الامام الخميني (قدس) في ذكراه
مثَّل حدث الثورة الاسلامية في ايران عام 1979
انعطافة كبيرة ليس على مستوى المنطقة، بل تعداه الى العالم اجمع ،حيث ان ثورة تعلن عن هويتها (الاسلامية ) وتعتمد الاسلام منهجا وعقيدة تعد “مغامرة “كبرى ،في وقت غابت الهوية الاسلامية للامة بعد انهيار امبراطورياتها وغياب القيادات الفاعلة والمؤثرة ،واصبح الاسلام في نظر الكثيرين حبيس المساجد والصوامع ،وليس هنالك من يفكر ان يكون الاسلام عقيدة حاكمة .
ان المتابع في حياة قائد الثورة الاسلامية الامام الخميني (قدس) يدرك حجم الاصرار الذي كان لدى هذه الشخصية الاسلامية سواء في مؤلفاته او خطبه او في سلوكه العام وحياته اليومية ،فرغم حالة النفي الى تركيا ثم الى العراق والكويت فباريس وما تعرض له اثناء ذلك من ضغوط من حكومات هذه الدول الا انه رضوان الله عليه اصر على شرط اسقاط حكومة الشاه وبناء الدولة الاسلامية .
حين رفع الامام الخميني (قدس) شعار (لاشرقية لاغربية جمهورية اسلامية ) يكون كثيرون قدروا استحالة ذلك ،فالعالم يومها محكوم بنظريتين اما (رأسمالية ) متمثلة بالولايات المتحدة والقطب الغربي او (شيوعية ) متمثلة بالاتحاد السوفيتي ومن مثل وامن بهذه العقيدة وانخرط بالولاء لها لكن الامام (قدس) يعلم ان الاسلام هو الطريق والمنهج الصحيح لاستيعاب هموم الشعوب وايجاد الحلول لها في بعدها الروحي والمادي .
على الرغم من ان هوية الشعب الايراني (الاسلام ) وان هذه الارض تمتلك ارثا وتاريخا اسلاميا متميزا الا ان الواقع ابتعد كثيرا عن اسس هذه العقيدة بسبب الثقافة الغربية وما رسخته بالعقول من الجنوح عن القيم الدينية والاخلاقية لكن الامام الخميني (قدس) كان مؤمنا ان الفطرة الاسلامية قائمة بالنفوس وخاصة الشباب وحيث وصف قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي ، الامام الخميني (ره) بانه كان انسانا يمتلك خصوصيات بارزة ومن ابرزها روح التغيير مضيفا ان امامنا الجليل كان انسانا يطلب التغيير وينشد التحول ودوره لم يقتصر على كونه استاذا بل قائدا في ساحة الميدان.
ان الامام لم يقف في حدود (التنظير ) بل الى النزول الى الميدان وتحمل وزر هموم الامة وضغوط الطغاة ومايترتب على ذلك من مخاطر .
اذن الايمان بالتغيير واحد من اسس نجاح الثورة ،وان الشباب هم حملة هذا التغيير لما يمثلون من طاقة وحماس واندفاع .يقول السيد القائد الخامنئي عن الامام الخميني (قدس) :-
الامام الخميني ابدل روح التقاعس لدى الشعب الى روح العزة ، حيث لم تكن تخطر مطلقا على بال احد من الشعب بانه يمكن ان يتغلب وينتصر على ارادة اصحاب القوة.
ان مجرد اعلان العداء الى الاستكبار العالمي وخاصة الولايات المتحدة يعد مغامرة بدولة فتية تريد توا ان ترسخ تجربتها لكن الامام يرى الامور غير مايرى الاخرون ،لانه يرى ان هذا الاستكبار سيهوي وان الشيوعية ايلة الى الزوال ،وان اسرائيل ستمحى وفلسطين ستنتصر ،وحقا ذهبت الشيوعية الى (متحف التاريخ ) وبدأت اميركا بالهزال ،وبانت ملامح الانتصار في القضية الفلسطينية بعد واحد واربعين عاما من اعلان الامام (قدس).
لقد كان للامام الخميني (قدس) الاثر في بناء الانسان المسلم في ايران ،فقد ثبت العقيدة الاسلامية بالنفوس واعاد للامة ثقتها بنفسها وتاريخها ،فشرعوا بالبناء والعمران والاهتمام بالمؤسسات العلمية والفكرية ،فاصبح التطور العلمي مذهلا في دولة حديثة التجربة وباتت ايران تعد من الدول المتقدمة حضاريا وعلميا باغلب الميادين ناهيك عن عمقها الاستراتيجي في المنطقة والعالم والذي بات يهدد الكيانات العميلة والهزيلة بالمنطقة .
لقد اصبحت الثورة الاسلامية التي ورثت قوتها وصمودها وفكرها من فيض الأمام (قدس) محط احترام وتقدير شعوب الارض ،وبات من يفكر في اي خطوة بالمنطقة ان يضع القوة الاسلامية للثورة الاسلامية في حسابه ،وباتت الثورة جزء مهم من اي معادلة سياسية وجيوسياسية ولا يستطيع احد القفز على حضورها ووجودها وتأثيرها .
لقد غيرت الثورة الاسلامية بفضل قائدها ومفجرها الامام الخميني (قدس ) جميع المعادلات بالمنطقة لصالح الاسلام والمسلمين وفي هذا انتصار لارادة الله سبحانه وتعالى الذي الهم الثورة وقادتها هذا الفيض وحماهم وايدهم بنصره .
ونحن نكتب ونستذكر ذكرى رحيل الامام الخميني في ايامنا هذه انما نستذكر تاريخ الثورة الاسلامية منذ انطلاقتها وكيف استقبلت الملايين الامام لحظة نزوله من الطائرة التي تقله ثم نغور في عالم الثورة والتحديات التي واجهتها وكيف كان للامام رضوان الله عليه الدور في صناعة هذه الثورة وجعلها تقف على قدمها وان تفيض على شعوب الارض بخيراتها وافكارها لتكون للعالم منهجا للنجاح والصلاح .
كما نستذكر ان التشييع الذي تم لجنازة الامام لم يُشهد من قبل حيث الملايين التي شاركت وبكت وابنت وشيعت وجددت العهد للثورة والقائد، فالسلام عليك ياروح الله الامام الخميني في ذكراك المقدسة وعلى روحك الطاهرة التي كانت رمزاً للجهاد والتضحية والقيادة الروحية الحكيمة.
المصدر: ألواح طينية
التعليقات