الشباب وتهيئة الأرضية للسلوكيات الأخلاقية والمعنوية


يعيش عالمنا في هذه الأيام  معتركاً حاسماً يخوض جولاته العاملون الكادحون الذين يتطلعون إلى غد مشرق وكلما ازداد  الجبروت وطغيان الطاغوت ازدادت الجماعة المؤمنة ثقة بربها وقضيتها وهي ترتقي سلالم الزمن صعوداً على هامة التاريخ واعتلاء للظروف القاهرة وفي هذا الخضم العسير يأتي الفكر الوضاح والملهم للإمام الخميني الراحل(قدس الله روحه) ليفتح آفاقاً رحبة أمام كل مفكرينا وعلمائنا وشبابنا ليحلوا ما يعتري طريق الأمة من مشاكل أيديولوجية وفكرية بالاعتماد على النفس أولاً واستثمار طاقات الشباب ثانياً إضافة إلى العوامل الأخرى المؤثرة .

وليؤسسوا جيلا متكاملا يشع بنوره على العالم أجمع.

ومن أجل أن يؤدي الشباب دورهم على أحسن وجه لابد من بنائهم منذ نعومة أظفارهم على القيم والمبادئ الإسلامية و تهيئة الأرضية المناسبة لاكتساب السلوكيات الجيدة

 والأخلاق الحميدة و تدريبهم على أداء الأمانة .

الأمانة في الحفاظ على أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ضد طواغيت الحياة

 والأمانة في المبادرة إلى أعمالهم وتحمل مسؤولياتهم والتعاون فيما بينهم.

وإننا نعتقد جازمين بأن شبابنا بدؤوا مرحلة جديدة بالاتكال على الله والاعتماد على عزم وإرادة المخلصين من كل أرجاء المعمورة.

ولكي يصلوا في مجتمعنا الإنساني إلى مرحلة ،لم يكونوا جشعين ولاتوجد فيهم العصبية المذهبية ليعيشوا وبصورة أخوية بوحدة تامة يجب علينا تفهم فكرهم لأنه يعتبر من أهم المسائل لمستقبل الثورة الإسلامية، وهو يعني الاعتماد الكلي عليهم بأصالتهم وذلك بفسح المجال لهم في مجالات العمل وإعطائهم الدور الاقتصادي والسياسي ليسعوا أكثر ويحصنوا مستقبل الثورة بحصن متين كالبنيان المرصوص حتى كادوا أن يصلوا إلى مرحلة من التضامن إلى مقدار الأخوة التي عبر عنها الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)؛سأل الإمام من رجل: بكم هو مقدار الأخوة الإسلامية فيما بينكم ؟فأجاب الرجل :على أفضل ما يكون .

فقال الإمام :هل وصل إلى درجة ،أن أحدكم يأتي إلى متجر أخيه ويأخذ من صندوقه ما يحتاج إليه ،ويحس صاحب المال بالراحة ؟قال: لا.

فقال الإمام فإذن كيف قلت :إنه على أفضل ما يكون، إن الأخوة تكون في أعلى درجتها ،إذا كان جيب أحدكم لأخيه كجيبه الثاني لنفسه،وهكذا بالعكس(1)

فيجب أن يكون الاشتراك في الحياة المادية بين الأخوة ناشئاً عن الاشتراك الروحي ويجب أن تتحد الأرواح أولاً ثم الجيوب لا أن تكون الأرواح مشتتة ،وتوحيد الجيوب غصباً، وبهذه الحالة نضمن دورهم في الحفاظ على مستقبل الثورة الإسلامية  ونضمن وقوفهم ضد أي مستكبر كائناً من كان .

ولا يخفى علينا أن شبابنا اليوم يعي ما يريد و يرفض بالإجماع كل الأطروحات التي تكبل فكره الحر النظيف ويحارب كل أشكال الانحراف والفساد بحماسه الثوري المتصاعد معتمداً على توفيق الله وعونه وعلى وعي القيادة الحكيمة

 للإمام القائد دام ظله الشريف  وتشخيصها للمرض.

ولايتم الثبات في هذا الطريق إلا إن حافظت النفس على تهذيبها وارتقائها نحو الكمال عبر تعميق الإيمان من خلال التوعية الأخلاقية والثقافية فهي سنة إلهية صرح بها القرآن الكريم فقال:

(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)(2)

والتغيير النفسي إنما يتم إذا توافرت العناصر  التربوية الضرورية وفي طليعتها

الأخلاق، الوعي، الإخلاص، والعمل وفق المعتقد.

للحفاظ على الجيل الإسلامي الواعي المضحي من خلال التعلم الصحيح والقضاء على وسائل الانحراف .

