المهدي المنتظر: من هو؟
الجزء الثالث
السيد مؤمن الشبلنجي
أحد العلماء (السنة) الذين أثبتوا حقيقة الإمام المهدي وأنه الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة محمد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد هو (السيد مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي وهي قرية من قرى مصر بينها وبين بنها العسل مسيرة ساعتين المولود سنة نيف وخمسين بعد المائتين والألف وتربى في حجر والده وحفظ القرآن وتلقى علومه بالأزهر الشريف).
أي أن الرجل عاش في مصر نهاية عصر المماليك فلا يعقل أنه أثر من آثار (التمدد الشيعي الإيراني الصفوي) الذي لم نسمع عنه إلا منذ بضع سنوات، ولا يعقل أيضا أنه كتب ما كتب إرضاء لسلاطين المماليك أو تمهيدا للغزو الفرنسي الذي كنس دولتهم وألقى بها في مزابل التاريخ!!.
يقول الشيخ الشبلنجي في كتابه (نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار):
فصل: في ذكر مناقب محمد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم).
أمه أم ولد ويقال لها نرجس وقيل صقيل وقيل سوسن وكنيته أبو القاسم ولقبه الإمامية بالحجة والمهدي زالخلف الصالح والقائم والمنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي.
صفته: شاب مربوع القامة حسن الوجه والشعر يسيل شعره على منكبيه أقنى الأنف أجلى الجبهة، بوابه محمد بن عثمان وهو آخر الأئمة الإثني عشر على ما ذهب إليه الإمامية، وفي الفصول المهمة قيل أنه غاب في السرداب والحرس عليه سنة ست وستين ومائتين وفي الصواعق ويسمى بالقائم المنتظر قيل لأنه ستر بالمدينة وغاب فلم يعلم أين ذهب.
وذكر العلامة الشيخ ابن بطوطة في رحلته ما نصه: ثم وصلت إلى مدينة الحلة وهي مستطيلة مع الفرات وأهلها كلهم إمامية اثنا عشرية وبها مسجد على بابه ستر حرير يقولون أن محمد بن الحسن العسكري دخل هذا المسجد وغاب فيه وهو عندهم الإمام المهدي المنتظر وفي كل يوم يلبس آلة الحرب مائة منهم ويأتون باب المسجد ومعم دابة مسرجة ملجمة ومعم الطبول والبوقات ويقولون اخرج يا صاحب الزمان فقد كثر الظلم والفساد وهذا أوان خروجك ليفرق الله بك بين الحق والباطل ويقفون إلى الليل ثم يعودون وكذلك دأبهم.
وفي تاريخ ابن الوردي: ولد محمد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومائتين وتزعم الشيعة أنه دخل السرداب في دار أبيه بسر من رأى وأمه تنظر إليه فلم يعد إليها وكان عمره تسع سنين وذلك سنة خمس وستين[4].
وما زال النقل عن الشيخ الشبلنجي: قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان): من الأدلة على كون المهدي حيا باقيا بعد غيبته وإلى الآن وأنه لا امتناع في بقائه بقاء عيسى بن مريم والخضر وإلياس من أولياء الله تعالى وبقاء الأعور الدجال وإبليس اللعين من أعداء الله تعالى وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنة[5].
يقول الشيخ الشبلنجي تحت عنوان (تتمة في الكلام على أخبار المهدي):
واعلم أنهم اختلفوا فيه هل هو من ولد الحسن السبط رضي الله عنهما وهو ما رواه أبو داود في سننه وذهب إليه المناوي في كبيره وكأن سره تركه الخلافة لله عز وجل شفقة على الأمة، أو من ولد الحسين السبط رضي الله عنه قال بعضهم وهو الصحيح اسمه أحمد أو محمد بن عبد الله قال القطب الشعراني في اليواقيت والجواهر: المهدي من ولد الإمام الحسن العسكري ابن الحسين ومولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين بعد الألف وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي المدفون فوق كوم الريش المطل على بركة الرطل بمصر المحروسة ووافقه على ذلك سيدي علي الخواص[6].
الجهلُ نورٌ والعلمُ ضلالٌ!!!
هذا هو واقع الحال بالنسبة لكثير من المسلمين الذين جعلوا علمهم جهلا ويقينهم شكا وتركهم الله في ظلمات لا يبصرون!!.
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ)[7].
كثير ممن سماهم الناس بالعلماء وهم من أجهل خلق الله وأضعفهم عقلا كما وصفهم إمام الأمة علي بن أبي طالب بقوله (وَرَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا مُوضِعٌ فِي جُهَّالِ الْأُمَّةِ عَادٍ فِي أَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ عَمٍ بِمَا فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالِماً وَلَيْسَ بِهِ، بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ مَاءٍ آجِنٍ وَاكْتَنز مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً رَثًّا مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وَإِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ لَمْ يَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ يَذْرُو الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ لَا مَلِيٌّ وَاللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَلَا أَهْلٌ لِمَا قُرِّظَ بِهِ لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ وَلَا يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ)، ممن خاضوا في هذه المسألة رجما بالغيب (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ)[8].
