شواهد للإستعبار وللتاريخ:هكذا واجه المالكي “داعش”..وهكذا تصرف عبد الغني مع “طالبان”


حقائق ووقائع عشّناها عن حدث الامس (داعش نحو بغداد عام ٢٠١٤)، ومشاهد نراها ونعيشها عن حدثَ اليوم (تقدّم طالبان نحو كابول ).
أكتبُ عنها انصافاً للحقيقة وتوثيقاً للتاريخ ولاستخلاص الدروس والعبر.
إعادة قراءة حدث الامس في ضوء مُعطيات وظروف أنتّجت وواكبت حدثْ اليوم.
لقد ساهمت الولايات المتحدة الاميركية في إنتاج واخراج الحدثيّن. فالادارة الامريكية ذاتها الحزب الحاكم ذاته أيضا (الحزب الديمقراطي)؛ الرئيس الاسبق اوباما و مساعده بايدن أخرجا او ساهما او رعيا حدث داعش في الموصل في العراق عام ٢٠١٤، واليوم الرئيس بايدن و ادارته يرعيان حدث اليوم،  طالبان  وسقوط كابول .
الدول التي موّلت وسلّحت  ودرّبت الجماعات المسلّحة  والارهابية وداعش في العراق  وفي سوريا وفي لبنان ( امريكا و قطر و تركيا و غيرهم)، هي ذاتها ساهمت في تأهيل وتمكين طالبان سياسياً ودولياً، وهي ذاتها تدير اليوم انتقال السلطة الى طالبان.
ودور الدول المذكورة في دعم  ورعاية الجماعات المسلحّة والارهابية ليس هو اتهاماً ولم يُعدْ خافياً، فذكرْ هذا الدور وكشفه وردَ صراحة على لسان الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ، وفي اكثر من مناسبة ،  ووردَ ايضاً ، وفي اكثر من تصريح متلفز ، على لسان الشيخ حمد بن جاسم آل ثان ، رئيس وزراء قطر الاسبق و وزير خارجيتها الاسبق.
سقوط الولايات الافغانية، الواحدة تلو الاخرى وسرعة سقوط كابول ، احداث توحي للمتتبع بسيناريو مُعدْ مسبقاً  ومُتفق على تنفيذه وبدقّة ، من قبل حركة طالبان ؛ سيناريو يُعيدنا الى احداث العراق  وسقوط الموصل ومجزرة سبايكر وزحف الجماعات الارهابية وداعش نحو بغداد ، و يؤكّد لنا ايضاً بأنَّ أحداث العراق لم تكْ دون دراية وتأليف ورعاية امريكية اقليمية.
نجحَ سيناريو افغانستان وفشلَ سيناريو العراق عام ٢٠١٤.
لم يصمدْ الرئيس الافغاني أشرف عبد الغني ولمْ يمتلك مقومات الصمود و المقاومة بسبب اعتماده كلياً على امريكا، وعلى قيادات عسكرية غير موالية للدولة، ولا يمتلكُ ظهيرا او سندا دوليا او أقليميا. ومشهد خروجه من افغانستان وهو متوجّه وحيداً للطائرة لا يختلف عن مشهد مسافر وقد حانت ساعة رحيله، او ممُثل انهى عمله او أدّى دوره.
   وفشلَ سيناريو العراق عام ٢٠١٤ ، بالرغم من أنَّ الامكانات اللوجستيّة و التسليحية والاعلامية لداعش اكبر بكثير من ما تمتلكه حركة طالبان ، وبالرغم من اقتراب فصائل و جماعات داعش تخوم بغداد. لم يهرب حينها رئيس وزراء العراق الاسبق، و القائد العام للقوات المسلحة السيد نوري المالكي ، صمدَ وثبتَ رغم غدر الادارة الامريكية ورفضْ الرئيس الامريكي الاسبق السيد اوباما لطلب السيد المالكي بدعم او بمساعدة العراق عسكرياً ، ووفقاً لبنود الاتفاقية الاستراتيجية الموقعّة بين البلدين.
بعد رفض الادارة الاميركية، تصرّف السيد المالكي وقادَ زمام المبادرة من اجل استحصال دعم المرجعيّة الرشيدة بفتوى الجهاد الكفائي ، وتشكيل الحشد الشعبي، كذلك ، أسرعَ السيد المالكي ، ولدرء الخطر والانهيار بطلب السلاح من ايران ، التي باشرت على الفور بتعزيز مقاتلي الجيش العراقي والحشد الشعبي بالسلاح والذخيرة والاستشارة والدعم اللوجستي. هذه هي المقومات الثلاثة التي حالت دون نجاح سيناريو احتلال العراق من قبل داعش وإقامة دولة الخلافة الإسلامية: شجاعة وصمود وثبات وتصّرف السيد رئيس وزراء الاسبق نوري المالكي،  وفتوى المرجعيّة وتأسيس الحشد الشعبي ، والدعم العسكري السريع  الذي حظي به العراق من ايران .
 فشلْ المخطط الصهيوني الامبريالي الرجعي تجاه العراق ، وكذلك تجاه سوريا ، بإعتبارهما اذرع ايرانية ، حسب التوصيف الاسرائيلي ، دفعَ بأصحاب هذا المخطط الى تطبيقة في افغانستان باعتبار افغانستان هي الساحة الخلفية لايران ، ومن الممكن جداً اشغال ايران وروسيا والصين، اي اشغال  وارهاق المحور الاسيوي ،الذي يشكل تحدياً استراتيجياً للهيمنة الصهيونية الامريكية الاسرائيلية.
لن ينجح المخطط الصهيوني الامريكي في افغانستان، ولن تمتلك طالبان مقومات تنفيذ المخطط ، والهادف الى اشغال  وازعاج المحور الاسيوي ( روسيا ،ايران ،الصين )، العلاقة الطالبانية الامريكية لن  تستمرْ طويلاً ، وهدف طالبان البقاء في السلطة ، وتحقيق الهدف يتوقف على قدرة طالبان في بناء دولة ذات علاقات سياسية متوازنة وايجابية مع الدول المجاورة .كما انَّ الدول المجاورة لافغانستان ( ايران والصين و روسيا) بادرت ومنذ مدة بالتواصل رسمياً وسياسياً بالحركة، وهي على استعداد، وخاصة الصين، لمد يد العون والمساعدة اقتصادياً الى الحركة.