وإن أشرنا إلى الشاب المؤمن ندرك مدى تزكيته لنفسه وقيمة شخصيته كإنسان مؤثر في المسيرة الاجتماعية تمام التأثير دون أن يتحول إلى ألعوبة بيد

 الآخرين.

فهو يتحمل على عاتقه أعباء دوام الثورة العظيمة التي كان لها الدور الأكبر في دفع عملية التربية وتنقية الأجواء والمساهمة في الأعمال الكبرى ودعم الحكومة الإسلامية وإطفاء نار المنافقين ليروا أن هذه الخصوصيات للثورة المباركة تعبر عن قدرة إعجازية إلهية ولطف الله الخفي ورحمته بالأمة الإسلامية جميعاً.

 وهذا ما أكد عليه سماحة الإمام القائد الخامنئي (دام ظله الشريف) في خطابه الموجه للشباب الخطوة الثانية للثورة الإسلامية في تاريخ الثالث عشر من شهر شباط من عام ألفين وتسعة عشر :

(إنّ السنوات والعقود المقبلة هي عقودكم، وأنتم من يجب أن تحموا ثورتكم بخبراتكم واندفاعكم وتُقرّبوها مهما أمكن من هدفها الكبير ألا وهو إيجاد الحضارة الإسلامية الحديثة والاستعداد لبزوغ شمس الوليّ الأعظم (أرواحنا فداه). ولكي نخطو خطوات راسخة في المستقبل، علينا معرفة الماضي بشكل صحيح واستلهام الدروس والعبر من التجارب.)(3).

_____________________

1-الكافي ج2

2-الرعد 11

3-مقتطف من خطاب القائد الخامنئي دام ظله الخطوة الثانية للثورة الإسلامية.

___________________

  لقد عُرفت الثورة الإسلامية  بأنها ثورة جماهيرية ،اشترك في تفجيرها جميع فئات الشعوب.

لأنها ثورة إسلامية ظافرة لم تختص بإيران فحسب ،بل كانت ثورة المسلمين والمستضعفين في كل مكان تتعلق بالإنسانية عموماً، لذا فإن الاحتفاء سنوياً بذكرى انتصارها ودراسة أبعادها وآثارها ، وأخذ العبر والدروس منها .والشعور

بالمسؤولية الكبيرة تجاهها والعمل في سبيل الحفاظ عليها وصيانتها من الأخطار والدفاع عن مبادئها والسعي لتحقيق أهدافها لا يختص كذلك بالجمهورية

 الإيرانية وأبنائها بل لكل المسلمين، لأن حادثة انتصار الثورة المباركة في إيران في الحادي عشر من شباط عام ١٩٧٩ جسدت عظمة الإسلام بأسمى صورها، حيث انتصر

الإسلام على الكفر، والحق على الباطل، والمستضعفون على المستكبرين ، وأقيمت حكومة المستضعفين وهبت نسائم الإسلام المحمدي

 الأصيل  ، ومنها فاح عطرها إلى أنحاء العالم، واستتبت حاكمية القرآن والحكومة

 الإسلامية في عصر وصف زوراً بأنه عصر القوى العظمى والقوى الشيطانية المستكبرة، وقرئ بيان الموت النهائي والفناء الأبدي للقوى العظمى على مآذن العالم الإسلامي .

وهكذا فإن هذه الحركة الإلهية كانت موفقة للشعوب المسلمة كافة لأنها ذات خصوصيات تعبر عن قدرة إعجازية إلهية ولطف الله الخفي ورحمته بالأمة

 الإسلامية جمعاء.

وأخيراً وليس آخراً لا نستطيع وصف شعورنا الممزوج بيقين وثقة أن الثورة

 الإسلامية قد أعطت الكثير بالرغم من عمرها القصير فقد استطاعت أن توصل

 الإسلام والمبادئ الأخلاقية والمعنوية فيه إلى كل مكان في العالم وذلك من

 خلال التقدم في مجالات متعددة في العمل من خلال الروح الإسلامية الجديدة التي خلفتها في نفوس جيل الشباب المسلم المعاصر ولازلنا بانتظار جديدها كل يوم بفكر شبابنا حماة هذه الثورة المؤيدة بنصر من الله تعالى .

وبكلمة...

 أنا على ثقة أن هناك الكثير من الأدباء والمفكرين العظماء خطوا أجمل الكلمات لوصف عظمة هذه المناسبة وأعلم أنني لا أستطيع منافستهم بحروفي القليلة ولكنني على يقين أنني كتبت كل كلمة بشوق ودمع ولهفة المشتاق لرؤية قائدي وسيدي الإمام الخامنئي (دام ظله الشريف) ولمباركته لي بقراءة كلماتي البسيطة هذه عسى أن تشفع لي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. 

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.