ابن حجر الهيثمي!!!
أحد هؤلاء (ابن حجر الهيتمي) الذي نفى أن يكون المهدي من ولد الإمام الحسين عليه السلام قائلا: ورواية كونه من ولد الحسين واهية جدا ومع ذلك لا حجة فيه لما زعمته الرافضة أن المهدي هو الإمام أبوالقاسم محمد الحجة بن الحسن العسكري ثاني عشر الأئمة الآتين في الفصل الآتي على اعتقاد الإمامية ومما يرد عليهم ما صح أن اسم أبي المهدي يوافق اسم أبي النبي واسم أبي محمد الحجة لا يوافق ذلك ويرده أيضا قول علي بن أبي طالب مولد المهدي بالمدينة ومحمد الحجة هذ إنما ولد بسر من رأى سنة خمس وخمسين ومائتين والقائلون من الرافضة بأن الحجة هذا هو المهدي يقولون لم يخلف أبوه غيره ومات وعمره خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة كما آتاها يحيى عليه الصلاة والسلام صبيا وجعله إماما في حال الطفولية كما جعل عيسى عليه السلام كذلك توفي أبوه بسر من رأى وتسَتَر هو بالمدينة وله غيبتان صغرى من منذ ولادته إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وكبرى وفي آخرها يقوم وكان فقده يوم الجمعة سنة ست وتسعين ومائتين فلم يدر أين ذهب خاف على نفسه فغاب فقال ابن خلكان والشيعة ترى فيه أنه المنتظر والقائم المهدي وهو صاحب السرداب عندهم وأقاويلهم فيه كثيرة وهم ينتظرون خروجه آخر الزمان من السرداب بسر من رأى دخله في دار أبيه وأمه تنظر إليه سنة خمس وستين ومائتين وعمره حينئذ تسع سنين فلم يعد يخرج إليها وقيل دخله وعمره أربع وقيل خمس وقيل سبعة عشر. انتهى ملخصا
والكثير على أن العسكري لم يكن له ولد لطلب أخيه جعفر ميراثه من تركته لما مات فدل طلبه أن أخاه لا ولد له وإلا لم يسعه الطلب وحكى السبكي عن جمهور الرافضة أﻧﻬم قائلون بأنه لا عقب للعسكري وأنه لم يثبت له ولد بعد أن تعصب قوم لإثباته وأن أخاه جعفرا أخذ ميراثه وجعفر هذا ضللته فرقة من الشيعة ونسبوه للكذب في ادعائه ميراث أخيه ولذا سموه واتبعه فرقة وأثبتوا له الإمامة والحاصل أﻧﻬم تنازعوا في المنتظر بعد وفاة العسكري على عشرين فرقة وأن الجمهور غير الإمامية على أن المهدي غير الحجة هذا إذ تغيب شخص هذه المدة المديدة من خوارق العادات فلو كان هو لكان وصفه بذلك أظهر من وصفه بغير ذلك مما مر ثم المقرر في الشريعة المطهرة أن الصغير لا تصح ولايته فكيف ساغ لهؤلاء الحمقى المغفلين أن يزعموا إمامة من
عمره خمس سنين وأنه أوتي الحكم صبيا مع أنه لم يخبر به ما ذلك إلا مجازفة وجراءة على الشريعة الغراء. انتهى النقل.
كان هذا كلام (الناصبي) ابن حجر الهيثمي الذي لا يتوانى عن وصف الشيعة ونبذهم بلقب (الرافضة) ولو كان بوسعه نفي ولادة الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام لنفى، إلا أن المشهور المنقول بين (علماء) المسلمين ولادته عام 255 هـ وأن ما يروج لها خط الانحراف حاليا أن (الإمام الحسن العسكري لا ولد له) ليست سوى زعما منسوبا لمن وصفهم ابن حجر (بالكثير أن العسكري لم يكن له ولد لطلب أخيه جعفر ميراثه من تركته لما مات فدل طلبه أن أخاه لا ولد له وإلا لم يسعه الطلب) فضلا عن (حكاية السبكي عن جمهور الرافضة أﻧﻬم قائلون بأنه لا عقب للعسكري وأنه لم يثبت له ولد بعد أن تعصب قوم لإثباته وأن أخاه جعفرا أخذ ميراثه)!!!.
خلاصة ما قاله ابن حجر الهيثمي: أن الخبر بولادة أبي القاسم محمد بن الحسن العسكري أي المهدي المنتظر خبر شائع ورائج وأن محاولته نفي الخبر فيستند ل(أعاليل بأباطيل وأضاليل) رغم أن الإثبات مقدم على النفي خاصة في قضايا النسب والميراث وأن فتح الباب أمام هذا النوع من التشكيك دون بينة قاطعة ولا برهان ولا دليل سيفتح أبواب جهنم ليس فقط على المسلمين بل على البشرية بأسرها.
كما أن شهادة أهل أي بيت على نسبهم وميراثهم مقدم ومصدق على شهادات الآخرين كما في الفقرة التالية.
التعليقات