لبنان، اللعبه واللاعبون والمتلاعبون


يعتقد الكثير من المتابعين للشأن اللبناني ان ما يحصل فيه من انقسامات و تشظي على كافة المستويات الطائفية والاجتماعية وحتى بنفس الطائفه انما هو امر داخلي محض وان اقروا  ببعض المؤثرات الخارجيه على خجل
لكن الامر اعقد من ذلك بكثير اذ ما زلنا نعيش في زمن القناصل والذي يعتبر كل منهم مسؤلا عن فئة من مكونات الشعب اللبناني  و بنفس الوقت فإن هذه الفئة تعتبر نفسها تابعة ومحمية و حامية لمصالح هذا القنصل او ذاك. و عليه تبدأ اللعبة من هنا فلبنان يقع ضمن دائرة اللاعبون المحليون و المتلاعبون الاقليميون و زاد الامر تعقيدا اللاعبون الدوليون . فقد راينا مؤخرا ان شنكر الاميريكي 
اقر مباشرة بأن بلاده منعت انقاذ لبنان و اكثر انها هددت فرنسا لكي لا تعمل على المساعدة اللازمة  بسبب تضارب المصالح الاوروبية من جهة و الاميريكية من جهة اخرى و الاعرابية ايضا . و هذا مثال صغير على ما نورده الآن و نرى ايضا ان هؤلاء اللاعبون المحليون و المتلاعبون الخارجيون خاصة  يمارسون كل انواع الضغوط على لبنان لكي يزعن بمقاومته اولا واخيرا للمطالب والشروط الامريكيه التي بدورها تعمل على حماية العدوانية الصهيونيه  بمؤازرة الرجعية العربية وذلك بعد عجزهم عن المواجهه العسكريه مع المقاومه وللايضاح اكثر فإن امريكا لا تفرض حصارا اقتصاديا على الضعفاء بل على من تخشى المواجهة العسكرية معهم. مثل الصين. روسيا كوريا الشمالية ايران وكذلك حزب الله خاصة في هذه المنطقة الحساسة لما فيها من مخاطر كبرى على كافة المصالح  الغربية و حتى على الوجود الصهيوني الذي اصبح في طريقه الى الزوال الحتمي و هذا له دراسة خاصة نعمل عليها انشاء الله . 
مما يؤكد ايضا هذا الامر انه و بعد زيارة مسؤول المخابرات الاميريكية سي اي اي للكيان الصهيوني مؤخرا واجتماعه بقادة العدوان المستمر على المنطقة خرج الاجتماع بنتيجة واحدة وهي انه لا بديل جيد او افضل من الاتفاق النووي مع ايران .وهي التي تعتبر راس محور المقاومة مما يعزز و جهة نظرنا انه لا حرب قريبة تلوح في الافق لما لها من تداعيات جمة على كافة المصالح الغربية و قد قالها كبار قادة العدوان في ها آ رتس ان امريكا تركتنا وحدنا لمواجهة ايران بعد انسحابها من افغانستان و ان انسحابها من العراق و سوريا هو امر حتمي لذلك نرى ان التأثير و العلاقة العضوية التي تطورت بين اللاعبين المحليين و ما بين المتلاعبين الاقليميين و الدوليين اصبحت اكثر التصاقا و اكثر ترابطا و تأثيرا بردات الفعل المتبادلة لما يمكن ان يحصل داخل لبنان الذي كان سابقا مختبرا للصراعات الاقليمية و الدولية فاصبح بفضل قوة المقاومة خارج هذا السياق و لذلك اي تطورات داخلية امنية سيكون لها تداعيات على الساحتين الخارجيتين لذلك فإن الانفجار الاجتماعي و الامني الداخلي ممنوعين من قبل المتلاعبين الخارجيين و اخص بالذكر امريكا و اوروبا  لما سيكون من ارتدادات كبرى على مصالحهما معاً فمثلا