الإعلام الشيعي وعقدة الذنب والثقافة الرخوة!!!


(وَبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ وَأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ فَهُمْ بَيْنَ شَرِيدٍ نَادٍّ وَخَائِفٍ مَقْمُوعٍ وَسَاكِتٍ مَكْعُومٍ وَدَاعٍ مُخْلِصٍ وَثَكْلَانَ مُوجَعٍ قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّةُ وَشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ فَهُمْ فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلُّوا وَ قُهِرُوا حَتَّى ذَلُّوا وَ قُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا).
الإمام علي بن أبي طالب ع.
قطعا ليس كل الشيعة يعلن تأييده للمقاومة الإسلامية وبين من لا يعلن تأييده هناك من يقف منها موقفا سلبيا.
الزعم إذا بانقسام الدنيا إلى معسكرين، معسكر مقاومة مقابل من لا يؤمن بها كلام يحتاج إلى تدقيق وتمحيص فالانقسام الأصلي كان ولا زال بين من يعتقد بولاية أهل البيت ومن يقف منها موقف الضد خاصة وأن بين من يمارس المقاومة قولا وفعلا هناك من يفعل ذلك من منطلق وطني وهو لا يؤمن بولاية أهل البيت ولا يراها ركنا من أركان الدين وليس هذا داعيا لاتباع سلوك خشن معهم.
الحديث الآن عن (ثقافة المقاومة) حديث سياسي لا عقائدي.
في الإطار الأوسع هناك ثقافة ومدرسة أهل بيت النبوة وامتدادتها وقد تعرضوا طيلة القرون الماضية لحروب الإبادة والتشنيع مما دفع البعض لالتزام المرونة في التعاطي مع الآخر المختلف وصولا لاستخدام التقية، إلا أن الكارثة تبدأ عندما تصبح هذه المرونة نوعا من الرخاوة والطراوة وعدم الممانعة في التخلي عما لا يجوز التخلي عنه وتقديم تسهيلات وتنزيلات جبارة للأطراف المقابلة لعلها ترضى… ولن ترضى!!.
المرونة تحتاج إلى قوة وصلابة وقدرة على التحمل أما الرخاوة الثقافية فهي لا تقل سوءا عن الرخاوة في التعاطي مع الغاصب المحتل فكلاهما يؤدي إلى ذات المصير البائس.
الرخاوة الثقافية تعني أن تتخلى عن مصادر ثروتك الفكرية وما أنتجه العلماء والمفكرون والاستعانة بالمرتزقة الذين يأكلون على كل الموائد ممن هم على شاكلة ذلك القائل: الصلاة مع علي ع أتم، لكن الطعام مع معاوية أدسم وليست النائحة المستأجرة كالثكلى!!.
الرخاوة أن تتصور أن مزيدا من التنازلات وإنكار الذات الثقافية وتبني الأفكار الهلامية بعد وصفها بالوحدوية سيمنحك رضا قطيع الضباع الذين لا يعرف غير الغدر والنهش رغم أن أحدا لم يغدر بهم طيلة هذا التاريخ وكان الغدر دوما منهم.
البعض وبدلا من أن يحاسب نفسه على مواقفه الرخوة يزعم أن ما لحق بالشيعة من ضرر طيلة تاريخنا جاء بسبب عدم إبداء مزيد من الطراوة والرخاوة!!.
أيضا هناك معضلة الدمج بين الثقافة والإعلام حيث يرى الإعلاميون بسبب ما يعانونه من تورم وانتفاخ أنهم الأحكم والأفهم والأقدر وأليس من دور ولا مكان للمفكرين فهم الكل في الكل خاصة إن كانوا من سلالة أبو زكريا الطبال الذي آتاه الله العلم والحكمة وفصل الخطاب وآتيناه الحكم صبيا!!.
هذا ليس دمجا بل تجاوزا وجهلا وسوء أدب!!.
عندما يزعم أحد المفكرين الكبار أن التعصب المذهبي يمنع البعض من الإيمان بكرامات السير/ صلاح الدين الأيوبي مدمر الحضارة الإسلامية أو يقول آخر نحن نفتخر بانتماء الناصبي ابن خلدون للأمة الإسلامية وهو الذي انتحل كلامه عن العمران من وصية الإمام علي بن أبي طالب لمالك الأشتر ونسبه لنفسه دون خجل ولا وجل أو أن يطل علينا أبو زكريا ببهلوانياته كل يوم مطالبا إيانا باتباع سبيل الهدى والرشد لصاحبه ابن رشد!!.
ذات يوم سألت أحد الأصدقاء المراقبين لسيرك أبو زكريا: لماذا يصر هذا الكائن على استضافة نفايات الجماعات الإرهابية وفلول الإخوان وتقديمهم باعتبارهم مجددين وقادة للرأي ونجوما للفكر؟ فرد قائلا: هؤلاء لا يطيقون من هو أطول قامة منهم!!.
السؤال هو: ماذا بعد أن تضع الحرب أوزارها ويوضع السلاح جانبا؟!.
سيبقى لنا فريق الأكروبات الفكرية وسيسعى لتصدر مشهد يتصدره الآن بالفعل فهو المنظر وهو صاحب الانتصار ورمز الفخار!!.
سيقول البعض هذا أمر محال!! ونحن نقول: سيطالبون بنصيبهم والبقاء على نفس المنوال وكأنهم هم الذين ضحوا واستشهدوا وأن من ضحى واستشهد فعل ذلك بفضل تشجيعهم وفداء لدوام حالهم!!.
قطعا لسنا بغنى عن المرونة وضبط النفس وسعة الصدر والانفتاح على كل الأطياف الفكرية إلا أننا نعاني وربما تزداد معاناتنا من حالة الرخاوة والطراوة التي استمرأها البعض!!.