التزام مدني ، يفرضه القانون ، و كلا الالتزاميّن يفرضان التحلي بالصدق والاخلاص و الوفاء وحب الوطن ، وعدم ارتكاب الفواحش ( الغش والفساد و الاغتيال ) ، الخ …
و يدرجُ اغلب السياسيين و الاعلاميين و المفكرين في الغرب الحركات و التنظيمات الارهابية والمسلحة و المتطرفة ( كداعش و النصرّة و جند الشام و طالبان وغيرهم ) في قائمة الاسلام السياسي ، الامر الذي أساء كثيراً الى الاحزاب و الحركات والتيارات السياسية ذات المُسميات الاسلامية ، و ضاعفَ فشلها .
فشلت الاحزاب السياسية ذات المُسميات الاسلامية في العراق و في المنطقة في تحقيق العدالة الاجتماعية و بناء الدولة والقضاء على الجهل والفساد ؛ وفشلتْ ايضاً في تحصين كياناتها من تُهم الفساد و المتاجرة بمقومات الدولة والاهتمام بالصفقات والسرقات، و بعض الاحزاب السياسية ذات المُسميات الاسلامية لم تترّددْ بالاعتراف بأسرائيل و التواصل مع اسرائيل ، مع تيقنّهم بأغتصاب هذا الكيان لفلسطين ، وظلمه المُعلن للشعب الفلسطيني ، وجرائمه بحق الفلسطينيين والشعوب العربيةالاخرى .
أُستدِرِجتْ الاحزاب السياسية ذات المُسميات الاسلامية في العراق وفي المنطقة ، وكذلك الاحزاب الاخرى الى فخْ الفشل و الانفصال عن القيم و المبادئ ، حين استهوت نيل السلطة على بناء الدولة ، والفساد والمال والمحسوبية بدلاً من القيم الفضيلة والكفاءة ، والتطبيع مع اسرائيل بدلاً من الالتزام بثوابت الامة وبكرامة الشعوب ومبادئ الحق و العدالة . وكان الامر مدروساً و محسوباً من قبل الدوائر الصهيونية و عملائهم ،كي تعّم الفوضى ،باسم الديمقراطية ، و يعّم الفساد بأسم الحرية ، وتطّبقْ سياسة الرجل غير المناسب في المكان المناسب لتعطيل مشروع بناء الدولة . 
فَشَلَ الاسلام السياسي ،او فشلَت الاحزاب السياسية ذات المُسميات الاسلامية ، كما اصفها ، و نجحَ الاسلام المُقاوم ، ومثالهُ حزب الله في لبنان و الحشد الشعبي و فصائل المقاومة في العراق . 
هدف الاول كان و لا يزال السلطة ، وعلى حساب الدولة والمجتمع ، وهدف الثاني ( الاسلام المقاوم ) حماية مقومات الدولة وسيادة وكرامة الشعب . كلاهما ( حزب الله والحشد الشعبي ) وكلٌ من حسب موقعه وبحسب بيئته ، يساهمان بحماية الوطن من الاحتلال ومن الارهاب ، هما من اجل الدولة ، وهذا هو سبب استهدافهما من قوى الامبريالية والصهيونية و عملائهم ، وتحاول هذه القوى ، دون نجاح ، تشويه صورتهما لدى الرأي العام ، وتقويض قوتهما . 
الاسلام المقاوم هو ليس الاسلام الجهادي الذي اقترن بالقاعدة وبداعش وبالمنظمات الارهابية والمتطرفة الاخرى . يزعم الاسلام الجهادي بأنَّ هدفه محاربة الكفّار ونشر الاسلام و اقامة الخلافة الاسلامية . ليس في ادبيات الاسلام الجهادي مصطلح المقاومة و حماية الشعوب الاسلامية ، بل تجربة الاسلام الجهادي دَلّتْ على تدمير ه للشعوب الاسلامية و تشويه الاسلام.