الانفلات الامني و سقوط المؤسسات الامنية اللبنانية سيؤدي الى اعادة مشهد العام 1983 اي ظهور منظمات متشددة مجهولة المكان و تهدد المصالح الاميريكية تحديدا و ربما يصل الامر الى طرد كافة الغربيين من لبنان و هو امر لا ترغب امريكا به ابدا التي تعمل على بناء اكبر سفارة لها في الشرق الاوسط في منطقة عوكر حيث تضم مجمعات ضخمة و مهبط خاص للطائرات المروحية كذلك المصالح الاوروبية ستتضرر بشكل كبير لان هذا الانفجار الامني سيؤدي الى حركة نزوح جماعي كبير لكثير من المقيمين في لبنان من كافة الجنسيات خاصة بعد التدهور الاقتصادي الحاد و هنا لا بد من التذكير بان الجانب التركي ينتظر هكذا فرصة ليعمل على نقل النازحين و هو له خبرة كبيرة في هذا المجال عبر مرفأ طرابلس الذي بات يسيطر عليه بشكل كبير عبر الجماعات الكثيرة التي ترى فيه المنقذ و السلطان بعد فقدانها للزعامات الكبرى المحلية و عليه فإن التركي له حساباته الخاصة بهذا الامر للانتقام من اوروبا التي منعته من دخول النادي  الاوروبي بعد سنين طويلة من الابتزاز المتبادل . و كذلك الامر بعد خلافات كبرى على مصادر الطاقة في كل من ليبيا و سوريا و العراق و البحر المتوسط و بحر ايجه و هكذا نرى ان الواقع اللبناني هو ابعد بكثير عن التجاذبات الداخلية على شدتها من ان يكون بيد اللبنانيين انفسهم لما لهذة التطورات من ارتدادات كبرى على الاقليم و ما بعد الاقليم لذلك كنت أؤكد و ما زلت لا بل ترسخت القناعة اكثر بان لبنان غير مسموح له ان يقع في مطب الانفجار الداخلي حتى الآن و ايضا غير مسموح له بالتعافي بانتظار نضوج اللعبة بين اللاعبين الاقليميين و المتلاعبين الدوليين . وللتذكير فما جرى مؤخرا من احتباس لارزاق الناس عبر حجز المواد الاساسية للمحروقات الذي أدى الى تفاقم الوضع الداخلي الى مرحلة خطيرة قد تؤدي الى الانفجار الكبير عمد المتلاعبون الكبار الى وضع حد لهذا الامر وتدخلت القوى الامنية اللبنانية و بادرت إلى مداهمات كبرى الى مساحة الوطن لكل الاماكن المشبوهة بتخزين المحروقات و اظهرت الكميات الهائلة المخزنة و التي قدرت بملايين اللترات و عمدت الى اجبار اصحابها الى بيعها للناس بالقوة وصادرت كميات أخرى و جرى توزيعها مجانا على العامة مما ادى الى انحسار موجة الغضب الشعبي التي كانت تهدد الواقع الامني برمته . و السؤال هنا هل هذه المعلومات عن التخزين المشبوه وصلت فجأة إلى القوة الامنية ام انها كانت تعلم بوجودها و تنتظر الاوامر للانقضاض عليها و الافراج عنها للاسباب الكثيرة التي أوردناها . و هكذا ننتهي إلى الصيغة التي فرضها الواقع اللبناني الجديد بعد تطور مقاومته التي اذاقت العدوان الصهيوني انواع الذل المتعددة الوجوه .و هكذا فرض هذا الواقع تداعياته على كل المتدخلين بالشأن الداخلي اللبناني ولم يعد بمقدورهم أن ينفذوا اجنداتهم كما يتوافق مع مصالحهم الاستعمارية دون اخذهم بعين الاعتبار وجود هذه القوة الغير قابلة للتطويع .اي المقاومة الاسلامية.